ان كان المسرح أبو الفنون، وكونفوشيوس أبو الفلاسفة، وأبقراط أبو الطب، فالنووي أبو الطاقات! حيث ينظر العلماء إلي الطاقة النووية كمصدر حقيقي لا ينضب، في حين تنظر له الشعوب علي انه "أبو الكوارث" حيث المخاوف العامة المتعلقة بالسلامة وصعوبة التخلص الآمن من المخلفات عالية الإشعاع، بينما للنووي مآرب أخري كأداة للمساومات السياسية من قبل قادة دول العالم وكذلك الأحزاب السياسية في الانتخابات بين مؤيدين ومعارضين بغرض الحصول علي مقاعد في البرلمانات.. بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ازداد اهتمام الولاياتالمتحدة الأميركية بالدفاع المضاد للصواريخ وبرغم معارضة الاتحاد الروسي، فقد اعتبر ما أصبح يطلق عليه اسم "الدرع الصاروخي" أحد المكونات المقترحة للمظلة النووية، بحجة أن انتشار المعرفة والتكنولوجيا النووية أصبح يهدد بوصولها إلي عناصر إرهابية، هذا بالإضافة إلي أن امتلاك كوريا الشمالية لسلاح نووي، واحتمال امتلاك كل من العراق وإيران للأسلحة النووية يجعلها قادرة علي تهديد الولاياتالمتحدة وأوروبا. وهكذا فإن الدرع الصاروخي المقترح للدفاع عن الولاياتالمتحدة وأوروبا هو في حقيقته مظلة دفاعية أكثر منها نووية، حيث لا يشترط فيه استخدام أسلحة نووية. وكانت تدعو إلي عدم تأكيد أو نفي وجود أسلحة نووية أميركية في أي مكان، ولكنها توحي باحتمال استخدام الولاياتالمتحدة للأسلحة النووية في حال تعرضها أو أحد حلفائها لعدوان بما فيه استخدام أي دولة نووية لأسلحتها النووية وذلك كرد فعل لتصرف غير محدد من طرف معاد! الغريب في الأمر، ان وزير التنمية الصناعية الإيطالي كلاوديو سكاجولا في تصريحات صحافية أعلن عن توجه لواشنطن لتوقيع 'بروتوكولاً نووياً' مع الولاياتالمتحدة يمنح الشركات الأمريكية الفرصة للمنافسة علي بناء محطات للطاقة النووية في إيطاليا! ومن جهة أخري تريد إيطاليا المساهمة في بناء محطة نووية في تركيا إلي جانب روسيا! جاء كل ذلك مؤخرا بعد قرار إيطاليا العودة للطاقة النووية بعد توقف عن استخدامها دام عقدين، هذا وتصيغ الحكومة حالياً قواعد لإنعاش القطاع. لكن، ماذا عن رأي الشعب الإيطالي؟ يبدو ان حتي المواطن الغربي لم يعد له سوي الإنترنت كنافذة يطل منها برأيه علي الآخرين. الكشف عن الجانب الخفي عن النووي في ايطاليا هو الهدف الذي تأسست لأجله مدونة'www.aironerosso.blogspot.com'"الحركة المدنية ضد انتشار النووي" في بلدية كاورسو التابعة لمدينة بياتشنسا الإيطالية حيث يقع أحد أكبر مراكز الطاقة نووية في ايطاليا الذي تم انشائه في عام 1980 ثم توقف العمل داخله بعد استفتاء 9 نوفمبر 1987 الذي أجري حول الطاقة النووية في مجلس النواب بالبرلمان'اثر كارثة مفاعل تشرنوبيل في اوكرانيا في 26 ابريل 1986'، وفي ديسمبر 2007 صدر قرار بالنقل التدريجي للنفايات المشعة. راسلت السيد 'ماورو'مؤسس المدونة، وقررنا أن نلتقي لنتناقش وجها لوجه، وقد كان. أثناء المقابلة قال لي والغضب يلمع في عينيه:"من السذاجة التي تُطرح في مجال تأييد استخدام الطاقة النووية انها طاقة نظيفة! والمراهنة عليها كبديل عن الطاقات التقليدية بيد إن مادة اليورانيوم محدودة مثلها مثل النفط والغاز! نحن في المدونة أعلنّا ان إنعاش النووي في بلدنا يخفي أسباباً غير مصرح عنها وإن كانت غنية بروائح المصالح ووكلاؤها"! ثم استطرد قائلا:" بإمكان المفاعلات النووية التي تستخدم في أغراض مدنية إنتاج أسلحة نووية فتاكة كما يجري الآن في كوريا الشمالية –هذا ما أكده للعالم مان باوليتز من منظمة أطباء ضد الحرب النووية- بالإضافة إلي أن خطرها يستوي فيه إلي حد كبير الاستخدام العسكري 'التفجير بالقنابل' والتسرب 'المدني السلمي'، فإذا كانت الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية تمثل القتل المتعمد، فإن التسرب يمثل انتحارا قد يقع بلا حدود وبلا انذار ليشكل الكوارث الكبري المرعبة". انتهت المقابلة، وبالعودة إلي التنقيب في باطن صفحاتها الإلكترونية، أجد، من بين أعضاء الحركة هناك مَن تساءل عن معني اجتماع وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني