الكيلو القائم ب 145 جنيهاً.. نقيب الفلاحين يُعلن مفاجأة سارة عن أسعار اللحوم    الطيران المدني تنفي شائعات إنشاء شركة منخفضة التكاليف    تحصين 220 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالغربية    نقيب الفلاحين: اللحوم في أرخص أيامها الفترة دي    مسؤول بإقليم دارفور: مصر وقفت بجانب الشعب السوداني.. ولا سلام مع الدعم السريع    حكومة غزة: نحتاج 250 ألف خيمة و100 ألف كرفان لتوفير المأوى المؤقت    السنيورة: سوريا كانت توزع الأدوار وحزب الله توسّع حتى سيطر على المشهد    حصيلة منتخبات مصر في يوم واحد| خسارتان وفوز    من بينها الأهلي والزمالك.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    محافظ الدقهلية: استمرار جهود الوحدات المحلية وشركة مياه الشرب والصرف الصحي للتعامل مع مياه الأمطار    أحمد مراد: فيلم «الست» صعب ويتناول أم كلثوم بشكل إنساني    كانت مقلب قمامة.. رئيس الوزراء: تلال الفسطاط أكبر حديقة مركزية فى الشرق الأوسط    توقيع مذكرة تفاهم بين «الصحة» و«الشباب والرياضة» لحماية الرياضيين    إنجاز طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي.. إجراء جراحة معقدة لإصلاح تمدد بالأورطي    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    السنيورة: حزب الله فرض سلطته على لبنان وحوّل مرجعيته إلى طهران    أرقام مذهلة وكنوز لا تقدر بثمن.. المتحف الكبير هدية مصر للعالم    أحمد مراد: السوشيال ميديا تسرق وقتنا.. وفيلم الست يعيد السينما النسائية إلى الواجهة    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    سكرتير المحكمة الدائمة للتحكيم: حل النزاعات أسهل في مراحلها المبكرة    للمصريين والأجانب.. تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يتوج ببطولة السوبر المصري لكرة اليد بعد الفوز على سموحة    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    أهرامات الجيزة ترحب بالسائحين.. وفصل الخريف الأنسب    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    تفاصيل مصرع شخص وإصابة طفل في حادث تصادم بالبدرشين    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    حازم إمام ناعيًا محمد صبري: ربنا يديك على قد نيتك الصافية وروحك الحلوة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    براتب يصل ل45 ألف جنيه.. 6200 فرصة عمل في مشروع الضبعة النووي    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    أدار مباراة في الدوري المصري.. محرز المالكي حكم مباراة الأهلي ضد شبيبة القبائل    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام ومغالطة تعميم الأحكام ( 3 )

تعد مغالطة تعميم الأحكام أو التعميم المتسرع Hasty Generalization واحدة من المغالطات المنطقية التي ترتكبها كثير من وسائل الإعلام بحق جماهيرها بشكل متكرر سواء عن قصد في أغلب الأحيان أو دون قصد في بعضها، وتعميم الأحكام هو أن تصف مجموعة من البشر بحكم واحد، مثال: كل مسلم إرهابي، كل يهودي معاد للعرب، كل معارض خائن لوطنه، كل رجل أعمال انتهازي، كل إعلامي كاذب، كل زوج مخادع، كل سياسي منافق وهكذا.
تأسيساً على هذه المغالطة يدعو البعض للقطيعة مع الغرب ككل بحجة أنهم يعادوا الإسلام، وبالقطع هو تعميم خاطئ فليس معنى أن منهم من يعادي الإسلام أن كلهم هكذا.
وفي الإعلام الموجه يتم على سبيل المثال تقديم تقارير إعلامية تنتقي أشخاصًا تؤيد قراراً ما ومن ثم الحديث عن أنها تمثل الشعب.
مثال: يقول الإعلامي: "أشاد رجال الأعمال بقرارات الإصلاح الاقتصادي الأخيرة والتي من شأنها إتباع اقتصاديات السوق، فهي إذن قرارات جيدة"، فالحقيقة أن العينة هنا وكما طرحها الإعلامي من مستوى واحد وفئة اجتماعية واحدة فهي لا تُعبِّر عن الشعب في عمومه وفئاته المختلفة، كما أن القرار هو في صالح رجال الأعمال لذلك فقد أشادوا به، وفي المقابل إذا تم استفتاء عدد من الفقراء ومتوسطي الدخل وهم الغالبية العظمى فسوف يرفضون تلك القرارات لأنها أضرتهم ضررًا بالغًا.
مثال آخر: قناة فضائية ذات توجهات أيديولوجية معارضة تنتقي فئة من الشعب لتشن هجومهًا على النظام القائم وأنها تعيش تحت سلطته في بؤس وشقاء ومن ثم يتم الترويج لذلك عبر تعميمه بأن كل المواطنين هكذا، فقد تم توظيف تلك المغالطة لخدمة أيديولوجية القائمين على تلك الوسيلة الإعلامية.
وفي رأينا أن التعميم المتسرع هو تعبير عن كسل عقلي في بعض الأحيان، وعن تضليل مُتعمد في أحيان أخرى.
