ربما ما تعرضت له وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد ومازالت، يفوق احتمال البشر، الوزيرة تواجه منذ عدة أشهر أعتى موجات التنمر بلا رحمة، وتحولت كل أحاديثها إلي مادة دسمة للسخرية بشكل متعمد يستهدف اغتيالها معنويا، والإضرار بصورتها العامة، وإضعاف تأثيرها من أجل التشكيك في روايتها الرسمية، واعتمد محترفي السخرية والتهكم على استخدام ألفاظا تقلب المعنى على عكس ما تقصده الوزيرة من أجل تحقيق غايتهم المسمومة. فمنذ بداية أزمة فيروس "كورونا" تعاملت الدولة متمثلة في وزارة الصحة، باحترافية شهدت بها منظمة الصحة العالمية، مشيدة بخطة مصر الاحترازية لمواجهة الفيروس الجديد ، كما كانت مصر من طليعة الدول التي أرسلت طائرة خاصة لإعادة المصريين من مدينة ووهان الصينية منبع الفيروس بالمجان، بالإضافة إلي توفير حجر صحي مطابق لمعايير السلامة الدولية. لم تسلم الوزيرة من خفة الظل والسخرية غير المبررة، إثر طريقة ارتدائها للكمامة الواقية خلال تفقدها لاستعدادات استقبال المصريين العائدين من ووهان، بالرغم من إشادة المنظمات الدولية والمتخصصين بما أنجزته الوزارة وما أعدته من خطة محكمة شاركت فيها مؤسسات الدولة مجتمعة، بداية من مدينة ووهان وصولا إلي مصر ومرورا بفترة ال14 يوما داخل الحجر الصحي حتى التأكد من سلامتهم. موجة السخرية المتعمدة عادت وانطلقت بشكل أوسع منذ إعلان الوزيرة بالأمس عن سفرها إلي الصين بتكليفات رئاسية، من قبل من لا يروق لهم ماتقدمه الدولة عامة، ووزارة الصحة خاصة من جهود مضنية وإجراءات احترازية لمواجهة شبح الفيروس الذي يجتاح العالم، محاولين التشكيك في حقيقة ما تعلنه الوزارة حول أعداد إصابات الفيروس في مصر، رغم اجتياحه للعديد من الدول المتقدمة فالمجال الصحي، ومن سمى فدخول الفيروس لمصرلا يدين المنظومة الصحية للدولة، وإخفاء الحقيقة والتعتيم ليس له مبرر، كما أن الدولة لا تملك خيار أو رفاهية الإخفاء في ظل الرقابة الدولية ومتابعة منظمة الصحية العالمية لمجريات الأمور في مختلف بلدان العالم. الحقيقة أننا لو تناولنا بموضوعية ما أنجزته وزارة الصحة من ملفات وتكليفات رئاسية مباشرة خلال السنوات القليلة الماضية، سنجد أن الدكتورة هالة زايد استطاعت أن تقود الوزارة، وبكفاءة عالية في إجراء أكبر مسح طبي في العالم لأكثر من 60 مليون مواطن للكشف عن فيروس سي في وقت قياسي ، هذا المرض اللعين الذي ظل لعقود ينهش في أكباد المصريين، ذلك المسح الذي مكن الدولة من علاج 4 ملايين مصاب بالمرض، ليكون بمثابة طوق النجاة لملايين الأسر المصرية، بخلاف منظومة التأمين الصحي الشامل التي تستهدف تغطية علاج الأمراض المزمنة بنسبة 100 %، والقضاء على قوائم الانتظار، وغيرها من المبادرات الرئاسية التي تتعلق بصحة المصريين وتولت الوزارة تنفيذها. المؤكد أنه يتعين على هؤلاء المشككين في قدرة الدولة على مواجهة تلك الأزمة التي تهدد العالم، العودة بالذاكرة قليلا، وتقييم تجارب مصر السابقة في مواجهة بعض الأزمات المماثلة التي هددت العالم، كفيروس سارس ، وأنفلونزا الطيور والخنازير، والتي أثقلت من خبرات المسئولين والقائمين على المنظومة الصحية في مواجهة مثل تلك التحديات. ما يحدث ضد وزيرة الصحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تخطى مرحلة "الهزار" وخفة ظل المصريين المعتادة، ووصل إلي مرحلة الحماقة، ويطرح تساؤلا: أين ذهبت شهامة المصريين وقيمهم؟!، فالوزيرة هي سيدة مصرية، تؤدي عملها بإخلاص، وتتحدث بتلقائية المصريين، وافقت على تكليف القيادة السياسية بشجاعة رغم ما يمكن أن تتعرض له من مخاطر، لها عائلة وأبناء يتابعون ما يكتب عنها، يتألمون من أجلها. في الغالب فيروس كورونا سيدخل مصر، وهذا ما قالته الوزيرة صراحة في إحدى المداخلات التليفزيونية، المهم أن تكون الدولة ووزارة الصحة تحديدا مستعدة لذلك، وهو ما يتضح من الإجراءات المتخذة والمتابعة المباشرة من الرئيس السيسي، والأهم هي ثقافة الشعب في مواجهة تلك الأزمة بعيدا عن حملات السخرية وتزييف الحقائق التي لا تتفق أبدا مع سمات شعب يمتلك تكوينا حضاريا وثقافيا ممتد لآلاف السنين.