إحدي مثالب الفضائيات استضافة أصحاب الفكر الشاذ ممن يتطلعون إلي الأضواء حبًا في الظهور ليسطع نجم الواحد منهم ويصبح في عداد المشاهير حتي لو نطق كفرًا، وهذا ما حدث مؤخرًا في إحدي القنوات الفضائية الخاصة عندما استضافت أحد الأدعياء السلفيين المحسوب علي 'طالبان' وشرع يهذي ويدعو إلي هدم الأّهرامات وأبو الهول لأنها أصنام وأوثان، حيث إن المسلمين مكلفون بتطبيق تعاليم الشرع الحكيم ومنها إزالة تلك الأصنام علي نحو ما حدث في أفغانستان عندما قامت 'الطالبان' بتحطيم تمثال بوذا. الداعية المذكور مغيب وجاهل ولا يدري شيئًا عن الإسلام الحقيقي ومن ثم عكس فكرًا هدامًا يعيدنا إلي عصر الجاهلية الأولي، ويرد التساؤل: هل رأي هذا السلفي أن هناك من يعبد الأهرامات ويسجد لأبي الهول؟ أم أنه تراءي له أن يعبدها في يوم من الأيام ثم انتابته صحوة إيمانية فعزف عن عبادتها وقرر هدمها؟! مثل هذا الداعية من التكفيريين غاب عنه أن دعوة النبي محمد 'صلي الله عليه وسلم' إلي هدم التماثيل كانت مرتبطة بعبادتها، واليوم لا توجد أصنام ولا عبدة أصنام وبالتالي فإن القياس مع الفارق، فالأهرامات وأبو الهول تراث إنساني وواجهة حضارية لمصر الفرعونية وعليه كان الأولي بهذا السلفي أن يدعو إلي تكريمها لا إلي هدمها لاسيما وأن عمرو بن العاص عندما دخل مصر لم يأمر بهدمها. وعندما دخل الرسول محمد 'صلي الله عليه وسلم' مكة كان بها نحو 360 صنمًا موزعة بين القبائل التي كانت تعبدها والتي قامت بهدمها من تلقاء نفسها بعد أن وقر في نفوسهم وقلوبهم أنها باتت عدمًا، ومن خلال العقل والفهم الصحيح أدركوا أن الإسلام يدعو إلي عبادة الله وحده ومن ثم تولد لديهم اليقين بأن هذه الأصنام يجب محوها، فحالما أيقنوا الحقيقة اعترفوا بأنهم كانوا علي خطأ عندما عبدوها جهلاً وشرعوا في هدمها ولبوا دعوة الرسول إلي عبادة الله وأيقنوا أن الإشراك بالله يعني أن يخضع الإنسان لغير خالقه. أما هذا السلفي الجاهل فلقد خرج علينا اليوم ليتحدث عن ترهات هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، ولهذا شرع يهذي من خلال فكر شاذ خلط فيه الأوراق وأساء من خلاله إلي صورة الإسلام وإلي تايخ أمة عظيم بكل المقاييس وإلي آثارها التي تمثل حضارة راقية هي أولي بالتكريم. حرام علي الفضائيات استضافة مثل هذا السلفي الظلامي الذي يدعو إلي التخلف وبالتالي لا يمكن تسليط الضوء علي أمثاله وطرح دعاوي مشبوهة تسيء إلي صورة مصر في الداخل والخارج وتسيء قبل ذلك إلي الإسلام وتشوه صورته من خلال الجهل بمبادئه.