"كلام فى سرك"، كتاب جديد، يشرح المفاهيم الخاصة بالعلاقة الحميمة بين الزوجين، ويكشف أسرار مايدور فى فلك هذه العلاقة التى حللها الله، بين الزوجين بعد اتمام زفافهما، ويتناول الكتاب، المفاهيم الخاطئة لممارسة الجنس، بهدف توعية المقبلين على الزواج من الشباب والفتيات، لاسيما المتزوجين، لاقامة علاقة سعيدة بينهما بدون خلل يؤثر على حياتهم الأسرية. الكتاب من تأليف الدكتور عبدالعاطى المناعى، أخصائى أمرض الذكورة والتناسلية. ونتناول فى هذه السطور، ثان حلقات الكتاب، بعنوان "الجنس بين الفلسفة والمفهوم"، ونستكمل نشر بقية الحلقات على مدار الفترة القادمة. تختلف ثقافاتنا جميعا كل في فكره واعتقاده عن الجنس من بلد الي اخر ومن مدينة الي اخري ومن شخص الي اخر.. حسب النشأة واسلوب التربية ونظرة القائمين علي التربية من الاساس فتري وللاسف الكثير منا يتحدث عن الجنس بتدني واستخفاف واستحقار وخجل وكأنه أدنى ما وجد ويوجد ومن هنا تبدأ المشكلة.. يتحدث من خلال أعرافه وعاداته المبتذلة واعتقاداته التي مارست التهكم والتزييف على الجنس لأسباب عديده واعية ولا واعية وبالتأكيد لممارسة التاريخ دور واسباب في صنع هذه النظرة المتدنية للجنس فتري الكثير ينبذ الجنس وهو لا يعلم انه ينبذ نفسه وذاته وغريزته قبل كل شيء لان الجنس جزء منا لا ننكره ولا نستغني عنه في حياتنا ان النظرة الواعية لانفسنا توجب علينا النظر لكلنا وليس لجزء منا نظرة تليق بنا. ومن هنا فالجنس فلسفة عميقة اعمق من كثير مما نتخيل بالبحث التاريخي للجنس نجد أن الجنس كان في الكثير من الفلسفات القديمة طقساً دينياً في كثير من الحضارات القديمة ..والسبب في وجود هذا الطقس انهم كانوا ينظرون إلى الجنس بماهيته المجردة والغير مشوبة بتلفيقات الحياة والبشروبشفافية مطلقة .. الجنس هو عبارة عن ممارسة لدوام الحياة واستمرارها أيضاً هو التعبير الأخير للحب فحين تعجز الكلمات والأرواح والقلوب عن إيصال الحب المتبادل بين المحبين فأنهم يلجأون ايضاً إلى تبادل ذلك الحب والتعبير عنه عن طريق الأجساد .. فمن خلال العلاقة الجنسية يتم نقل الرسائل التى عجزت الكلمات عن توصيلها بكل حميمية وصدق ربما عجزت الكلمات عن التعبير عنها بقوتها وصدقها.. أي أن الجنس هو أعمق تعبير للحب واكثرة اثارة وتفاعلاً وهو أيضاً أعمق تعبير لصناعة الحياة واستمرارها .. فالجنس لغة عالمية لا تحتاج الى مترجم لغة تتحاكى بها الأجساد بلغة متناغمة تتحدث فيها عن عشق وحب وتوحد ورغبه في استمرار الحياة .. لغة تحكي الكثير وتقول الكثير وتعبر عن الكثير وتخلق الكثير تكمن مشكلة البشر أنهم أعطوا الجنس رهبة وتحقيرا يجعله محرماً وملجوماً أكثر من أي شيء آخر بينما لو دققنا إليه بأنصاف لوجدناه أكثر شيء يستحق أن يعد فلسفة جميلة تقدس في هذه الحياة لأنه نقطة البداية لنا تلك السيمفونية الراقصة التي تتراقص فيها الأجساد بحب وعشق وعبق من اجل أن يثمر هذا الحب حياة أخرى وأخرى وأخرى .. وهكذا يكون الجنس أيضا فلسفة وجودية وفلسفة حياة تسير نحو إثبات الذات واثبات الحب واثبات الحياة واستمرارها وللأسف تعَود الكثير على التعامل مع هذه الفلسفة وكأنها مسخ يجب أن نهرب من رجسها حياءً واستنفاراً واستفزازاً اوتقززاً وتحريماً ! ..