وكأنما أبى شهر يونية أن يرحل قبل أن يخلف وراءه جريمة بشعة جرت وقائعها فى الثالث والعشرين من يونية فى زاوية «أبومسلم» مركز أبو النمرس بالجيزة. منفذو الجريمة متطرفون تكفيريون قاموا بقتل أربعة من معتنقى المذهب الشيعى وسحلهم والتمثيل بجثامينهم بالإضافة إلى إصابة ثمانية آخرين. الضحايا كانوا ضمن مجموعة اجتمعوا فى منزل رفيق لهم للاحتفال بليلة النصف من شعبان. ولا شك أن الدكتور «مرسى» وجماعته يتحملون المسئولية الكاملة عن هذا العمل الآثم غير المسبوق فى مصر، فنغمة التحريض التى ما فتىء «مرسى» وبطانته يتبعونها هى التى هيأت المناخ لارتكاب جريمة التطهير المذهبى هذه، فكانت نتاجا طبيعيا لبث الفتنة الممنهجة بين أبناء الدين الواحد. أما تنفيذ الجريمة بهذه الوحشية فكان يعنى هدما لقيم الدولة ومعاييرها وإسقاطا للقانون. جريمة الأحد الأسود كانت نتيجة طبيعية لحملة شيوخ الفتنة فى المؤتمر الذى عقد فى الاستاد تحت لافتة «نصرة سوريا» وفيه قام هؤلاء الشيوخ بتكفير الشيعة علنا ووصفهم بالأنجاس، وهو المؤتمر الذى ألقى فيه «مرسى» خطابا زاعقا طغت عليه نبرة التحريض الطائفية. وهو الخطاب الذى أعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا!! وإذا كان مرسى قد فشل فى كل شىء فإنه نجح وباقتدار فى تقسيم شعب مصر إلى قسمين وتحريض أطيافه ضد بعضهم البعض وكان كل ذلك من أجل صرف الأنظار عن إخفاقه فى إدارة الدولة. جريمة الأحد الأسود هذه لم تأت اعتباطا وإنما جاءت نتيجة الخطاب المقزز لدولة الإخوان ونتيجة لفتاوى شيوخ الفتنة وحملتهم المسمومة التى قادها الشيخ «القرضاوى» رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين والذى اندفع فى اتجاه إثارة الفرقة وإطلاق تصريحات تهييجية تؤدى إلى إشعال النار وإضرام الصراع بين المسلمين، فلقد حمل على الشيعة وأطلق عليهم صفة الروافض وتطاول على حزب الله ووصفه بالطاغوت والشيطان. وغاب عن هؤلاء أن الفتنة أشد من القتل. جريمة قتل أربعة من معتنقى المذهب الشيعى جريمة بشعة تعد وصمة عار فى تاريخ مصر. جريمة جسدت البربرية فى أحط معانيها. أما منفذوها فهم أبعد ما يكونون عن الإسلام، فالإسلام منهم براء. كما أن هؤلاء لا يمكن أن يكونوا منتمين لمصر أرض التعايش والتسامح والاعتدال والوسطية. العمل الذى قامت به هذه الفئة الباغية عمل همجى وحشى غوغائى خرج منفذوه عن كل الشرائع وعن كل الأطر والتعاليم الدينية والإنسانية والأخلاقية. وما يخشاه المرء أن ينتقل هذا الفعل الطائفى الآثم ليشمل فئات أخرى ويتم تنفيذه ضد الصوفيين والعلمانيين والأقباط. ولا شك أن العمل إجرامى يناقض تعاليم الإسلام ومبادئه ويصب فى خانة المخطط الذى تقوده أمريكا وتسعى من خلاله إلى إشعال الفتنة الطائفية والمذهبية فى المنطقة وهو مخطط كارثى بكل المعايير ومن شأنه الزج بدولها فى دوامة العنف وبث الفرقة والتشرذم توطئة لتفتيتها وتجزئتها..