أثار حادث حريق إيتاى البارود الأخير العديد من التساؤلات والأحزان ايضًا حول أسباب خروج الأمر بهذا الشكل الذى يحمل فى طياته الكثير والكثير من الظواهر السلبية الجديدة على مجتمعنا ولكن يظل الخطأ ان يختزل بعضهم القصه برمتها فى أن الفقراء قد استحلوا المال العام فى وضح النهار بدعوى الاحتياج وكأننا فى عام الرمادة مثلما أراد المُغرضون فى قنوات الشر الإخوانية أن يستغلوا الحدث كعادتهم من أجل تحقيق مصلحتهم. عفوًا: فقراء الوطن ليسوا لصوص.!! نعم هو حادث مؤسف يكشف العديد من عورات المجتمع فى سنواتنا الأخيره من إهمال وتكاسل وإستحلال البعض للمال العام والتعدى على املاك الدولة ما دامت بعيدة عن الرقابة ولكن يبقى المشهد الأهم هو هذا السلوك المشين لفئة من الأهالى وسائقى التكاتك والمعدات الزراعية الذين رأيناهم رؤى العين فى الفيديوهات المصورة للحادث مصطفين فى طوابير من أجل سرقة تلك المواد البترولية دون ادنى غضاضة ليمنحوا المتربصين بنا فرصة القول إن الفقراء قد استباحوا اموال الدولة وكأنما قد افترضوا أو ثبت لهم أن كل هؤلاء اللصوص الذى شاركوا فى هذا الجرم هم من الفقراء لتحويل الحادث إلى ظاهرة واللعب على وتيرة أن شعب مصر يعانى الجوع لدرجة أنه لايفرق بين حلال وحرام ..! من قال إن هؤلاء اللصوص فقراء وكيف يكون سائقا أو مالكا لمعدة أو سيارة فقيرا.. انها شعرة معاوية التى لابد ألا نقطعها فالفارق كبير بين فقير يحسبه الجاهل غنيا من التعفف وبين لص سارق لا وعى لديه ولا رادع يستوى عنده الحلال والحرام حتى وإن لم يكن محتاجًا فإن كان هؤلاء فقراء فبماذا نسمى علية القوم من رجال اعمال أو مسئولين كبار وهم يتساقطون كل يوم فى قضايا رشوة وسرقة أملاك الدولة.. هل هؤلاء فقراء أم أنهم لصوص بدرجة أثرياء..!!! نعم سنتوقف طويلًا عند مشاهد أخرى للحادث تعكس درجات عالية من الأهمال والتسيب يأتى على رأسها تلك المدة الزمنية الطويلة التى سبقت حدوث الانفجار والتى امتدت لساعات قام فيها سائقو التكاتك والسيارات بتعبئة كل هذه الكميات من البنزين المستباح ونتساءل: أين كانت أجهزة مدينة إيتاى البارود ومحافظة البحيرة المختلفة طوال تلك الساعات وكيف لم يتم الإبلاغ عن الكسر ونهب المواد البترولية لدرجة أننا رأينا فيديوهات لعملية السرقة خلال النهار وحتى غروب الشمس أى أن الأمر استمر طويلًا فكيف صمت الجميع واكتفى بالتصوير أو الانصراف لحال سبيله دون تدخل أو محاولة إنهاء هذا الوضع المستهجن قبل حدوث الكارثة..!! تساؤل آخر خاص بالشركة البترولية المسئولة عن نقل هذه المواد وكيف لم يشعروا طوال تلك الساعات أن هناك تسريبا ضخما يحدث على أحد خطوط نقل البنزين؟ وهل لديهم أجهزة ترصد حركة تلك المواد داخل انابيب التوصيل عبر المحافظات أم أن الأمر يسير بشكل عشوائى دون متابعة فيصبح من السهل سرقة تلك المواد فى أى مكان تمر به دون رقابة أو تتبع للكميات التى يتم إهدارها من أموال الشعب..!! يظل الفارق كبيرا بين الفقر والوعى ولا مجال للخلط بينهما فهناك فقراء على اعلى درجات الوعى الإيمانى والوطنى يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة وهناك أثرياء أو مقبولو الحال لا وعى لهم ولا وازع ايمانى يمنعهم عن سرقة ما لا يحق لهم دون ان يكونوا اصلًا فى احتياج إليه.. إنها مشكلة الوعى التى غابت عن مجتمعنا مؤخرًا حتى أصبح البعض يرى أن كل شىء مباح ما دام بعيدًا عن أعين الدولة فرأينا آلاف العقارات تبنى بين ليلة وضحاها بالمخالفة ورأينا أثرياء الحروب وقد زادوا وطغوا فى البلاد منذ ثورة يناير ورأينا موظفين عموم يستبيحون الرشوة وفتح الادراج دون أن يهزهم ولو للحظة قيمة الحلال وبركته فى المال مهما قل ورأينا فنا هابطا وفكرا مبتذلا يسرق الأرواح ويغيَّب العقول من أجل المال ..!! إنها مأساة الوعى يا سادة فلنعمل عليها لترسيخ تلك القيم فى النفوس ولنترك الفقراء فى حالهم دون تحميلهم مزيدًا من الاتهامات فما زال فقراء الوطن شرفاء يعانون فى صمت طمعًا واملًا فى غدٍ افضل لكنهم ليسوا لصوصا ولننظر إلى قضايانا الأخيره التى أعلنت عنها جهات الرقابة الإدارية بكل شجاعة واقتدار لنعرف من هم اللصوص حقًا.. رفقًا بفقراء الوطن..!!