ولو أننا تجردنا قليلاً عن ما مورس علينا ضد هذا الفن لوجدنا أن الجنس بريء كل البراءة عن تهمهم التي يرمونها عليه ويرجمونه بها جاعلينه مشوهًا وقبيحاً في أذهاننا لدرجه اننا شوهناه أكثر بممارساتنا التي لم تكن إلا نتيجة ذلك الكبت والحجب والتزييف الذي مورس علينا تجاهه .. الجنس هو تلك العملية التي أوجدتهم تلك العملية التي مارست خلاصة ما في الإنسان من حب وشهوه لتوجدهم .. الجنس هو بداية للكثير - المتعلق بالبشر - في هذه الحياة وهو الفن والفلسفة واللغة الأولى للحب والحياة..هو الفلسفة والفن الذي تجاهلناه كثيراً وشوهناه كثيراً ورسمناه ورسموه في عقولنا ونفوسنا بذلك الشكل القبيح الذي جعلنا نستقبح من خلاله غرائزنا الحتمية التي وجدنا بها ومن خلالها. ونخجل من هذه الخلاصة الراقية التي نكنها في الجنس لمن نحب ونكنها لما نريد استمرارة في الحياة .. بحق الجنس هو التدفق الإنساني لعاطفة الحب الفيا ضة. ولفلسفة الوجود والحياة اذانظرنا الي الحياة نري ان الانسان هو ارقي المخلوقات فيها يتمثَّل في قطبيه: الرجل والمرأة؛ وبين هذين القطبين هناك علاقة لا غني لصلاح الكون عنها وهي الحب الذي يصل بين هذين القطبين. والجنس هوالصلةَ بين قطبي الحياة لتوليد الحياة أو للتعبير عنها. وهكذا تتولد الحياةُ وتتحقق في الوصال الجنسي الذي يتم بين الرجل والمرأة على نحو حبٍّ ومحبة بالعلاقات الشرعية طبعا .. أن وجود الإنسان وتحقيق ولادته عن طريق الجنس لم يكن وليد نزوة طارئة أو لذة عابرة. ولكن بفلسفة كاملة واعية .. واعتقد أن ثمة طاقةً ما تفعل في الإنسان، كأية طاقة حيوية أخرى كامنة في جسده، تجعله يقوم بواجب معيَّن عن طريق عضو من الأعضاء. وفي الجنس، تتمثل هذه الطاقة في انجذاب وذوبان بين قطبي الإنسان لكي تتحقق فعلاً، أي تنتقل من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل. ويتمثل الجنس في هذا الانجذاب الحاصل بين قطبي الإنسان، فيكون اندفاعًا وانفعالاً أو نزوة أو لذة أو هياجًا عندما يضل عن غايته، إذ لا يفعل فيه الوعيُ والإرادة، فينقاد إلى الأنا ويعبِّر عنها. وتخلو الحياة الجنسية عندئذٍ من فعل المحبة، وتعبِّر عن الأنا وتلقائيتها وتأثرها اللاواعي بالجانب المادي وحده. وفي هذه الحال، ينقاد الإنسان إلى هذه التلقائية انقيادًا أعمى أشد من انقياد الحيوان إلى دافعه الغريزي. فالحيوان لا يمارس الجنس إلا في سبيل الإنجاب والتكاثر، ولا يقترب ذكرٌ من أنثاه عمومًا ما لم تسمح هي بذلك الاقتراب وفق نواميس طبيعية منظمة غاية التنظيم؛ فتكون عملية الجنس منظمة عند الحيوان. وبما أن هذه العملية غير منظمة في الإنسان، فإنه يمثل درجة أحط من الحيوان عندما يعبِّر عن انفعال الأنا، أي عندما يفتقر إلى قاعدة وعي. وقاعدة شرعية كالزواج . فلو كان الجنس في الإنسان منظَّمًا، كما هو لدى الحيوان، لما كان إنسانًا. فليس تنظيمه في الحيوان سوى دافع غريزي وعدم تنظيمه في الإنسان إلا حرية يُعَدُّ الجنس في الإنسان تعبيرًا عن فعل الكيان ككل. لذا يتأثر الجنس في الإنسان بعوامل نفسية واجتماعية. فهو، كما قال پول شوشار، الاختصاصي الفرنسي في فسيولوجيا الجهاز العصبي، " جنس نفسي .