54 مليار دولار حجم الاستثمارات السعودية بمصر 5338 شركة سعودية بمصر و1300 شركة مصرية بالمملكة للملياردير الأمريكى «وارن بافت»، الشهير بلقب أنجح مستثمر فى العالم، عبارة شهيرة تقول : «عامل الاستثمار الحاسم هو تحديد القيمة الجوهرية للأعمال».. وإذا صدقت هذه المقولة على الاستثمار الفردي، فإنها تكون أوقع وأكثر قيمة فى حالة الاستثمارات القائمة بين دولتين، لا سيما إذا كانتا تتمتعان بعلاقات تاريخية واستراتيجية راسخة تظللها روابط الجوار والدم والدين والأخوة كما فى حالة الشقيقتين: المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وهى العلاقات التى تجد قوة دافعة كبيرة من قيادتى البلدين: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده الأمير محمد بن سلمان، وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتأسيسًا على ما سبق، دخلت الفرص الاستثمارية المشتركة بين البلدين فى أوج ازدهارها خلال السنوات الأخيرة، لاسيما وأن السعودية تحتل المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات العربية فى مصر، والمرتبة الثانية على الإطلاق باستثمارات بلغت نحو 54 مليار دولار، وهو ما سنعرض له فى السطور القادمة. فى 20 مارس المنقضي، عقد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر برئاسة الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، لقاء جمع السفير السعودى فى القاهرة أسامة النقلي، وقيادات الصحافة المصرية، وفيه أشار السفير إلى بعض الحقائق التى تعكس قوة ومتانة العلاقات المشتركة بين المملكة ومصر حيث قال: «أكبر جالية مصرية بالخارج تتواجد بالمملكة العربية السعودية، حيث بلغت 2.5 مليون مصري، وأكبر جالية سعودية بالخارج مقيمة فى مصر، حيث بلغت 600 ألف سعودي»، مضيفًا أن حجم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة بين الجانبين هو الأكبر فى علاقات السعودية، وتشمل جميع الجوانب الثقافية والعسكرية والصحية والتعليمية وتعاون القطاع الخاص. تزايد حجم الاستثمارات وفقًا للإحصاءات الرسمية، يتواجد ما يربو على 8 آلاف مستثمر سعودى بمصر يسهمون فى زيادة حجم الاستثمارات السعودية بمصر عامًا بعد عام، كما أن التبادل التجارى ينمو بين البلدين إذ بلغ عام 2017م حوالى 6 مليارات دولار، وتعدى 8 مليارات دولار فى عام 2018م، والأمر مرشح للزيادة خلال العام الجارى 2019م. وقد بلغ عدد المشروعات السعودية بمصر أكثر من خمسة آلاف مشروع فى كافة المجالات الإنتاجية والخدمية، وفى المقابل تنامت المشروعات المصرية بالمملكة ليصل عددها إلى ألف وثلاثمائة مشروع باستثمارات تتجاوز مليارين ونصف مليار دولار، منها ألف مشروع برأسمال مصرى مائة فى المائة، وذلك وفقًا لما جاء بفعاليات منتدى مجلس الأعمال السعودى المصرى المنعقد فى القاهرة فى شهر فبراير الماضي. وأمام نفس المنتدى، قال رئيس اتحاد الغرف المصرية أحمد الوكيل إن السعودية قد احتلت المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات العربية فى مصر، مضيفًا أن السياحة السعودية تشكّل أكثر من ( 20%) من السياحة العربية بمصر. وحث الوكيل على توحيد المواصفات بما يسمح بانتقال البضائع والخدمات بين المملكة ومصر بسهولة ويسر، وتجاوز مرحلة العلاقات الثنائية، والبدء فورًا فى العمل المشترك من أجل غزو الأسواق الخارجية، لمزيد من التكامل لصالح البلدين الشقيقين، داعيًا إلى استغلال الفرص الاستثمارية التى تطرحها مصر من مشروعات واعدة فى قناة السويس، وفى مجالات الكهرباء والطاقة والنقل والصناعة والسياحة والعقارات، وغيرها من المجالات، مشددًا على ضرورة إزالة كافة المعوقات وفض المنازعات، بهدف منع تكرارها ليتفرغ المستثمر الجاد للعمل والإنتاج. استهداف السوق الإفريقية من جانبه، أشار رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور