في تطور جديد قد يعيد بريطانيا إلى مرحلة ما قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي، قضت المحكمة العليا في إنجلترا بأنه على الحكومة البريطانية أن تطلب موافقة البرلمان قبل بدء عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي؛ الأمر الذي من شأنه أن يضر بخطط رئيسة الوزراء تيريزا ماي، والتي تعتبر قائد معسكر الخروج من الاتحاد (البريكسيت). وقال كبير القضاة في إنجلترا جون توماس، إن أهم بند أساسي في الدستور البريطاني ينص على أن البرلمان له سيادة، ويمكنه إقرار أو إلغاء أي قانون يختاره. وتصر رئيسة الحكومة تيريزا ماي، على أن الاستفتاء الذي أجري في ال23 من يونيو الماضي (والذي صوت فيه 52 بالمائة من المشاركين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد) إضافة إلى الصلاحيات التي تتمتع بها الحكومة كلها تعني أنه لا ضرورة للحصول على موافقة البرلمان على خروج البلاد من الاتحاد (وهي العملية التي يطلق عليها مصطلح "بريكسيت")، ولكن المطالبين ببقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد يقولون إن ذلك غير دستوري. وفي الوقت الذي لم توضح فيه المحكمة إن كانت الحكومة بحاجة لإقرار قانون جديد لبدء إجراءات مغادرة الاتحاد الأوروبي، قالت الحكومة البريطانية إنها ستستأنف ضد القرار، كما قالت متحدثة باسم ماي، إن رئيسة الوزراء ستمضي قدما في الجدول الزمني المقرر لإطلاق المحادثات بشأن شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية مارس القادم. ورغم قدرة البرلمان البريطاني نظريا على منع بريطانيا من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فإن أغلب المراقبين يرون أن ذلك صعب المنال في ضوء تصويت الشعب البريطاني في استفتاء يونيو لصالح الخروج من الاتحاد بنسبة 52%، لكن مراقبين أكدوا أن إقرار قانون جديدة للحكومة للبدء في الخروج من الاتحاد كرد على قرار المحكمة قد يواجه معارضة وتعديلات من مجلسي البرلمان، خاصة مجلس اللوردات الذي لا ينتخب أعضاؤه، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل الجدول الزمني للخروج من الاتحاد. ويرى مراقبون أن الحكم القضائي يجعل مهمة إخراج بريطانيا من التكتل الذي انضمت إليه قبل 43 عاما أكثر تعقيدا، كما يعرض المهلة التي أعلنتها ماي، بحلول نهاية مارس لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة للخطر، وهي خطوة مهمة لبدء عملية مغادرة الاتحاد، كما أكد المراقبون أن اتجاه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، تمسكها بخطتها لتفعيل الخروج من الاتحاد الأوروبى بنهاية مارس رغم قرار القضاء بمنح البرلمان حق التصويت، يدخل البلاد في مأزق دستوري لعدم إمكانية تغيير الجدول الزمني. المحلل الدولي بهاء العوام، قال من لندن، إن إلغاء القرار القضائي ليس بالأمر السهل، مقرا بصعوبة مهمة ماي، في إطلاق المفاوضات في وقتها وإعلانها احترامها للجدول الزمني الذي عرضته قبل نهاية مارس، متطابقًا مع الرأي الذي يتحدث عن أن إعلان الحكومة استئناف القرار أمام المحكمة العليا قد يدخل البلاد في مأزق دستوري، خاصة بالنظر إلى أن معظم نواب البرلمان أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبى. وتؤكد الإحصائيات أن معظم مشرعي القوانين صوتوا على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو، ويعتقد العديد من المستثمرين أن التدخل البرلماني الأكبر في العملية سيعمل على الحد من نفوذ وزراء حكومة ماي، والذين يؤيدون وبقوة "البريكست"، وهو ما يمكن أن يقلل من احتمال تنفيذ البريكست. وفي إطار رصد ردود الأفعال إزاء هذا القرار القضائي كان لحكومتي إيرلندا وأسكتلندا رأي آخر، حيث قال زعماء سياسيون في أسكتلندا وإيرلندا الشمالية، اللتين صوتتا للبقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو، إن القرار كشف عن الفوضى المحيطة بالسياسة التي تعتمدها رئيسة الحكومة ماي لعملية الخروج من الاتحاد. وقالت نيكولا ستيرجن، رئيسة الحكومة الأسكتلندية التي تتمتع بحكم ذاتي إن "القرار مهم للغاية ويسلط الضوء على حالة الفوضى والارتباك في قلب الحكومة البريطانية." وقالت ستيرجن، لبرلمان أسكتلندا في أدنبرة "علينا أن نتذكر أن رفض الحكومة البريطانية السماح لنواب مجلس العموم بالتصويت على قرار تفعيل المادة 50 لا يستند إلى مبدأ دستوري سامٍ، بل هو نتيجة التخبط في المواقف"، وأضافت "تعلم الحكومة بأنها لو طرحت الأمر على مجلس العموم سيفتضح أمرها."