تتأثرالنفس به ثم تؤثر هي باشكال مختلفة كالاعجاب والحوارثم الاداء الجنسي". هذا التفسير ينقلنا الي موضوع الدافع الغريزي والدافع الحيوي الواعي. فما الغريزة؟ وما الدافع؟ وما الفارق بينهما؟ نحن نعلم أن ولادة الإنسان تعني وجود الدافع والتلقائية. فالطفل مثلا يطلب الطعام والماء منذ ولادته، وذلك على الرغم من عدم ادراكه ووعيه ومعرفته بما يطلب. ولذا نقول إن الدوافع تولد مع الإنسان. وكما يبدو، فإن الدوافع تتنوع، ويتدرَّج ظهورُها على التوالي؛ فهي إذًا كامنة في صميم الكائن الحي. فهل هي تتفق مع العقل , أم أنها تتناقض معه؟ يهدف كلُّ دافع إلى تحقيق غاية. وتُعَدُّ كلُّ غاية في جوهرها فعلاً عقليًّا؛ لذا يتناسب الدافع مع العقل والوعي. فالدافع طاقة كامنة في الإنسان، تنسجم مع العقل وتعبِّر عنه إنْ هي تحققت بمقتضى الغاية التي من أجلها وُجِدَتْ. وهكذا يكون الدافع عقلاً متى حقَّق الغاية من وجوده. في مقابل ذلك، تُعَدُّ الغريزةُ في الحيوان عقلاً متدنِّيًا؛ إذ لا تتفق هذه الغريزة مع العقل الإنساني. ولقد أظهر العالِم الفرنسي تِلار دُه شاردان أن العقل كامن في كلِّ شيء، ويتدرَّج من الأدنى إلى الأعلى في تفتح مستمر. ولما كان يُعرَّف به بأنه درجة عقلية دنيا في الحيوان، فإننا ندعوه غريزة أو تلقائية. فالغريزة طاقة لا تعقل ذاتها، بينما الدافع طاقة تعقل ذاتها، لأنه يحقق ذاته، يحقق غاية؛ فهو عقل متى أدرك ووعى. وفي هذا المجال، نقدم أمثلة على الدافع والغريزة: العاطفة دافع، لكن انحرافها يشير إلى الغريزة أو الرغبة؛ والعقل لا يعي موضوعه لحظةَ ينحرف الدافعُ إلى غريزة. والطعام دافع، لكن انحرافه يسمَّى شهوة أو شهية، أي غريزة. والشجاعة دافع، لكن انحرافها انفعال وتمرد ورعونة.والجنس دافع، لكن انحرافه غريزة تفقد غايتها وعقلانيتها. لذا كانت الغريزة سلوكًا يجري وفق نواميس محددة فطريًّا؛ فتكون عقلاً أدنى، وتلقائية لا تعي ذاتها. الجنس الإنساني فريد من نوعه، ذلك لأنه يتجاوز الحاجة البيولوجية. وقد اتفق الكثير من العلماء والحكماء على أنه ليس في الإنسان حاجات بيولوجية صرف. لذا لا نستطيع تقسيم الإنسان أو تجزئته إلى كيانين متباعدين: نفسي وجسدي. لان النفس والجسد كلاهما مكونان للكائن الحي يتأثران بالعوامل ويؤثر كلاهما علي الاخر فنجد مثلا علللا نفسيه وعللا جسدية وبينهما علل اخري مشتركة نطلق عليها الامراض النفسجسمية . فالطعام والجنس، مثلاً، حاجتان نفسيتان–جسديتان. الطعام في الإنسان يتحول إلى أفكار؛ ولكنه في الحيوان أو النبات لا يتخطَّى حدود الغذاء. والإنسان لا يحيا بالطعام وحده، وبالتالي لا يفكر من خلاله فقط؛ فالموسيقى والقراءة والتأمل إلخ عوامل هامة في تشكيل أفكاره. لذلك يُعتبَر الطعام حاجة بيولوجية–نفسية. والجنس في الإنسان يتحول إلى عواطف ومشاعر وأفكار ومُثُل وتصورات، تشيع جميعًا في الإنسان لترفعه وتسمو به إلى مدارك عليا. وتُعتبَر هذه كلها عوامل نفسية. إن تسامي الإنسان على الحيوان يشير إلى أن الجنس أكثر من حاجة بيولوجية فقط. وبما أن الجنس يقع فيما وراء اللذة، فإنه يتجاوز الغريزة إلى حقول الشعور والعاطفة والفكر. ولما كانت العوامل النفسية والتصورية تلعب