بنائب رئيس الوزراء الاسرائيلي سيلفان شالوم الذي زار روما في يناير 2010 للإعداد لزيارة رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني إلي اسرائيل شهر فبراير،والتي تمت بالفعل،وفيها دعا برلسكوني أن تنضم اسرائيل الي الاتحاد الأوروبي! وايطالي اخر يتعجب مِن توافق وجهات النظر " بين روما وتل ابيب فيما يتعلق برفض امتلاك ايران للسلاح النووي فيما جددت ايطاليا رؤيتها بالإنخراط في بناء مفاعلات نووية من الجيل الجديد-جاء هذا علي لسان وزير التنمية الصناعية الإيطالي كلاوديو سكاجولا الذي أكد ان "المفاعلات النووية هي الوحيدة التي يمكن ان تنتج الطاقة علي نطاق واسع وبشكل آمن وبتكلفة تنافسية ووفقا لمعايير احترام البيئة ووعد بإستنباط حلول لمشاكل النفايات المشعة! بينما يري المدونون الايطاليون ان الوضع الاقتصاد الحالي للشعب سيئ والدخول في الحقل النووي سيقضي عليه تماما لأنه يستنفذ المليارات بالإضافة إلي ان المنفعة لن تعود إلا علي الحكومة الايطالية وأصدقاء الحكومة من رجال الأعمال! وقد أشاروا في تدويناتهم إلي التكاليف الباهظة للطاقة النووية والتي تصل إلي 2000 دولار للكيلوواط، من هنا كان من الواجب قبل اللجوء إلي الطاقة النووية- خاصة بعد توقف دام أكثر من عقدين-مقارنتها بتكلفة الطاقة النظيفة المستمدة من قوي الطبيعة المسخرة للإنسان: الشمس والقمر والرياح والأنهار . وتعقيبا علي الإتفاق الذي تم إبرامه بين ساركوزي وبرلسكوني للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة النووية بين البلدين لإنشاء 4 مراكز نووية بحلول عام 2020 فقد جاء في تعليق أحد القراء علي موقع صحيفة 'كوريرا ديللا سيرا' أن وجود سلفيو برلسكوني علي الأراضي الايطالية يعد أشد خطراً من وجود النووي! بينما ذهب قارئ اخر إلي مدونتهwww.thinkup.ilcannocchiale.it/?tag=nucleare واضعا لينك الخبر بالصحيفة وبجواره وضع كاريكاتير لسلفيو وهو يأكل نواة الذرة أمام الشعب الإيطالي كي يؤكد لهم انه ليس خطرا ولا يحزنون . أما عن كيفية تناول هذه القضية من خلال موقع الفيس بوك الشهير فيكفي ان تكتب في خانة البحث"No al nucleare in Italia" لتجد 100 ألف إيطالي فما فوق جميعهم يعارض الفكرة حتي وان كانت لأسباب سلمية بحتة . وإن وضعت نفس الجملة في موقع يوتيوب فستجد عشرات الفيديوهات ومن بينها القرار الذي أعلنه وزير الخارجية بأن ايطاليا تعتزم العودة إلي مشروعها النووي! والذي علق عليه فيورد قائلا: "في الوقت الذي قرر أوباما الاهتمام بمجال الطاقة المتجددة فحكومتنا تهدف إلي النووي.. ليت الحكومة الحكيمة تخبرنا بالمكان الذي ستضع فيه المراكز الجديدة والنفايات خاصة وان بلدنا من البلاد المعرضة مسبقا للزلازل". وفي نفس الصدد وبمقطع فيديو اخر كتبت مواطنة ايطالية بأسلوب ساخر:"الشواهد علي نظافة النووي واضحة فيما حدث في تشرنوبل إضافة إلي آثار استخدام الأسلحة النووية “الخفيفة” علي النحو الذي أظهرت معالمه تشوها في الأجنة وزيادة في الأورام في فيتنام والأراضي القريبة من مفاعل “اسرائيل” والبحر الميت حيث تجري “إسرائيل” بعض تجاربها النووية . واليوم، دعونا نودع رحلتنا في عالم المدونات والمواقع الإيطالية بشئ لطيف، قد يضحك وقد يبكيك'هكذا كتبت عنه صاحبته'! ماريستيلا ماستروجوفانّي مؤسسة جروب NOBEL PER LA PACE A BERLUSCONI وداخل الجروب يكتب مئات الشباب الإيطالي معترضا علي فكرة أن يكون سيلفيو برلسكوني الحائز علي جائزة نوبل للسلام لعام 2010 خاصة بعد إنعاش النووي علي الأراضي الإيطالية، وبعد أن أرسل العديد من الإيطاليين العسكريين في بعثات أطلق عليها "بعثات سلام"مع أنها غير معتمدة مِن قبل الأممالمتحدة بل من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، علاوة علي انه حتي الآن لم يتمكن من إيجاد حل جذري للقمامة المكتظة بها شوارع نابولي والتي تجعلها أشبه بدول العالم الثالث وربما أسوأ. تم إنشاء الجروب بعد أن أعلن برلسكوني عن رغبته في الحصول علي الجائزة حتي انه تم تصميم موقع الكتروني خاص يستعرض رحلة حياة برلسكوني العظيمة ! [email protected]