ومع دخولنا في الأسبوع السابع لانتشار فيروس كورونا في مصر ومع كل هذه الجهود الطيبة التى تبذلها الدولة بكافة مؤسساتها من أجل السيطرة على الوضع، يبقي الرهان دائمًا وابدًا على وعي هذا الشعب وتحمُّله للمسئولية تجاه نفسه أولًا وتجاه مجتمعه ثانيًا.. فهل نكون على قدر الحدث مثلما كنا دائمًا في أزماتنا وأيامنا العصيبة التى عشناها مؤخرًا..؟! في لحظات شديدة القسوة مثل التى يمر بها العالم اليوم ضد هذا الفيروس الغامض الذى ضرب الجميع دون استثناء لابد أن تستفيد الشعوب من تجارب الآخرين لتعبر إلى بر الأمان وأن يكون الالتزام بالتعليمات فرضَ عين إجباريًّا على كل مواطن فالأمر ليس تضييقًا علة الناس وتقييدًا لحرياتهم، ولكنه وقاية وحماية لهم وللوطن بأسره من الوصول لمرحلة الندم التى تعانيها اليوم أغلب شعوب وحكومات دول أوروبا وأمريكا بعد أن صارتِ الأعداد مرعبة وفوق قدرة أي دولة على الاستيعاب بالمستشفيات ومراكز العزل. في بلادنا الطيبة ما زلنا في الحدود الآمنة ولدينا معدل رائع للتعافي من آثار الفيروس وفق تصريحات منظمة الصحة العالمية، ولكن ما نراه من بعض السلوكيات المستهترة قد ينسف كل هذا فليس معنى الحظر وتعطيل الدراسة أن تبادر بعض الأسر من أغلب المحافظات بالتوجه للمدن الساحلية كالإسكندرية وبورسعيد وغيرها من أجل التنزه وقضاء عطلة الحظر.. ليس هذا من المنطق وليس مقبولًا أن نشاهد في شوارع الإسكندرية اليوم سيارات قادمة من جميع محافظات مصر وكأن موسم الصيف قد بدأ مبكرًا في عروس البحر. فى هدوء وتدرُّج تعمل الحكومة من أجل تقليل تواجد البشر على الأرض بقرارات متوازنة ومقبولة حتى الآن ولكن إن لم يقترن ذلك بالتزام كل المواطنين بهذه القرارات فلا جدوى وربما سنصل إلى مرحلة نكون مضطرين فيها إلى فرض الأمر بالقوة بقرارات أشد قسوة من أجل الحفاظ على هذا الوطن.. فما زال درء المفاسد مُقَّدمًا على جلب المنافع، وما زالت حرية الأشخاص مقيدة دائمًا بعدم المساس بصالح المجتمع وحرية الآخرين في أن يعيشوا آمنين داخل أوطانهم. إنها معركة فاصلة بين أن نعبر بسلام نحو شط النجاة وبين أن يزداد الأمر سوءًا. فتجارب الدول التى سبقتنا في مراحل الإصابة شاهدة على ذلك. العالم كله يفهم الآن أن من يلتزم ينجو وأن من يستهتر قد لا يجد من يغيثه، فالكل اليوم غارق في شئونه، والكل يتعلق بكل قوته بسفينة نوح لعله يكون من الفرقة الناجية. إنها رسالة أهل الإعلام والتنوير ومثقفي الوطن ونخبه الواعية اليوم أن يحرِّضوا الناس على الثبات والصبر والتزام البيوت لتمر الأزمه بأقل الخسائر ولتستطيع الدولة بإمكانياتها المحدودة أن تكمل مسيرة الحرب على هذا الفيروس الغامض.. فإن خاب هذا الأثر التوعوى فلا بديل عن الحزم والقرارات القوية التى تحافظ على صحة الإنسان وأمنه ضد كل مستهتر لا يدرك خطورة ما نمر به من تحديات عصيبة. اللهُم احفظ بلادنا من البلاء والوباء وليمر الأمر هينًا علينا بعزيمة الرجال وثبات الأبطال على كل جبهات المعركة.. خاصة هؤلاء النبلاء من الأطباء وفرق التمريض في مستشفيات ومراكز العزل وكل العاملين بالمنظومة الصحية الذين أثبتوا أنهم على قدر الحدث والمسئولية حتى الآن... اللهُم مِصر وأهلها.