مدبولي: أحدثكم من علي ضفاف نهر النيل العظيم الذي يهب الحياة لملايين المصريين وتعيش علي ثرواته شعوب وادي النيل وترتبط به أرزاقهم ومصائرهم مسألة المياه ونهر النيل لمصر ترتقي إلي مرتبة القضية الوجودية التي ترتبط بحياة هذا الشعب وببقائه مدبولي: أنقل إليكم قلق مصر حكومة وشعباً من التطورات الأخيرة ذات الصلة بملف سد النهضة الأثيوبي نصيب الفرد من المياه في مصر لا يتجاوز 560 م3 سنوياً بينما عرّفت الأممالمتحدة الفقر المائي بأنه 1000 م3 للفرد سنوياً مصر من أكثر الدول جفافاً والأعلي من بين دول العالم اعتماداً علي مصدر أوحد للمياه يتمثل في نهر النيل الذي يوفر 98% من احتياجاتنا المائية السنوات الماضية شهدت نهجاً إثيوبياً يسعي لفرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية دون مراعاة لحقوق ومصالح دولتي المصب الاستمرار في عملية ملء سد النهضة دون توصل الدول الثلاث إلي اتفاق يُخالف كافة الالتزامات والقواعد الدولية ويهدد بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح مصر والسودان الوضع الحالي لملف سد النهضة يُحتم علينا العودة إلي مفاوضات جادة وفعالة برعاية إفريقية وبمشاركة نشطة من المجتمع الدولي خلال كلمة مسجلة، ألقي الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة مصر في الاجتماع رفيع المستوي، الذي عُقد بالجمعية العامة للأمم المتحدة حول المياه، بمشاركة عدد من كبار المسئولين. واستهل رئيس الوزراء الكلمة، بتقديم التحية لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسكرتير عام الأممالمتحدة، معربا عن سعادته لمشاركته في هذا الاجتماع، لإلقاء كلمة مصر من علي ضفاف نهر النيل، مؤكدا أن هذا النهر الخالد، الذي قامت علي خيراته حضارات ألهمت الإنسانية وتركت علامات في التاريخ لم يَمحُها مرور الزمن، وأن هذا النهر العظيم يهب الحياة لملايين المصريين وتعيش علي ثرواته شعوب وادي النيل وترتبط به أرزاقهم ومصائرهم. وقال الدكتور مصطفي مدبولي إن هذا الواقع، الذي فرضته حقائق الجغرافيا والتاريخ حَتَّم علي الدولة المصرية أن تُولي مسألةَ المياه أولوية قصوي، نافيا في هذا الصدد أن يكون هذا الأمر بالنسبة لمصر مجرد شأن بيئيّ يرتبط بالإدارة الرشيدة والمستدامة لمورد طبيعي، أو يكون مجرد موضوع له أبعاد حقوقية تمس الحق الأصيل لكل إنسان في النفاذ للمياه، وكذلك فإنه ليس عبارة عن قضية لها خلفيات قانونية تتصل بالنقاش الدولي الدائر حول المبادئ الحاكمة لاستغلال الأنهار الدولية والاستفادة منها، كما أنه ليس ملفا سياسيا يتصل بالعلاقات بين الدول المتشاركة في الأنهار العابرة للحدود، مشددا علي أن مسألة المياه ونهر النيل تحديداً بالنسبة لمصر تتجاوز كل تلك الاعتبارات وترتقي إلي مرتبة القضية الوجودية التي ترتبط بحياة هذا الشعب وببقائه. وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلي أن مصر تُثمن تنظيم هذا الاجتماع رفيع المستوي، من أجل التباحث حول قضايا المياه الدولية في سياق "عقد المياه 2018-2028"، الذي يأتي في فترة يشهد العالم فيها تحديات جساما في سبيل تأمين نفاذ الإنسان بل وشعوب بأسرها للمياه، لافتا إلي أن من أبرز هذه التحديات تصاعد أزمة الشُح المائي ونُدرة المياه لأسباب وعوامل طبيعية وبشرية أهمها وأخطرها زيادة معدلات استهلاك الموارد المائية المتجددة، وكذلك الارتفاع المضطرد في معدلات النمو السكاني، والتدهور البيئي، وتغير المناخ، بالإضافة إلي المشروعات العملاقة التي تقام لاستغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس ودون مراعاة لأهمية الحفاظ علي سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية. وقال الدكتور مصطفي مدبولي: كل هذه العوامل أسهمت في تفاقم أزمة المياه وأثرت علي قدرة الدول علي الوفاء باحتياجات شعوبها من المياه، الأمر الذي يُحول قضية المياه ومسألة إدارة الموارد المائية إلي تهديد يمس أَمن وسلامة دول وشعوب، ويُؤثر علي استقرار أقاليم بأسرها، مؤكدا أن مصر تُعوِّل علي مسار " عقد المياه 2018 - 2028" لدفع الجهود الدولية الساعية لمواجهة هذه التحديات، وذلك من خلال تطوير المفاهيم والمبادئ، التي من شأنها تعزيز الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية، وحث الدول التي تُشاطئ الأنهار الدولية علي إعلاء قيم التكامل والتشارك، وتفعيل قواعد العدالة والإنصاف، وعدم الإضرار بمصالح جيرانها. وخلال كلمة مصر التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية ستستمر في الانخراط بجدية ونشاط في الإعداد الجاري لمؤتمر مراجعة منتصف المُدة المُقرر عقده في عام 2023، وهو ما تَجسَّد في حرص مصر علي التعاون مع مجموعة عبر إقليمية من الدول، من أجل اعتماد البيان المشترك حول المياه علي هامش اجتماعنا اليوم، والذي حظي بتأييد واسع يبرهن علي أهمية تناول مسارنا الراهن للأولويات التي يتضمنها. وأضاف أن الأولوية التي تُوليها مصر لقضايا المياه انعكست أيضا في الرؤية الشاملة "مصر 2030"، التي تبنتها الحكومة المصرية، والتي تتضمن برنامجاً وطنياً طموحاً يخاطب كافة مناحي الحياة، وعلي رأسها تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، كما وضعت الدولة الخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتي عام 2037 باستثمارات تتجاوز 900 مليار جنيه مصري، بهدف تحسين نوعية وجودة المياه، وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً، إلي جانب تنمية موارد مائية جديدة، مع السعي لرفع كفاءة منظومة الري المصرية، وذلك لمواجهة تحدي الشُح المائي. وفي ضوء ذلك، أوضح رئيس الوزراء أن نصيب الفرد في مصر لا يتجاوز 560 مترا مكعبا سنوياً من المياه، في الوقت الذي عرفّت فيه الأممالمتحدة الفقر المائي علي أنه 1000 متر مكعب للفرد في السنة، مؤكدا أن هذه الأزمة تعكس حقيقة أن مصر من أكثر الدول جفافاً والأقل نفاذاً للموارد المائية المتجددة، كما أنها تعتبر الأعلي من بين دول العالم من حيث نسبة الاعتماد علي مصدر أوحد للمياه المتمثل في نهر النيل، الذي يوفر 98% من احتياجاتنا المائية. وقال الدكتور مصطفي مدبولي خلال الكلمة: أنقل إليكم قلق مصر، حكومة وشعباً من التطورات الأخيرة ذات الصلة بملف سد النهضة الأثيوبي، وهو المشروع العملاق الذي سيكون أكبر مُنشأة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، والذي أمضينا عقدا كاملا في مفاوضات مُضنية مع الأشقاء في السودان وإثيوبيا، من أجل التوصل إلي اتفاق عادل ومتوازن يحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية، ويحد في الوقت ذاته من الأضرار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذا السد علي مصر والسودان. كما عبر رئيس الوزراء، خلال إلقائه لكلمة مصر، عن الأسف الشديد لعدم توصل هذه المفاوضات، التي جرت في أطر مُتعددة لسنوات ممتدة، بمشاركة وسطاء وشركاء دوليين وبرعاية أشقاء أفارقة إلي الاتفاق المنشود، بل علي العكس فإن السنوات الماضية شهدت نهجا إثيوبياً يسعي لفرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية، دون مراعاة لحقوق ومصالح دولتي المصب، وهو ما تجسد في قيام إثيوبيا بالبدء في ملء سد النهضة في العام الماضي، وكذلك في إعلانها عن أنها سوف تستمر في عملية الملء خلال صيف العام الجاري، حتي وإن لم تتوصل الدول الثلاث إلي اتفاق، مشددا علي أن هذا الإجراء يُخالف كافة الالتزامات والقواعد الدولية، ويهدد بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح مصر والسودان. وخلال إلقائه كلمة مصر، أكد الدكتور مصطفي مدبولي أيضاً أن الوضع الحالي لملف سد النهضة يُحتم علينا العودة إلي مفاوضات جادة وفعّالة برعاية إفريقية، وبمشاركة نشطة من المجتمع الدولي، وذلك للتوصل في أسرع وقت ممكن إلي اتفاق عادل ومتوازن ومُلْزِم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة قبل موسم الفيضان المقبل، وبما يُجنب منطقتنا المزيد من التوتر والاحتقان ويحقق مصالح الدول الثلاث، وَيُعزز في الوقت نفسه من أواصر التعاون والتكامل بين بلادنا وشعوبنا. واختتم رئيس الوزراء كلمة مصر في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتأكيد علي أن مواجهة التحديات الجسيمة في ملف قضايا المياه تُحتم ضرورة إعلاء مبادئ التعاون والتضامن الدولي وتجنب التناحر والاستقطاب، لافتا إلي أن مصر لن تدخر جهداً في دفع أجندة المياه في الأممالمتحدة والمحافل متعددة الأطراف وتأمين حصولها علي الاهتمام اللازم، الذي يتسق مع قيمة المياه التي لا تُقدر بثمن، والتي ترتبط ببقاء الإنسان وحياة شعوب بأسرها.