الشكر الوافر موصول إلى سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمشاركته في تشييع الرئيس الراحل حسنى مبارك في جنازة عسكرية مهيبة جرت وقائعها يوم الأربعاء الماضى، فجاءت مشاركة الرئيس السيسى لكى ترسى فريضة الوفاء لأقدار الرجال. جاءت مراسم الجنازة المهيبة لتسلط الأضواء على رد الاعتبار للرئيس الراحل حسنى مبارك ولتاريخه المشرف بوصفه القائد العسكرى الذى كان له دور بارز في حرب أكتوبر المجيدة في عام 1973 وبوصفه الرئيس الذى حكم في مصر وأعلى القيم وانتصر للوفاء والعطاء، وأدار شئون البلاد بحكمة واقتدار، ونجح في تجنب العواصف والأنواء. خاض مبارك معارك كثيرة تصدرتها معركة حرب أكتوبر، وملحمة استرداد طابا عبر التحكيم الدولى، ومعركة الحفاظ على الوطن في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، فلقد آثر يومها التنحى عن السلطة ليجنب البلاد الانزلاق نحو المجهول. أما الفضيلة الكبرى التي تحتسب للرئيس الراحل فهى تشبثه بأرض مصر، الوطن الذى أبى الرحيل عنه وآثر البقاء فيه، فمصر هي الوطن الذى أحبه ولا يستطيع الانسلاخ عنه. ومن ثم حسم الرئيس مبارك أمره عندما قال يومها:( مصر الوطن عشت فيه وسأموت على أرضه). كان الرئيس الراحل حسنى مبارك نموذجا مثاليا في احترام الدولة المصرية واعلاء سيادة القانون فيها. بل إنه سجل علامة فارقة في وضعية الانتماء للوطن الذى أحبه حتى النخاع. ولهذا التصق به وأبى أن يغادره ليتحقق له ما يريد وهو أن توافيه المنية وهو على أرضه فيدفن في ثراه. كان بمقدوره أن يغادر مصر ويلبى العروض التي طرحت عليه من الخارج، وأن ينعم بحياة القصور في آخر أيامه. بيد أنه رفض ذلك وآثر البقاء على أرض مصر، وامتثل للمحاكمات القضائية بمختلف درجاتها ليحصل على أحكام بالبراءة. إنه حسنى مبارك أحد أبرز القادة العرب الداعين إلى توحيد المواقف العربية. إنه عن حق رجل الحرب والسلام. خدم مصر بإخلاص وقاد مفاوضات السلام عقب الحرب، وحافظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط، وأسهم في الحفاظ على أمن دول الخليج. لن ينسى أحد للرئيس الراحل دوره كقائد للقوات الجوية في حرب أكتوبر 73 ، كما لن ينسى أحد له كونه نجح في إعادة العلاقات العربية إلى مسارها لتتبدد المقاطعة ويحل التواصل محلها، وتعود العلاقات مع مصر من جديد، وتعود الجامعة العربية إلى مقرها في القاهرة، وتستأنف مسيرة السلام مع إسرائيل، وتعود طابا إلى مصر، ويطرأ تحسن على الوضع الاقتصادى، ويسود الاستقرار والأمن في البلاد. وبذلك أكد حسنى مبارك أنه عن حق الرجل الزعيم القائد الذى أثبت مقدرة كبيرة في القيادة بحيث حقق من خلالها الكثير من الإنجازات ووثق صورته بكل ما هو رائع عندما حقق الاستقرار وأشاع الأمن. واليوم وبعد أن جاء الرحيل نتذكر مبارك بطل الحرب والسلام، المحارب الفارس وأحد نسور قواتنا الجوية. الرجل الذى تخلى تلقائيا عن السلطة بعد الثورة وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بإدارة شئون البلاد. ترك المنصب تلقائيا ولم يطلق النار على أحد. رحل مبارك بعد أن ملك سجلا مشرفا في التاريخ العسكرى وسجلا مشرفا في دفاعه عن أمن مصر القومى والأمن القومى العربى، وفى تصحيحه لمسارات السياسة الخارجية وفى الدور الذى لعبه بالنسبة للقضية الفلسطينية من خلال دعمه للموقف التفاوضى الفلسطيني مع إسرائيل، ودعمه للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية بعد أن لعب دور الوسيط بشكل جيد. لن تغيب ذكرى حسنى مبارك عن أحد، فهو الرجل الذى حفظ لمصرالأمن والأمان والاستقرار على مدى ثلاثة عقود، وهو رجل الدولة الذى أمكنه الحفاظ على الحد الأدنى من المصلحة العربية وتمكن من الحفاظ على مكانة مصر لتحتل في عهده الدور الريادى والقيادى في العالم العربى. ولهذا فإن الشعب الذى ثار على مبارك بالأمس غدا اليوم يترحم عليه ويتذكره كقائد وكبطل حافظ على السلام والاستقرار. ولهذا استشعر الشعب الحاجة إلى تقديم اعتذار لشخصه وكأن لسان حاله يقول:( آسفين ياريس). رحم الله الرئيس الراحل حسنى مبارك وأسكنه فسيح جناته.