قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن حادثة الهجرة لم تكن تضييعًا للوطن أو متاركة له، إنما كانت من أجل بنائه والمحافظة عليه وعلي أهله، وحب الوطن شعور فطري ظل ملازمًا للنبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه المهاجرين رضي الله عنهم، حتي إنه دعا ربه قائلًا: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ (صحيح البخاري). كما كان الصحابة لا يقدم عليهم من مكة قادم إلا سألوه عنها، واهتزت قلوبهم شوقًا إليها". جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض علي فضائية صدي البلد، اليوم الجمعة. وأضاف: إن الهجرة النبوية أكدت علي أهمية حب الأوطان والمحافظة علي مكتسباتها، وكذلك إعلاء المصلحة العامة وحسن التلطف مع أهلها، ولذلك قالوا: "حب الأوطان من الإيمان". ولفت مفتي الجمهورية النظر إلي أن الهجرة المباركة فيها هدم للمرتكزات الفكرية والحركية لأهل التطرف والإرهاب الذين يسعون إلي نزع هذه الغريزة الفطريَّة عن الإنسان في مقابل اعتبار أن الوطن "حفنة من التراب" لا قيمة له، تغييبًا للأجيال وإبعادًا للناس عن جزء مهم من شعورهم الإنساني الغريزي الذي يحملهم علي حب أوطانهم والدفاع عن بلادهم، وأنَّي لهم أن يضادوا الفطرة والغريزة بهذه الأكاذيب والأوهام! وتساءل المفتي: "كيف يفسر هؤلاء موقف الدفاع النبي عن المدينة وحفر خندق حولها"، متابعًا: "ألا يُعد هذا دفاعًا عن الوطن؟"، مشيرًا إلي أن الحفاظ علي الأوطان السبيل الوحيد ولا سبيل غيره لتحقيق مقاصد الله الكلية، التي جاء الشرع للحفاظ عليها. ولفت مفتي الجمهورية النظر إلي أن تلك الدعوات خارجة عن صحيح الدين، وأن إقامة شعائر الدين وتحقيق معانيه ومبادئه وقِيَمِه لا ترتفع دون وطن قوي ثابت وراسخ. مشددًا علي أن حب الوطن ودعمه وانتماء أبنائه إليه من حقائق الإيمان، أما الوطن الضعيف المضطرب فإنه يحل فيه الخراب والفتنة وتختفي منه شعائر الدين ومبادئه. وعن حب النبي صلي الله عليه وسلم لوطنه واشتياقه له قال مفتي الجمهورية: إن الإمام البخاري روي أن سيدنا أنسًا رضي الله عنه كان يقول: "كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا قدم من سفر، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقته -أي: أسرع السير بها-، وإن كانت دابة حركها". وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" [وفي الحديث دلالة.. علي مشروعية حب الوطن والحنين إليه] ا.ه. وناشد المفتي المواطنين بضرورة البناء الجيد للأسرة لأنها نواة المجتمع، مع ضرورة تصحيح الوعي والتمسك بالقيم المعززة للانتماء إلي الوطن بدءًا من الأسرة الصغيرة ثم العائلة الكبيرة وصولًا إلي الأمة المصرية التي يجمع أطيافها حب الوطن والإيمان به. واختتم مفتي الجمهورية حواره قائلًا: إن مستخدم الشائعات بغرض التشكيك في أعمال وإنجازات أصحاب السواعد المصرية هو آثم لأنه يعلم أنه يكذب، والكذب جريمة ومن أكبر الذنوب وهو يهدي للفجور، فالشائعة قد تكون أخطر من القنبلة وأشد من السلاح المدمر، فعلي الإنسان الواعي ألا يشارك في نشر الشائعات إلا بعد التثبت من المعلومة، وبعد توافقها مع فقه المآلات، فليس كل صحيح وثابت ينشر، فهناك اعتبارات تقتضيها المصلحة العامة.