لأكثر من نصف قرن، يظل «هنرى كيسنجر» ثعلب السياسة الأمريكية العتيد فى دائرة الضوء ب «آرائه وتنظيراته»، فضلًا عن وضع وتنفيذ السياسات حين كان عضوًا بارزًا بالإدارة الأمريكية، سواء كمستشار للأمن القومى أو وزيرًا للخارجية، مما مكنّه من تبوء منزلة خاصة أمريكيًا ودوليًا جعلته يحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1973م. ويحتفل الثعلب العجوز يوم 27 مايو الجارى بعيد ميلاده الخامس والتسعين فى ظل أجواء دولية متفجرة سياسيًا، لا سيما فى الشرق الأوسط - سوريا نموذجًا-، كان «كيسنجر» نفسه أحد أسباب تفجرها- بشكل مباشر، أوغير مباشر- منذ سبعينيات القرن العشرين. (1) و»كيسنجر».. يهودى ولد فى بافاريا الألمانية 27 مايو 1923م لأب كان معلمًا وقد هربت أسرته عام 1938م لأمريكا خوفًا من مطاردات النازية حيث التحق بمعهد جورج واشنطن فى نيويورك، وحصل على الجنسية الأمريكية 1948م والتحق بالجيش. تولى «كيسنجر» منصب مستشار الأمن القومى فى عهد «ريتشارد نيكسون»، ووزير للخارجية فى عهد «جيرالد فورد» (73-1977م). وقد كان له دور فاعل فى جرّ السادات إلى اتفاقية السلام مع العدو الصهيونى، إضافةً إلى دوره فى الانفتاح الأمريكى على الصين عام 1972م. (2) إذا أردنا وضع عنوان عريض لمسيرة «كيسنجر» السياسية الممتدة لقلنا باطمئنان أنه «الصهيونى الأكبر» الذى يحرص دائمًا على دعم وتقوية الدولة الصهيونية ضد العرب والمسلمين، وموقفه الأخير من الدعم والتهليل لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس خير دليل، وكذلك لا ننسى أنه كان أكبر الداعمين للغزو الأمريكى للعراق عام 2003م تحت المزاعم الكاذبة بامتلاك الدولة الشقيقة للسلاح النووى!!. ول«كيسنجر» مقال شهير عام 2015 على صفحات جريدة «وول ستريت جورنال» يتنبأ فيه باندلاع الحرب العالمية الثالثة بالشرق الأوسط - وتحديدًا على الأرض السورية- بين أمريكا والناتو (وإسرائيل طبعًا) ضد الحلف الروسى- الصينى وحلفائه حيث دعا «كيسنجر» اسرائيل إلى ضرب العرب بكل قوة وإنزال الموت بأكبر عدد منهم حتى يصبح نصف الشرق الأوسط إسرائيليًا!!، مشيرًا إلى أن المسلمين سيتحولون بفعل هذه الحرب إلى رماد!! (3) ولمن لا يعرف حقيقة «الوجه القبيح» لهذا الثعلب العجوز، أصدر مركز «جلوبال ريسرش» الكندى فى يناير 2016م تقريرًا تحت عنوان «هنرى كسنجر الذى لا نعرفه» حيث أدانه التقرير لدوره الدبلوماسى الملتوى فى الحرب الفيتنامية حيث كان أحد كبار داعميها، وكان مؤيدًا للتفجير الحقير فى عيد الميلاد فى فيتنام الشمالية، فضلًا عن تأييده للرئيس الأمريكى «ريتشارد نيكسون» لتوسيع حرب فيتنام إلى كمبوديا بشكل سرى ودون علم الكونجرس، وهو ما أدى إلى وفاة ثلث سكان كمبوديا، وإثر ذلك استقال اثنان من لجنة نوبل لاختيار «كيسنجر» وقتها تعبيرًا عن رفضهما لدور ذلك الرجل المريع!!