اختلفت الأشكال، الأحجام، الألوان والديانات للناس أجمع، ولكن بقي شيئاً واحداً، ألاّ وهو المنصف للعدالة الإنسانية والإجتماعية والحياتية إنها النفس الواحدة التي تسكن جسدك أنا وأنت، إنها الروح التي ولدت بها من قِبل العزيز القدير، روح طاهرة عفيفة، مكرمة لا تشوبها أي شوائب شرانية مفسدة للحياة. إنها الروح التي خُلقت بها سواء كنت مسلماً، أو غير ذلك من مخلوقات الله علي الأرض. واسمحوا ليِّ أن أتقدم بالتهنئة للأخوة المسيحيين في عيدهم. ودعني عزيزي القارئ، أن أفرض مساحة لنفسي، كي أعبر عما يدور في وطننا العظيم، وما نشاهده من دعائيات وفتوي تبوح.. وتنهي.. وتكفر.. وتمنع.. وتحرم. إن ديننا الإسلامي الحنيف، دين السماحة والإنصاف والأخلاق المحمدية الهادية للبشرية. دين وجد من أجل إظهار روح العدالة الإجتماعية، من أجل إحترام الأخرين، من أجل مشاركة أوجاع ومأسي الأخرين. يقول الله تعالي: 'وقولوا للناس حسنا'، والمعني واضح ويحمل في طيته كثير من المعاني للذين يتدبرون القرآن ومعانيه، وهناك آيات كثيرة تحس علي حُسن معاملة الجوار، لو أني أقصد الأخوة المسيحيين. وأوجه وأشير إلي الذين يقولون تهنئة المسيحيين، لا تجوز من بعض أصحاب الفتوي. بل والأكثر من ذلك يتوجهون إليهم بفتاوي وأفكار قد تؤدي إلي فتنة طائفية. وتفرقة وحدة الوطن الواحد، أنهم عاشوا معنا وتحملوا معنا مشاركة الصعاب من مأسي وأوجاع. تعلم يا صاحب الفتوي 'البعض منهم، مع الاحترام للأخرين'، من سيدنا عمر رضي الله عنه واستمع كيف قال عندما تم ذبح شاه في داره. وقال هل أعطيتم لجارنا اليهودي 'حينذاك'. قالوا: لا.. قال أهدوا إليه، ومن هنا أُذكر أصحاب الفتوي 'البعض منهم' أيضاً بحديث سيدنا رسول الله 'صلي الله عليه وسلم'، إذ يقول: 'مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه' 'صدق رسول الله'. من خلال تلك القصص والمواقف التي حدثت في عصورنا الإسلامية القديمة انتشر ديننا بالأخلاق والقدوة الحسنة الصالحة، الحكمة والموعظة. يا أصحاب الفتوي 'مع كل الإحترام'، فكروا كيف أن فتواكم قد تغير من مسيرة وطن يريد أن ينهض بشعبه، يحلم لغدٍ مشرق. ارجوكم راعوا مشاعر الأخرين سواء من مسلمين أو مسيحيين. يا أصحاب الأخبار والفتوي، راعوا ضمائركم وسيروا علي نهج المدرسة المحمدية التي تعلم منها أصحاب رسول الله 'صلي الله عليه وسلم' والتابعين. الوطن محتاج الآن إلي التكاتف والبناء. إن الواجب علي المسلمين والأخوة المسيحيين أن يحافظوا علي التعايش الإيجابي المشترك القائم علي الإحترام والتقدير. ويجب الوقوف ضد أي جرائم تفسد 'الروح' من فتن وإبادات عرقية التي يمارسها البعض ويحاول التفكيك. يا أصحاب الفتوي والأراء، الوطن محتاج للأمن والأمان، وتعايش فكري سليم بين كل الأطياف. إن كتاب الله وسنة حبيبه 'صلي الله عليه وسلم' ورسالة سيدنا المسيح التي كانت أيضاً رسالة أباً راعياً لكل أبناء شعبه من مسلمين ومسيحيين، إنها وسائل هدايه ونور للبشر. يا أصحاب الفتوي.. التسامح الإسلامي مع أهل الديانات مطلوب حتي نكون عبره ومدرسة حقيقية يتعلم منها الأخرين. وسيروا علي نهج سيد الخلق أجمعين، وشاهدوا كيف كانت مواقفه 'صلي الله عليه وسلم'، أيضاً وسيدنا عمر 'رضي الله عنه' عندما رفض الصلاة في الكنسية، خوفاً من إتخاذها المسلمين مصلي لهم، وتكون هناك فتنة. إن الضمير الإسلامي واجب وطني وحياتي إذا صلح، رفع شأن الوطن، بل والشعب أيضاً. حماك الله يا مصر [email protected]