دورًا كبيرًا في الجنس الإنساني، فإننا نقول بأنه إخفاق تام عندما نسعى إليه كغريزة أو كإشباع كمِّي محض. وهكذا نرى أن الجنس عند الإنسان يختلف عن الجنس عند الحيوان، وذلك لأن تطور الحياة من الأدنى إلى الأعلى، من الغريزة – وهي عقل متدنٍّ – إلى العقل الواعي، يواكبه تطورٌ في الجنس. ونقصد بهذا التطور تطورًا من الصعيد البيولوجي إلى الصعيد الفكري والنفسي. وهذا ما يؤكد عليه كتاب الجنس ومعناه الإنساني لمؤلِّفه كوستي بندلي. فالإنسان، كما نرى وكما يرى هذا المؤلِّف المبدع، يتأرجح بين الغريزة وأسمى القيم؛ فهو يحيا في الدافع كما يحيا في الوجدان. ومما لا شك فيه أن الجنس يشير إلى حقيقتين تظهر من خلالهما عظمةُ الكائن الحي في نزوعه نحو الكمال. فالجنس تعبير عن واقعين اثنين: الاول : نزوع إلى اتصال حميمي بالآخر، لأنه يقيم علاقة عاطفية مع هذا الآخر، ويعبِّر عن حقيقة وجودية ما. فهو، إذن، حركة تدفع إلى لقاء الآخر من أجل اكتمال الكائن الحي. الثاني :تعبير عن الشخصية الإنسانية ككل: فالرغبة الجنسية تتأثر بعوامل عديدة، وتختلف كليًّا عن العوامل الفسيولوجية البحتة، نذكر منها عوامل الخيال والعاطفة والشعور بالغير وبالقيمة وسائر العوامل النفسية. لذا لا نستطيع القول إن الجنس مجرَّد حاجة بيولوجية، ذلك لأن الانفراج العضوي البحت – ونعني العلاقة الجنسية – يترك شعورًا بعدم الارتياح. ولكن هذا الشعور يضمحل متى اقترنت العلاقة بالعوامل النفسية الأخرى. فالجنس لقاء مع الآخر يعبِّر عن الكيان الواحد. وعليه فان الجنس يجعل من المرأة والرجل كيانًا واحدًا؛ فمتى تم الوصالٌ بينهما تحقَّق الكيان الواحد الكامن في كليهما. إذا كنَّا نأخذ هنا بهذا المبدأ، فلكي نشير إلى أن الكيان الإنساني لا يتم ولا يكتمل إلا بانسجام الروح والجسد في كيان واحد نسمِّيه الإنسان. والإنسان هذا رجل وامرأة، روح وجسد، لا يتضادان إلا ظاهريًّا، ويتكاملان داخليًّا في كيان واحد متَّحد. وهما في حقيقتهما يشيران إلى سرِّ الوجود، إلى حقيقة التكوين. فاجتماع الرجل والمرأة، أو ما ندعوه ب"الاتصال الجنسي"، يشير إلى سرٍّ عميق، إلى وحدة الوجودين الظاهري والباطني، المادي والروحي، في وحدة لا تنفصم عراها ولا تنحلُّ أبدًا. فالزواج سرٌّ عميق ينطوي على حقيقة التكوين، فيما الإباحية الجنسية خروج عن هذه الحقيقة، ان الخطأ الذي وقع فيه( فرويد ومدرسته) . فالجنس أساسًا ليس حاجة بيولوجية تنطلق من دافع عضوي. ولما كان الإنسان كلاًّ متحدًا، أو كثرة في واحد، فإن كلَّ عاطفة أو شعور أو إحساس فيه إنما يعبِّر عن كل. ففي الجسد الإنساني مراكز وظيفية عديدة تسمَّى "أعضاء". ويقوم كلُّ عضو بواجبه ليعبِّر عن إرادة الكل. فالقلب لا يُعتبَر عضوًا قائمًا بذاته قيامًا مجردًا أو معزولاً؛ والرئتان لا تُعتبَران عضوين قائمين بذاتيهما قيامًا مجردًا؛ والدماغ لا يُعتبَر عضوًا قائمًا بذاته قيامًا معزولاً، والعضو الجنسي–التناسلي لا يُعتبَر عضوًا قائمًا بذاته قيامًا مجردًا. والحق أن ألكسي كاريل ألمع إلى هذه الحقيقة في كتابه الممتاز الإنسان ذلك المجهول.
للتواصل مع مؤلف الكتاب عبر الصفحة الشخصية: https://www.facebook.com/drabdelatyelmannaee/