نفذت تجمعات من المواطنين اللبنانيين احتجاجات واسعة أمام مقار مؤسسات الكهرباء العمومية في العاصمة بيروت وعدد من المحافظات، اعتراضا على ما تشهده معظم أنحاء البلاد من انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كلي على مدى يومين متتاليين، فيما بررت وزارة الطاقة "التقنين الإضافي" بعدم إمكان البواخر التي تحمل وقود محطات التوليد من تفريغ حمولتها جراء العاصفة التي تضرب لبنان. وتجمع المواطنون منذ الصباح الباكر أمام مقار مؤسسة (كهرباء لبنان)، لاسيما في بيروت اعتراضا على انقطاع الكهرباء واضطرارهم إلى الاعتماد على المولدات الكهربائية بصورة كاملة، قائلين إن "الوضع أصبح لا يطاق" في ظل التقنين القاسي الذي تتعرض له البلاد. وقطع مواطنون في المناطق الشمالية الطرق أمام مقار مؤسسة كهرباء لبنان باستخدام العوائق والإطارات المشتعلة، كما احتج آخرون في عدد من مناطق الجنوب لاسيما محافظة النبطية، مؤكدين أن التغذية الكهربائية انخفضت إلى ما دون ال 5 ساعات يوميا، الأمر الذي يجبرهم على الاعتماد على المولدات بشكل شبه كامل. وانتشرت وحدات من الجيش اللبناني وعناصر الأمن وقوات مكافحة الشغب أمام مقار مؤسسة الكهرباء العمومية؛ لمنع حدوث أية مواجهات أو تعرض تلك المقار لأعمال شغب من المواطنين الغاضبين جراء انقطاع الكهرباء. من جانبها، أكدت وزارة الطاقة أنها تواجه صعوبة كبيرة في توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وأن المشكلة جرى حلها جزئيا غير أن البواخر التي تحمل الوقود لم تتمكن من تفريغ حمولتها في الموانئ اللبنانية في ضوء العاصفة القوية التي تضرب لبنان والتي تسببت أيضا في انفصال بعض مجموعات التوليد عن شبكة التوزيع مما أدى إلى تقنين إضافي في التغذية الكهربائية. وأشارت الوزارة - في بيان لها - إلى أنه من المتوقع عودة التغذية الكهربائية تدريجيا إلى ما كانت عليه قبل العاصفة ابتداء من يوم /السبت/ المقبل، وذلك بعد أن تسمح حالة الطقس بالشروع في عملية تفريغ بواخر المحروقات ابتداء من غد /الجمعة/. وذكرت وزارة الطاقة أنها -وحتى نهاية شهر فبراير المقبل- ستقوم بتوفير التغذية الكهربائية للمناطق خارج العاصمة بيروت بمعدل من 8 إلى 10 ساعات يوميا، على أن تتوفر الكهرباء للعاصمة بمعدلة من 16 إلى 21 ساعة يوميا في حال استقرت عملية إنتاج وتوليد الطاقة على قدرة 1500 ميجاوات، وأنه في أعقاب هذا التاريخ ستكون الوزارة بحاجة إلى المزيد من الاعتمادات المالية للاستمرار في شراء الوقود اللازم لتوفير التغذية الكهربائية. ويعاني لبنان من عجز شديد في قطاع الكهرباء يكبد خزينة الدولة نحو 2 مليار دولار سنويا، كما أن هذا الملف ظل محل خلاف شديد بين القوى السياسية اللبنانية حول الآليات المقترحة للحلول، قبل أن تقر الدولة في أبريل الماضي خطة حكومية لإصلاح الكهرباء، عبر تشييد محطات تبدأ في توفير حاجة البلاد من الكهرباء اعتبارا من مطلع 2023، بالتوازي مع اعتماد مجموعة من الحلول المؤقتة لحين الانتهاء من بناء المحطات. ويمثل العجز في قطاع الكهرباء في لبنان – طبقا للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية - نحو 40% من عجز الموازنة ككل، حيث يضطر لبنان إلى شراء وقود سائل باهظ التكلفة لتشغيل محطات الكهرباء القائمة، فضلا عن تقادم معظم محطات توليد الكهرباء وتهالك شبكات التوزيع، الأمر الذي يزيد من عجز الكهرباء. ويضطر لبنان إلى تعويض العجز في التغذية الكهربائية من خلال بواخر الكهرباء (المحطات العائمة المستأجرة من تركيا لتوليد الكهرباء) التي يتم ربطها بالمحطات لزيادة إنتاج الطاقة، كما يلجأ اللبنانيون في عموم البلاد إلى تعويض النقص عبر استخدام المولدات الكهربائية. وكان المبعوث الرئاسي الفرنسي بيير دوكان المكلف بمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" لدعم الاقتصاد والبنى التحتية اللبنانية، والذي زار لبنان مطلع شهر سبتمبر الماضي، قد شدد على ضرورة معالجة أزمة عجز الكهرباء في لبنان، وأن تتوافر تغذية التيار الكهربائي بصورة منتظمة وكاملة على مدار اليوم في البلاد، من أجل جذب المستثمرين اللبنانيين والأجانب، فضلا عن كون ملف الكهرباء في لبنان يكتسب أهمية كبرى في ظل الوضع الاقتصادي شديد الصعوبة الذي تمر به البلاد.