تعد مدينة الباب في شمال سوريا، آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي في البلاد، وهي عرضة للاعتداء من قِبَل القوات العسكرية من مختلف الانتماءات، سواء من الجيش السوري أو المتمردين المدعومين من تركيا، وكليهما أعداء. ويتسابق كلاما للاستيلاء على المدينة، في اختبار لكيفية إعادة القوى العالمية الداعمة للخصوم في سوريا، وإمكانية مساعدتها في إعادة تشكيل أو إنهاء الصراع المستمر منذ نحو ست سنوات. كان نحو 100 ألف شخص يسكنون مدينة الباب في بداية حرب عام 2011، وهي آخر منطقة حضرية سيطر عليها تنظيم داعش بحكم وقوعها غرب مدينة الرقة، حيث لا يزال التنظيم الإرهابي يسيطر عليها. وانحرفت تركياوروسيا في الأشهر الأخيرة عن العداء الصريح، واتجها إلى العمل بشكل وثيق في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل الصراع، بعد فشل المفاوضات المتقطع والمتكرر من جانب الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة. معركة مدينة الباب بالنسبة لتركياوروسيا عليها أن تحول فهمهما المتكشف حديثًا إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، مع الهدف الطموح لدفع شركائهم السوريين إلى التعاون العسكري، وإلَّا سيخاطران بإنشاء نقطة خلاف جديدة. الأيام المقبلة ستظهر ما إذا كان الخصوم السوريون يطيعون حلفاءهم، وهل سيعملان سويًّا لأول مرة ضد داعش، أو سيطردون المتطرفين ثم يقاتلون بعضهم بعضًا. يمكن للأجوبة أن تسلط الضوء على ما إذا كانت روسياوتركيا لديهما النفوذ لدفع الجانبين السوريين إلى المفاوضات الجوهرية والتغيير الحقيقي. اعتبارًا من يوم الأربعاء الماضي، بدا أن الطرفين يسلكان طريق النجاح الجزئي، حيث ذكرت وسائل إعلام روسية وتركية تابعة للدولة أن أنقرة وموسكو نسقا سويًّا لمنع وقوع اشتباكات خارج مدينة الباب، وأكدوا وجود تنسيق بين المقاتلين السوريين على الأرض. تأتي هذه التطورات وسط إعادة الترتيب الجيوسياسي بشكل أوسع من المشاركين في النزاع السوري، خاصة بعد انتصار الجيش السوري على المتمردين في حلب أواخر العام الماضي، وفوز دونالد ترامب، الذي دعا إلى توثيق التنسيق الأمريكي الروسي، ومن ثم سارعت روسيا إلى قيادة الجهود الدبلوماسية الدولية بشأن سوريا. هناك آمال كبيرة في دمشق على أن الولاياتالمتحدة ستتحرك بشكل أقرب إلى التحالف مع روسيا في سوريا، وتتخلى عن دعمها العسكري للجماعات التي تسعى إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وتظل هناك العديد من الأسئلة الرئيسة، ولا سيما فيما يتعلق بترامب، الذي يرسل إشارات متضاربة، حيث أكد العمل مع روسيا بشأن مكافحة الإرهاب في سوريا، وفي الوقت ذاته، بدأ ترامب تصعيد التوتر مع إيران، الداعم الرئيس وأقرب حليف للحكومة السورية. أشارت التصريحات التركية، الأربعاء الماضي، إلى احتمال زيادة التنسيق غير المباشر مع الولاياتالمتحدة؛ لزيادة التعاون بين تركياوروسيا. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره ترامب، قد وافقا في مكالمة هاتفية مساء الثلاثاء، على العمل سويًّا في معركة الباب، وكذلك في معركة الرقة القادمة، لكن البيت الأبيض، عشية زيارة مدير المخابرات المركزية الأمريكية الجديد، مايك بومبيو، إلى تركيا، لم يؤكد التعاون بشأن مدينة الباب، مكتفيًا بالتأكيد أن ترامب وعد أردوغان بمواصلة تعاون الولاياتالمتحدة ضد داعش. كل من القوات المعارضة والموالية للحكومة تتوقعان الاستفادة من السيطرة على مدينة الباب في خلال أيام، وتصر روسيا على تسليم مدينة الباب للجيش السوري؛ لمواصلة محادثات أساتنا في كازاخستان، لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت القوات المتمردة المدعومة من تركيا قد توافق على ذلك. سماح المتمردين للجيش السوري بالسيطرة على مدينة الباب سيكون أمرًا مهينًا لهم قبل جولة محادثات السلام الجديدة، والمقرر أن تبدأ في 20 فبراير في جينيف، لكن مع تقليص الخيارات قد يذهب المتمردون بشكل متزايد إلى تطبيق رغبات الداعمين الأتراك. أي تحركات عسكرية أخرى تقدم المزيد من الأدلة على إمكانية للولايات المتحدة وغيرها من الدول الاقتراب من التحولات في الساحة العسكرية. ويقول بعض المحللين: يبدو أن روسيا هي الوحيدة القادرة على المشاركة وإنهاء الصراع والوصول إلى حل. نيويورك تايمز