سامى العبيدى فى كلمته بالمنتدى إلى أن عدد الشركات السعودية فى مصر قد ارتفع من 4996 شركة إلى 5338 شركة سعودية عاملة فى مصر، مُعلنًا عن مزيد من الاستثمارات الجادة من الجانبين السعودى والمصري، ومطالبًا فى الوقت ذاته بزيادة الدعم الحكومى فى ظل التحديات والإشكاليات التى تواجه بعض الاستثمارات المتأخرة، لافتًا الانتباه إلى أنه تم طرح عدد من المبادرات وخطوات العمل لزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين، ومنها لقاء الغرف السعودية (28 غرفة تجارية) مع 27 غرفة مصرية، والمبادرة الثانية ستكون عمل شراكة سعودية مصرية لاستهداف السوق الإفريقية، لا سيما مع ترؤس مصر للاتحاد الإفريقى فى دورته الحالية. وفى السياق نفسه، قرر مجلس الأعمال المصرى السعودى تشكيل أربع لجان فنية متخصصة فى مجالات الصناعة والزراعة واستصلاح الأراضى والتشييد والإعمار والسياحة، وهو الأمر الذى سيسرع وتيرة الاستثمار بين الجانبين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أهم المشروعات السعودية الحديثة المعلن عنها فى مصر، مشروع شركة «أكوا باور» السعودية، التى تقوم بتنفيذ مشروع محطة الأقصر لتوليد الكهرباء، باستثمارات تبلغ 2.3 مليار دولار، علمًا بأن هناك تحولًا فى الاتجاهات الاستثمارية السعودية، إذا تلقت الهيئة المصرية العامة للإستثمارعددًا كبيرًا من الطلبات الاستثمارية السعودية لتخصيص أراضٍ صناعية بعدما كانت تتركز فى القطاعين العقارى وتجارة التجزئة. تقرير مهم فى تقرير أخير له، كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بمصر عن ارتفاع قيمة صافى الاستثمارات السعودية فى مصر خلال الربع الثانى للعام المالى 2018/2019م، لتسجل 125.5 مليون دولار مقابل 87.1 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى 2017/2018 بنسبة ارتفاع قدرها (44.1%). فيما بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر والسعودية 1.2 مليار دولار خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين. أهم الاتفاقيات خلال السنوات القليلة الماضية، وقعت المملكة ومصر عددًا من الاتفاقيات الهامة، يمكن رصدها فيما يلي: فى عام 2015م، تم الاتفاق على مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية، بهدف الإسهام فى تلبية احتياجات الطاقة الكهربائية فى البلدين، وتحسين أداء واستقرار الشبكة فيهما، من خلال ربط الشبكة الكهربائية المصرية بالشبكة الكهربائية السعودية، على التيار المستمر (جهد 500 كيلو فولت) من محطة تحويل بدر فى مصر، إلى محطة تحويل شرق المدينةالمنورة، مرورًا بمحطة تحويل تبوك فى السعودية، بطول حوالى 1300 كيلومتر، بقدرة نقل تبلغ حوالى 3000 ميجاوات. وفى مارس من نفس العام، تم توقيع اتفاقية للتعاون الجمركى لتسهيل حركة التجارة البينية بين البلدين . وفى عام 2016م، تم توقيع عدة اتفاقيات خاصة بمشروعات الإسكان فى سيناء، والطاقة النووية وتجنب الازدواج الضريبي، و6 مذكرات تفاهم فى قطاعات مختلفة، أبرزها الكهرباء والتجارة والصناعة إلى جانب ثلاثة برامج للتعاون. فى مارس 2018م، تم توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين فى مجالات مختلفة، وتأسيس صندوق استثمارى مصرى سعودى بإجمالى مبلغ 16 مليار دولار، لضخ الاستثمارت السعودية فى تلك المشروعات، بعدد من محافظات مصر. وإضافة إلى ما سبق، نجد أن مشروع «نيوم» هو مشروع المستقبل لكلتا الدولتين، حيث يقع جزء من المشروع داخل الأراضى المصرية، ولا ننسى مشروع جسر الملك سلمان للربط بين البلدين عبر البحر الأحمر. وأخيرًا.. لاشك أن المملكة ومصر لديهما رؤية مشتركة فى ظل حراك تنموى كبير فى مصر، خصوصًا مع السياسات الجديدة لمصر لجذب الشركات الأجنبية، وفى ظل تدشين مشروعات لوجستية ضخمة حاليًا بمصر، وبنية تحتية كبيرة.