وزير الكهرباء يتابع تصنيع مهمات وتوربينات مفاعلات محطة الضبعة النووية بفرنسا    رئيس جامعة القاهرة: تقديم خدمات الكشف الطبي على أبطال مصر في ألعاب القوى    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تفاصيل تعديلات قانون المحميات الطبيعية.. إحالتها إلى رئيس الجمهورية.. عدد المحميات الطبيعية فى مصر.. أهداف دراسة الأثر التشريعي    تركيا: مصرع فتاة وإصابة 69 جراء زلزال اليوم    مقترح ويتكوف كلمة السر، إسرائيل تقرر استخدام أسلوب جديد للتفاوض مع حماس    سفيان رحيمي نجم الشباك في العين الإماراتي قبل مونديال الأندية    عضو الاتحاد السكندري: محمد مصيلحي لا غبار عليه.. ويتعرض للهجوم لهذا السبب    تداول امتحان العلوم لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة والتعليم ترد    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في محافظة قنا    قبل بدء عرضه، تعرف على أبطال مسلسل فات الميعاد    إضافة أسرّة رعاية مركزة وحضّانات وأجهزة غسيل كلوي بمستشفى الكرنك بالأقصر    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحي الحضري لمتابعة مستوى الخدمات الطبية المقدمة    لموسم حج صحي، 8 نصائح مهمة من القومي للبحوث لمقاومة نقص المياه والأملاح بالجسم    حبس المتهمين بخطف شخص بسبب خلافات مالية بالمقطم    كوريا الجنوبية تبدأ التصويت لاختيار رئيس جديد    منها «سيد الظلام» ما هي أكثر الأبراج شرًا.. اكتشف الجانب المظلم لكل برج    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    وزير الخارجية الإيرانى مغردا: الدبلوماسية بين إيران ومصر دخلت مرحلة جديدة    رسميًا الآن.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الثلاثاء 3-6-2025 في البنوك    رفع درجة الاستعداد بالقطاع الصحي بشمال سيناء تزامنا مع اقتراب عيد الأضحى 2025    سعر الدولار الثلاثاء 3 يونيو 2025 في البنوك    ماذا قدم الزمالك وبيراميدز مع بسيوني قبل نهائي الكأس؟    جامعة بنها تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة (الشروط وطريقة التقديم)    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    قرار مفاجئ من ياسين السقا بعد خبر زواج والدته مها الصغير من طارق صبري    البيت الأبيض: اتصال محتمل بين ترامب وشي الأسبوع الجاري    تشكيل الزمالك المتوقع أمام بيراميدز في نهائي كأس مصر.. وموقف زيزو    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    لماذا فشل مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة ب الجامعات؟.. التعليم تجيب    محافظ سوهاج يتفقد شارع «أسيوط- سوهاج» بعد الانتهاء من أعمال التطوير والتجميل    أوربان: بروكسل قررت أن على أوكرانيا مواصلة النزاع    موعد مباراة الترجي وفلامنجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    منح شهادات امتحانات النقل مجانًا لطلاب الوادي الجديد    رئيس قسم الزلازل ب"القومي للبحوث الفلكية": قوة الهزة 5.8 وضرب عدة دول منها مصر    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أسطورة ميلان: صلاح خارق وبطل هذا العام    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطان حامد

من الملاحظ أن القرى المصرية - خصوصًا القديمة منها - لا تكاد تخلو إحداها من تلك الأضرحة ذات الأبنية الضخمة، والجدران السميكة والنوافذ الصغيرة، والتي تعلوها قبة واحدة كبيرة - تكون خضراء عادة - ويحيطها العوام بهالة من التقديس ترسخت في أذهان الأجيال المتعاقبة عبر الزمن.
ومن المفترض أن تلك الأضرحة مقابرٌ لأصحابها، ولكن العجيب أن كثيرًا من تلك الأضرحة لا يعلمُ العوامُ شيئا عن أصحابها، والأكثر عجبًا أن تجد ضريحا منها مكررًا في أكثر من بلدة متجاورة. ففي قريتي مثلًا يوجد ضريح (سيدي عز) وحين ننتقل إلى قرية مجاورة نجد ضريحًا آخر بنفس الاسم والهيئة!!!
وقد ناقش الأدباءُ تلك الظاهرة منذ عشرات السنين، ففي المجموعة القصصية (حادثة شرف) للكاتب المبدع الدكتور يوسف إدريس، نجد القصة السابعة والأخيرة تحت عنوان (سره الباتع) تبحث عن سر انتشار ضريح يحمل اسم (السلطان حامد) في أرجاء الدلتا وخصوصًا قرى محافظة المنوفية..
