فى الرابع من أبريل أعلن المشير خليفة حفتر في كلمة مسجلة انطلاق العملية العسكرية التى أطلق عليها اسم «الفتح المبين» لتحرير طرابلس العاصمة من الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية. فى نفس الوقت كانت قوات الجيش الوطنى الليبى تتقدم باتجاه العديد من المدن القريبة من طرابلس؛ حيث وصلت القوات إلى مدينة «غريان» فى ساعة مبكرة من صباح ذات اليوم وسيطرت على المدينة التى تبعد عن طرابلس نحو 120 كيلو مترًا. وكانت العملية المفاجئة قد جاءت فى وقت يجرى فيه الحديث حول عقد الملتقى الوطنى الجامع فى مدينة «غدامس» الليبية فى الفترة من 14 - 16 أبريل الحالى حسب نص الإعلان الذى أصدره المبعوث الأممى إلى ليبيا د. غسان سلامة. وبالرغم من أن أهداف العملية العسكرية كانت معلنة إلا أن فائز السراج رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى التي جرى تشكليها بتعليمات من الخارج، رأى أن العملية موجهة إلى حكومته، فأصدر تصريحًا أكد فيه أنها تمثل طعنة فى الظهر، وأنه فوجئ بالعملية المصحوبة بخطاب تعبوى تعيدنا مفرداته إلى الزمن الشمولى. وقد تسبب تصريح السراج فى أزمة علنية بين الطرفين؛ إذ أعلن اللواء أحمد المسمارى المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى.. أنه لم يعد بالإمكان الصبر على مراوغات السراج.. وقال بشكل واضح «لقد حسمنا قرارنا والكلمة للمعركة». لقد حدد اللواء المسمارى أهداف عملية تحرير طرابلس فى ثلاثة أهداف أساسية: - تحرير مؤسسات الدولة من سيطرة الإرهابيين وتحقيق الأمن والاستقرار على أرضها. - تهيئة المناخ لأن تكون طرابلس عاصمة لكافة الليبيين. - توفير البيئة المناسبة لأى عمل سياسى وعلى رأسها الاستحقاق الدستورى. ومنذ البداية أعلن الجيش الليبى التقدم على 7 محاور باتجاه طرابلس، وبدأ فى خوض معارك عديدة وتطهير بعض المناطق من سيطرة الإرهابيين والقوات التابعة لحكومة الوفاق الوطنى. وقد نجحت القوات المعادية للجيش فى المقابل فى أسر أكثر من 147 مقاتلاً واستشهاد 14 آخرين فى عملية تم استدارج قوات الجيش الوطنى إليها بفعل خديعة من قِبل أحد الضباط التابعين لقوات حكومة الوفاق. وعندما وصلت قوات الجيش الليبى إلى بعض تخوم العاصمة طرابلس تمركزت في مدينة «غريان» الواقعة على بعد 120 كم جنوب غرب طرابلس وأيضًا مدينة ترهونة الواقعة على بعد 70 كم من جنوبطرابلس كما أن الجيش الليبى يتعامل مع القوات المعادية بسياسة الكر والفر؛ حيث وصل إلى منطقة وادى الربيع الواقعة على بعد 22كم جنوب العاصمة، وكذلك الحال فى منطقة الخلة التى لا تبعد عن وسط طرابلس بأكثر من 20 كم. ونظرًا لتأزم الأوضاع دعا فائز السراج كافة القوى الحليفة له ومن بينها جماعات الإخوان والميليشيات الإرهابية إلى إعلان حالة النفير العام لمواجهة الجيش الوطنى، ووجه كلمته من مقر حزب العدالة والتنمية )الإخوانى( وخلفه شعار الحزب فى رسالة واضحة لا تخلو من دلالة، وهو ما يؤكد أن السراج ليس سوى أداة فى يد عناصر الإرهاب وجماعة الإخوان فى ليبيا. وتأخذ القيادة العامة للجيش الوطنى الليبى على فائز السراج دعمه لهذه الجماعات والتستر عليها والصمت أمام شحنات الأسلحة التركية والقطرية المهربة إليها، وعدم الالتزام بكافة الاتفاقات التى تجرى معه، وآخرها اتفاق أبو ظبى حيث سافر بعده إلى قطر وتركيا اللتين عارضتا هذا الاتفاق خلال المباحثات التى أجراها مع قادة البلدين. ويبدو أن الانتصارات التي حققها الجيش الليبى فى الجنوب قد أثارت حالة من الانزعاج الشديد لدى السراج والقوى الداعمة له، ولذلك راح يعمل على التواصل مع كافة الميليشيات الإرهابية للاستعداد للمواجهة وإفشال خطة تحرير طرابلس. ولم تجد حكومة الوفاق الوطنى حتى الآن الدعم الذى طالبت به المجتمع الدولى، ولم ينجح فى كسب العديد من البلدان الأعضاء في مجلس الأمن التى ضاقت ذرعًا بمواقفه ودعمه المكشوف للميليشيات الإرهابية. وقد تمحورت مواقف القوى الدولية والإقليمية إزاء ما يحدث إلى ثلاثة مواقف متباينة على الوجه الآتى: - موقف بريطانى - إيطالى سعى إلى تفعيل القرارين 70، 71 لسنة 2011 وتوظيفهما ضد الجيش الليبى والمشير خليفة حفتر. - موقف أمريكى - فرنسى يطالب بفض الاشتباكات ولكن دون وجود تحذير محدد أو إجراءات عملية ضد الجيش الليبى وقائده. - موقف عربى- روسى يؤكد دعم الأممالمتحدة لإنهاء النزاع سلميًا، كما أن وزير الخارجية الروسى أكد خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده مع وزير الخارجية المصرى سامح شكرى أن روسيا لن تسمح بتكرار الفوضى فى ليبيا كما حدث فى عام 2011. وفى الوقت الذى يستمر فيه الجدل الدولى والإقليمى حول طبيعة الأحداث الجارية على الأرض الليبية فإن قوات الجيش الليبى تخوض حربًا ضروسًا خاصة بعد تدخل قوات عسكرية من طرابلس فى المعركة وهو الأمر الذى حذر منه المتحدث العسكرى وقال إن ذلك من شأنه أن يعود بالكارثة على مصراتة ذاتها. وهكذا تبقى الأوضاع فى حالة تأزم، كما أن ساحة المعارك باتت مفتوحة من كافة الاتجاهات، فالجيش الليبى لن يتراجع ولن يقبل بأى تهدئة حتى تحرير طرابلس، أما القوى المعادية فإنها تستدعى أنصارها من كافة أنحاء البلاد خاصة الميليشيات الداعشية والإخوانية، وهو ما قد ينذر بحرب قد لا تكون هينة فى العاصمة الليبية وحولها- وقد تستمر لفترة من الوقت.