ما بين فرح البعض من سكان منطقة العشوائية بنقلهم إلى المنطقة بعد التطوير الحضري الذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي وتسليم الأهالي شققًا مجهزة بالأثاث، هناك عشرات الآلاف من السكندريين يعيشون فى أماكن عشوائية، ينتظرون الموت يوميًّا، خاصة فى نوات فصل الشتاء، حيث تصبح العشش التى يقطنون بها بركة مياه بدون سقف ومأوى للحشرات والحيوانات الضالة. "البديل" ترصد أهم المناطق العشوائية الخطرة بالإسكندرية؛ لتضعها على طاولة المسؤولين؛ لإيجاد حل سريع وعاجل لها. في شرق الإسكندرية بمنطقة أبو قير تقع عزبة الصيادين، وهي عبارة عن حواري ضيقة بها منازل من دور واحد بلا أسقف سوى أعواد الخشب المبطنة بالأكياس البلاستيكية، والحوائط مشققة وآيلة للسقوط. يخاف سكانها من قدوم فصل الشتاء؛ حيث تدخل المياه إلى منازلهم، وتحدث مشاكل بالكهرباء تصيب أطفالهم بصدمات كهربية، حتى إنهم يجلسون نهارًا بالطرقات؛ تحسبًا لانهيار منازلهم، فكل فترة بسيطة يشيعون جثماين جيرانهم بعد إخراجهم من تحت الأنقاض إثر سقوط المنازل عليهم. ورغم مساعدات القوات المسلحة لهم، مثمثلة فى القوات البحرية، بتوزيع كراتين المواد الغذائية كل أسبوع، إلا أنهم لا يخافون الموت من الجوع، ولكن يخافون الموت صعقًا بالكهرباء أو تحت الأنقاض. وبالانتقال إلى غرب الإسكندرية، يوجد العديد من المناطق العشوائية، منها طابية صالح ومنطقة الغلبوني وكوم الملح. ورغم أهمية تلك المناطق الأثرية التي تحتوي على أقدم جبانة جماعية في العالم، وبها آلاف القطع الأثرية المدفونة تحت الأرض بأمتار قليلة، إلا أن فوق تلك الجبنات الأثرية أناسًا يعيشون كالأموات. يقول أهالى تلك المناطق إنهم يعيشون في عزلة عن العالم بين الثعابين والحشرات والفئران، وبسبب وجود آلاف الجبانات الأثرية كل يوم يهدم منزل؛ بسبب الهبوط الأرضي، ويجدون أنفسهم جنبًا إلى جنب بجوار رفات الأموات، خاصة أن منازلهم عبارة عن جدران من الطوب الأبيض بدون أسقف خرسانية، وتغرق فى مياه الصرف الصحي من المناطق المحيطة، مؤكدين أنهم لا يعرفون ما هي عدادات الكهرباء ولا المياه، فهم يعيشون على الشمعة واللمبة الجاز، مضيفين أن قرار المجلس الأعلى للآثار بضرورة تعويضهم بمساكن بديلة؛ حتى يتمكن من الحفر تحت منازلهم واستخراج القطع الأثرية، وجعل الجبانات القديمة مقصدًا سياحيًّا منذ عدة سنوات بالنسبة لهم طوق النجاة، ولكن حتى الآن لم يتحقق شيء، لعدم وجود مجلس تنفيذي يضم جميع الجهات المتخصصة من الآثار وهيئة الميناء والمحافظة؛ لوضع خطة عمل جادة لإنقاذ الأهالي من الوباء وإنقاذ آلاف القطع الأثرية المدفونة تحت منازلهم. أما مساكن منطقة الطبجية الآيلة للسقوط والمتواجدة خلف عمود السوارى الأثري، فمنذ بناء المنطقة عام 56 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لم يتم ترميمها حتى الآن، ويسكن بها حوالي 160 أسرة، لا تجد قوت يومها حتى تستطيع ترميم جدران منازلها. ورغم مطالبهم بأن يتم ضمهم إلى سكان غيط العنب بالمساكن الجديدة التي تم تطويرها وتبعد عنهم 600 متر فقط، إلا أن المسؤولين رفضوا، وقالوا إنهم سوف ينقلونهم إلى مساكن توشكي ببرج العرب؛ مما أثار غضب الأهالي؛ حيث إن برج العرب صحراء وبعيدة عن أعمالهم، ولا يوجد بها مياه نظيفة ولا صرف صحي ولا خدمات طبية، والأدهى أن المحافظة تريد نقلهم مقابل دفع إيجار شهري كبير، رغم أن منازلهم بالطوبجية بعقود تمليك من المحافظة. وتعتبر منطقة نجع العرب العشوائية الواقعة بين منطقة المتراس غرب الإسكندرية وطريق محور التعمير مأساة حقيقية، فهي تغرق بمياه بحيرة مريوط ويتم قطع الكهرباء عنها كل عام فى فصل الشتاء، لذا لا بد من التدخل الفوري قبل بداية الشتاء لإنقاذهم. تتفاقم مشكلة نجع العرب في فصل الشتاء بسبب ارتفاع منسوب بحيرة مريوط عن القرية في هذا الفصل، وإلقاء بعض المصارف الصحية والزراعية المياه فيها تمهيدًا لصرف هذه المياه فى البحر، مما سبب الغرق التام لقرى نجع العرب، وتهجير وتشريد المئات من الأهالي سنويًّا دون توفير مساكن بديلة لهم. وصرح رئيس حي غرب أن هناك دراسة لتطوير تلك المناطق العشوائية، سوف تتم على عدة مراحل، بداية من منطقة الطوبجية ثم طابية صالح وكوم الملح والغلبوني. ومن جانبه قام اللواء رضا فرحات، محافظ الإسكندرية، بتفقد منطقتي مأوى الصيادين ونجع العرب بنطاق حي غرب، وذلك لدراسة تطوير المنطقتين والتعرف على جميع المشاكل الخاصة بهما على الطبيعة، وكذا دراسة تخصيص قطعة أرض بديلة؛ لإقامة مجمع سكني وخدمي متكامل لهم على غرار مدينة بشاير الخير بغيط العنب. وأكد فرحات أن المجلس التنفيذي لمحافظة الإسكندرية في جلسته التي انعقدت مساء أمس وافق علي تخصيص مسطح مساحته 54 فدانًا شاملة حرم محور التعمير (10 فدادين) الكائن ضمن منطقة 133 فدانًا الواقعة شمال محور التعمير، وذلك لإقامة مشروع تطوير حضري لمنطقة الصيادين ونجع العرب بحي غرب، والذي سيتم تنفيذه بمعرفة القوات المسلحة، على أن تظل تلك الأرض ملكًا للمحافظة. ولفت المحافظ إلى أن الاتجاه هو البدء في إنشاء مجمع سكني وخدمي متكامل، بالاتفاق مع قائد المنطقة الشمالية، مشيرًا إلى أنه تم اختيار منطقة مأوى الصيادين بنطاق حي غرب وهي من المناطق المدرجة ضمن خطة تطوير العشوائيات بالمحافظة، حيث سيتم تطوير المنطقة بشكل حضاري واستغلالها على نطاق واسع، بالإضافة إلى أنه سيتم تطوير مركز شباب القباري بالمنطقة وعمل ساحة رياضية خلف المركز على نسق منطقة غيط العنب، وسيتم استخدام الجزء الخاص بالمأوى، والذي سيتم نقل السكان منه، لعمل مشروع من المشروعات التنموية الصغيرة؛ لخلق فرص عمل.