وسط انتشار عدوى فيروس كورونا بفرنسا، ووسط حالة الذعر والخوف التي تسيطر على مختلف أوجه الحياة بسائر المدن الفرنسية، يستعد أكثر من 48 مليون ناخب فرنسي للاقتراع يومي الأحد الموافق 15، 22 من مارس الجاري، وخلال دورتين انتخابيتين لاختيار رؤساء وأعضاء البلديات بالمدن الفرنسية، ووسط حالة الذعر التي يعيشها الفرنسيون من تداعيات فيروس كورونا، ووسط استمرار الاحتجاجات والتظاهرات العمالية والنقابية بسبب قانون التقاعد، وغيرها من المشكلات الاجتماعية، بل ومع تداعيات احتجاجات السترات الصفراء التي ضربت فرنسا بشدة يقبل الفرنسيون على الإدلاء بأصواتهم في تلك الانتخابات الهامة، والتي يتخوَّف من نتائجها الحزب الحاكم الفرنسي؛ حزب الجمهورية إلى الأمام، وانعكاس تداعياتها على الحزب، وتأثيرها المباشر على الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة عام 2022 وإمكانية ترشح الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون لولاية رئاسية ثانية. ولهذا فإن الحكومة الفرنسية الحالية برئاسة إدوارد فيليب تثمِّن غاليًا تلك الانتخابات وتتخوّف من نتائجها وسط توقعات بعدم ذهاب الكثير من الفرنسيين للإدلاء بأصواتهم تخوفًا من انتشار عدوى فيروس كورونا الذي يرخي بظلاله على الحياة الفرنسية لدرجة يخيف فيها القائمين على فرز الأصوات، وعلى العملية الانتخابية برمتها، مما دعا الكثير من السياسيين، والمرشحين لرئاسة البلديات بدعوة الناخبين للإقبال على الانتخابات، واتخاذ الكثير من الإجراءات، والاستعدادات الاحترازية لهزيمة الفيروس. وخلال تلك الانتخابات يعول حزب الرئيس ماكرون (حزب الجمهورية إلى الأمام) على الحصول على أكبر نسبة من عمداء البلديات، ولهذا فقد تم الدفع بعشرة وزراء من الحزب الحاكم، ومن بينهم رئيس الوزراء الحالي إدوارد فيليب لخوض الانتخابات للتأثير على الناخبين، كذلك يسعى الحزب اليميني أيضًا للاحتفاظ بالكثير من مقاعده، وبخاصة في معاقل الحزب في الجنوب، والريف الفرنسي، وكذلك حزب اليمين المتطرف المسمى حاليًا بحزب التجمع الوطني الذي يسعى أيضًا لتوسيع نطاقه خارج مناطقه، وأما الحزب الاشتراكي فقد وحَّد صفوفه مع حزب البيئة الفرنسي لتحقيق نتائج قوية، وعودته من جديد للحياة السياسية بعد فترة من الانتكاسات، وبخصوص اختيار عمدة باريس، ومدى رمزيتها عند الفرنسيين مازالت الاشتراكية «آن هيد ألجو» ذات الأصول الإسبانية مصرةً على الاحتفاظ بعمدة باريس، إلا أنها وبرغم شعبيتها تواجه منافسةً حادةً مع مرشحة اليمين ووزيرة العدل السابقة في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي عام 2007 السيدة/ رشيدة داتي، وأيضًا مع مرشحة الحزب الحاكم، ووزيرة الصحة السابقة السيدة أنييس بوزين، ووفقًا لآخر استطلاعات الرأي فإن المنافسة ستكون حادةً بين كلٍّ من آن هيد ألجو العمدة الحالية، وبين رشيدة داتي ذات الأصول المغاربية التي تسعى لاعتلاء هرم السلطة في العاصمة الفرنسية، واستعادة باريس من قبضة الاشتراكيين. هذا ويشارك في تلك الانتخابات للحصول على مقاعد هامة الكثير من الفرنسيين من أصول أجنبية من بينهم الكثير من أصول مغاربية سواء للمنافسة للمرة الأولى، أو لشرف تدبير الشأن العام الفرنسي، ووفقًا لآخر استطلاع للرأي فإنه من المتوقع أن يقاطع أكثر من 35% من الناخبين الفرنسيين تلك الانتخابات بسبب تحديات فيروس كورونا، ولتبقى الآمال معقودةً على ما نسبته 65% من الفرنسيين الذين يتوقع إقبالهم على الإدلاء بأصواتهم برغم كل تلك التداعيات المحيطة بالعملية الانتخابية للبلديات هذه المرة.