إن رجل الدين الذي يقوم بتعميم الدعاء في صلاته أو خطبته بقوله:"اللهم أهلك الكفار، اللهم أبد اليهود"، هو في الواقع يرتكب تلك المغالطة، فالإسلام علمنا أن هناك الكافر العدو والكافر غير العدو، وكذلك الحال بالنسبة لليهود إذ ينقسمون إلى: اليهود الصهاينة الذين يرتكبون الجرائم بحق الفلسطينيين، وهناك يهود رافضين للصهيونية مثل حركة ناطوري كارتا التي تتبنى كثير من المطالب والحقوق العربية، فمشكلتي إذن مع الصهيونية كحركة استعمارية تتبنى العنف منهجًا وليس مع اليهودية كديانة، أي مع من يعتدي علينا وليس مع غير المسلمين ككل.
والتعميم المتسرع يسميه البعض القفز المباشر إلى النتيجة لحسم الموضوع دون تفكير عميق أو بحث وتقصي جاد، ومن ثم ففكرة التعميم وكما يذهب البعض تحظى قبولاً واسعاً عند فئة كبيرة من الناس وذلك لأنها لا تتطلب عناءً في التفكير.
ومن دون شك فتعميم الأحكام من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية، ففي العالم الإسلامي ساهم مع غيره من الأسباب في تفكيك المسلمين واندلاع الصراعات وبث الانقسام، إذ رأينا كيف تم توظيف التعميم في إفساد العلاقة بين السنة الشيعة بذريعة أن ( كلهم منحرفون)، فيتم الإتيان بالشاذ لديهم والترويج له باعتباره القاعدة، ففئة قليلة من الشيعة تُؤله علىّ بن أبي طالب رضي الله عنه أو تنزله منزلة النبوة فيتم الترويج لذلك باعتبار أن كل الشيعة كذلك ومن ثم فهم خارج الدين، وفئة لا تُذكر من السنة تتبرك بالأضرحة ومن ثم يروج بعض الشيعة لأن كل السنة كذلك وأن عقيدتهم فاسدة، وبالقطع يتم هذا كله عبر التوظيف السياسي للدين واستغلال المجموعة الحاكمة له تأسيسًا على تلك المغالطة، مغالطة التعميم، إذ يجري تعميم الأحكام قياسًا على الشاذ.
كما أنتجت هذه المغالطة ظاهرة الإسلاموفوبيا والتي زادت بعد أحداث 11 سبتمبر، إذ أصبح كل مسلم هو بالضرورة إرهابي، ويرى كثيرون أن الخطاب السياسي لليمين المتطرف في الغرب من شأنه أن يفاقم من تلك الظاهرة.
وبالقطع فالإعلام الغربي يلعب دور البطل في تعزيز هذه الظاهرة، فلقد أجريت دراسة حديثة على عناوين صحيفة النيويورك تايمز التي بلغت 2.6 مليون عنوان في الفترة ما بين عامي 1990 إلى 2014م، وجد أن أعلى نسبة للعناوين التي تحمل صورة سلبية كانت من نصيب كلمة (الإسلام) بنسبة 57%.
تقول إستير بنباسا:"الإسلام هو الهوس في القرن الواحد والعشرين شأن اليهودية في القرن التاسع عشر وبداية العشرين"، وكذلك يضيف آخر"ما نأخذه اليوم على المسلمين هو ما كنا نأخذه سابقًا على اليهود هم لا يستطيعون أو لا يريدون الاندماج يشكلون تهديدًا لهويتنا ولأمتنا".
ومن ثم أعلن الغرب الحرب على الإرهاب فقتلوا مئات الألوف من الأبرياء، وهم لا يُعدمون المبررات التي تسوغ ذلك الفعل، فالأطروحة التأسيسية لديهم تقول:"طالما نحن الذين نقوم به فهو لا يُعد إرهابا"، فهي سياسة الكيل بمكيالين ونسبية المصطلحات في هذا العالم وعدم عدالتها، ولعلها تذكرنا بالمروية القديمة التي أوردها ناعوم تشاومسكي في أحد مؤلفاته وتقول: وقع قرصان في أسر لاسكندر الأكبر فسأله لاسكندر: كيف تجرؤ على إزعاج البحر والمسافرين عبره ؟ فأجاب القرصان: أنا أفعل ذلك بسفينة صغيرة فحسب وأدعى لصًا، وأنت تفعله بأسطول ضخم وتدعى إمبراطورا!!
ولعل أشهر من تصدوا لهذا التعميم المتسرع والتشويه المتعمد للإسلام هو المفكر الكبير إدوارد سعيد إذ حاول سعيد فضح آليات الإعلام الغربي التي تعمل جاهدة على تخليق صورة نمطية سيئة للإسلام، ليكون الإسلام هو العدو الأول للغرب، مؤكدًا أنه عبر تلك الحملة الإعلامية الشرسة أصبح العربي في نظر الغرب"إما برميل بترول أو إرهابي محتمل".
وبالعودة لمغالطة التعميم المتسرع فكثير من رجال ومفكري النهضة الأوروبية قد هاجموا الدين بناءً على تجربتهم مع دين الكنيسة ومصادرتها للحريات في العصور الوسطى ومن ثم عمموها على الدين ككل، من هنا استشرت التيارات الإلحادية المعادية للدين في عمومه وتعمقت بشكل كبير في الوجدان الأوروبي.
وفي عالمنا الإسلامي نجد كثير من المنصات الإعلامية وبخاصة التابعة منها للتيارات المتشددة من يدعو إلى نفي وإقصاء الآخر كل الآخر والقطيعة معه، والتحذير من هذا الآخر باعتباره عدو الماضي، ومن ثم يجب النظر إليه على أنه عدو اليوم فهو حكم عام تم إصداره بشكل متسرع ومن ثم فهو أحد تجليات تلك المغالطة على الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.