انطلقت صباح اليوم الأربعاء، في بالعاصمة الباكستانية إسلام أباد، أعمال القمة ال13 لمنظمة التعاون الاقتصادي "إيكو"، التي تضم عشر دول، هي أذربيجان وأفغانستان وأوزبكستان وإيران وباكستان وتركيا وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان، حيث اجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة، أمس الثلاثاء، تمهيدًا للقمة، على أن يشارك في الاجتماعات التي ستستمر يومين، رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المنظمة، كما تعتزم الصينوروسيا إرسال مراقبين لحضور اجتماعات القمة. أعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مطار أتاتورك الدولي بإسطنبول، قبيل توجهه إلى العاصمة الباكستانية لحضور القمة، عن اعتقاده أنها ستشكل فرصة تاريخية للمنظمة، وأضاف أن القمة ستصادق على وثيقة رؤية 2025 للمنظمة، كما ستبحث تطبيق اتفاقية التجارة بين دول المنظمة في أسرع وقت ممكن، وأشار الرئيس التركي إلى أن قمة إسلام أباد تأتي في فترة تشهد فيها دول المنطقة تطورات حرجة، وتمر بأحداث تاريخية، كما أن الثقل السياسي والتجاري والاقتصادي العالمي لدول أوراسيا بدأ في التعاظم. ولفت أردوغان إلى أن تركيز القمة سينصب على ربط خطوط التجارة والاتصالات والنقل في المنطقة ببعضها بعضا، قائلًا إن المشروعات الكبيرة التي نفذتها تركيا في الفترة الأخيرة مثل مترو مرمراي، ونفق اوراسياوجسر يافوز سليم، وجسر عثمان غازي، والقطار السريع، صبت لصالح تقوية منظمة التعاون الاقتصادي، فيما قال وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، إن منظمة التعاون الاقتصادي لديها إمكانات كبيرة تؤهلها لأن تصبح لاعبًا إقليميًا مهمًا، ولابد من تكثيف الجهود من أجل استغلال هذه الإمكانات، واعتبر أن الخطوة الأولى التي لابد من اتخاذها تتمثل في وضع اتفاقية التجارة لمنظمة التعاون الاقتصادي قيد التنفيذ. من جهته، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن القمة ستبحث تطوير المنظمة وسبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وأضاف أن المنظمة مهمة جدًا بالنسبة لإيران، لأنها المنظمة الإقليمية الوحيدة التي إيران عضو ودولة مؤسسة فيها، وأكد روحاني أن "التعاون الاقتصادي" تشكل أرضية مناسبة لبناء منطقة أكثر أمنًا لشعوبهم. من المقرر أن يلتقي الرئيسان الإيراني والتركي، على هامش القمة، ويأتي اللقاء في وقت توترت فيه الأجواء كثيرًا بين الدولتين لدرجة وصفها مراقبون بأنها بداية حرب باردة أو قد تكون ساخنة إذا استمرت وتيرة التصعيد بين الطرفين، هذه الأجواء أشعلتها تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في البداية، منذ إجرائه جولة خليجية، حيث قال أثناء زيارته للبحرين منتصف فبراير الماضي، إن إيران تسعى ل"التوسّع الفارسي" في سوريا والعراق، مشيرًا إلى رفضه لتوجهات البعض لتقسيم سوريا والعراق، وضرورة عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام الظلم الحاصل هناك. وسبقت التصريحات الأردوغانية المثيرة للجدل، نظيرتها التي انتقد فيها كلًّا من إيرانوروسيا في 12 يناير الماضي، خلال لقاء ضمّه مع السفراء الأتراك، حيث قال حينها إن إيران وتّرت علاقتها مع السعودية ودول الخليج بشكل متعمد، من أجل توسيع رقعة الخلافات الطائفية، واتهم طهران باستغلال التطورات في دول مثل سوريا والعراق واليمن لتوسيع نطاق نفوذها، ومحاولة إشعال عملية خطيرة باتخاذها موقفًا يحوّل الخلافات الطائفية إلى صراع، كما هاجم روسيا، قائلًا إنها تعد الساحة لخلق دويلة سورية حول محافظة اللاذقية، وإنها تنفذ هجمات تستهدف التركمان هناك. تصريحات أردوغان أثارت غضب إيران كثيرًا، فردت بتصريحات مماثلة من وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، تزيد الأجواء اشتعالًا، وكأن أنقرة كانت تبحث عن الوقت المناسب لتنتقد فيه طهران في محاولة لكسب الود الخليجي والأمريكي، حيث انتقد أوغلو خلال مؤتمر ميونخ للأمن الذي انعقد في ألمانيا، الأسبوع الماضي، ما أسماها ب"سياسة إيرانية طائفية تهدف إلى تقويض البحرين والسعودية"، وقال إن لإيران دورًا يزعزع الاستقرار، خاصة أن طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق، ودعا جاويش أوغلو طهران لإنهاء الممارسات التي من شأنها زعزعة استقرار وأمن المنطقة. التصريحات المُعادية لطهران دفعت الأخيرة إلى الخروج عن صمتها وتحذير أنقرة من مغبة تكرارها، حيث استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي لدى طهران، رضا هاكان تكين، للاحتجاج على التصريحات، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، إن كلمات أوغلو في مؤتمر ميونيخ، ليست بناءة، وأضاف أن الأوضاع غير المستقرة في تركيا تسببت في نشوء سلوك غير طبيعي لدى مسؤوليها، وأن هذا السلوك ناتج غالبًا عن الغضب من الوقوع في مأزق ما، بسبب المشاكل الداخلية والخارجية التي تعاني منها هذه الدولة. وأكد أن إيران ستواصل صبرها على مثل هذه المهاترات، إلا أن لصبر إيران حدودًا، بحسب تعبيره، معربًا عن أمله في "أن يتحلّى الأتراك بالمزيد من الذكاء في تصريحاتهم تجاه إيران؛ كي لا نضطر إلى الرد"، فيما وصف وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مواقف أنقرة ب"اللامسؤولة"، وقال إن تركيا جارة ذاكرتها ضعيفة وناكرة للجميل، مضيفًا أن إيران تشفق على الحكومة التركية. الأزمة الدبلوماسية بين الطرفين الإيراني والتركي دفعت العديد من المراقبين إلى استبعاد إجراء مقابلة بين الرئيسين، فيما رجح آخرون أن يتم إجراء مقابلة بينهما تحاول فيها تركيا امتصاص التوتر والغضب الإيراني دون العودة عن المواقف التي اتخذتها، لكن إيران قد فهمت الاستراتيجية الازدواجية التركية التي مزقت جدار الثقة بين أنقرةوطهران، فأنقرة لاتزال بحاجة إلى الدعم الخليجي الأمريكي لها في سوريا، خاصة بعد أن أحرزت تقدما في مدينة الباب، وأعربت عن نيتها التحرك باتجاه بلدة منبج وفق خطة متفق عليها مسبقًا، وفق قول الرئيس التركي، الأمر الذي يعني أن خطط تركيا وأحلامها لاتزال تتضارب مع تحركات روسياوإيران في سوريا، ما يجعلها تحتاج إلى دعم خليجي أمريكي متوافق مع خططها في سوريا.