[يوسف إدريس]
كانت البداية من قرية (شطانوف) وقد تعجب حين أخبرك أنها تسمية فرنسية، ففي عام 1798م احتل الفرنسيون مصر وطاردوا المماليك في ربوع الدلتا، فوجدوا قلعة مملوكية قديمة في قرية كفر شندي التابعة لمركز أشمون، فجدّدوها وأصبحت مستقرًّا لهم، وسُميت لهذا (شاتو نيف) أي القلعة الجديدة، وصارت على ألسنة العامة شطانوف، وقد تكرر هذا الأمر مع تسميات فرنسية أخرى مثل (بولاق الدكرور)..
لم يكن حامد من الأولياء أو الأغنياء الكرماء لتُصنع له كل تلك الأضرحة، كان فلاحًا عاديًّا من هؤلاء الذين يموتون فيصيرون إلى النسيان عادة.. لم يكن يميزه إلا عصفورين مدقوقين كوشم على وجنتيه - لتقوية النظر كما يعتقد البسطاء - كما أن بنصر يده اليسرى مقطوع.. ليس إلا.
كان الكولونيل بيلو قائدُ حامية القلعة يحذر جنودَه دائمًا من التحرش بالفلاحين أو محاولة إهانتهم إذ إن رد فعلهم غير مأمون. ولكن وقع المحذور وقتل أحد الجنود فلاحًّا متعمدًّا، فذهب أهل القرية يطالبون الكولونيل بقتل الجاني أمام أعينهم، فلم يفعل.. وفي اليوم التالي قُتل أحد الجنود، فذهب بيلو بنفسه على رأس قوة وأحضر شيخ البلد إلى القلعة، وهدد بقتله إن لم يسلم القاتل نفسه بحلول المساء..
سلم حامد نفسه على أنه القاتل، فقرر بيلو إعدامه على مرأى ومسمع من أهالي القرية، وأثناء المحاكمة الصورية ثار الفلاحون وتصايحوا "الله أكبر الله أكبر" فارتفعت الفؤوس والمناجل والنبابيت فهرع الفرنسيون وأصابهم الذعر حتى أن بعضهم تبول على نفسه، وتشكلت عند الجنود حالة سماها أطباء الجيش الفرنسي (فلاحين فوبيا)..
في اليوم التالي أسَرَ الجنود شيخ البلد وعشرة من رجال القرية وهدد الكولونيل بقتلهم إن لم يسلم حامد نفسه مرة أخرى، ولم يظهر حامد، فأعدم بيلو شيخ البلد، وأطلق سراح الرجال اتقاءً لثورة الفلاحين، إلا أن حامد توعد بقتل الكولونيل نفسه انتقامًا لشيخ البلد.
وفي يوم من الأيام عاد بيلو إلى القلعة محمولًا على حصانه وجسده ممزق بالثقوب. غضب نابليون نفسه وأطلق الحملات بقيادة كليبر للبحث عن حامد صاحب العصفورين والبنصر المقطوع.. حاصر كليبر الدلتا كلها، وأخذ يفتش القرى والنجوع، ولكن المصريين دائما إذا وحدهم شخص أو حدث يصبحون كتلة لا يمكن اختراقها. حصدوا كيزان الذرة وتركو الأعواد واقفة ليسهلوا لحامد الاختباء والانتقال بين الحقول، قطع الفلاحون بناصرهم ودقوا العصافير فاصطدم الفرنسيون بألف حامد.. وتكونت العصابات التي تهاجم الفرنسين في كل مكان تحت مسمى أبناء السلطان حامد..
إلا أن القدر ساق حامد إلى مصرعه على يد أحد الفرنسيين، فبنى المصريون على جثته مقامًا، وأخذوا يزورونه ويجددون الحماس والثورة ضد الفرنسيين من أمامه، مما اضطر كليبر إلى هدم الضريح وإلقاء الجثة في النيل..
استخرجها المصريون وبنوا ضريحا آخر، فهدمه كليبر تحت جنح الليل وقطع الجثة أشلاءً ووزعها على البلاد كي لا يلتف حولها المصريون ويتخذوها منبعًا لثورتهم، إلا أنهم قد بنوا أضرحة بعدد الأشلاء، فعلى كل قطعة من جسده أقيم ضريح يلتف حوله المصريون بالآلاف ليعيدوا سيرته ويرددوا بطولته وينهجوا نهجه، فلم يلبث الفرنسيون في مصر إلا ثلاث سنوات ذاقوا فيها الأمرين من الفلاحين.
إن أي معتدٍ على مصر عليه أن يعيد تفكيره ألف مرة قبل أن يحاول توحيد المصريين حول قضية واحدة أو هدف نبيل..
سد النهضة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.