"كلام فى سرك"، كتاب جديد، يشرح المفاهيم الخاصة بالعلاقة الحميمة بين الزوجين، ويكشف أسرار مايدور فى فلك هذه العلاقة التى حللها الله، بين الزوجين بعد اتمام زفافهما، ويتناول الكتاب، المفاهيم الخاطئة لممارسة الجنس، بهدف توعية المقبلين على الزواج من الشباب والفتيات، لاسيما المتزوجين، لاقامة علاقة سعيدة بينهما بدون خلل يؤثر على حياتهم الأسرية. الكتاب من تأليف الدكتور عبدالعاطى المناعى، أخصائى أمرض الذكورة والتناسلية.
ونتناول فى هذه السطور، أول حلقة من الكتاب، ونستكمل نشر بقية الحلقات على مدار الفترة القادمة. مما لا شك فيه ان العقل هوالمتحكم في كل احتياجاتنا وأفعالنا وعليه فان تلبية الاحتياجات الجنسية تمر اولا بالفكرة والرغبة ثم تمربمراحل تحضيرية وخطوات حتي يتحقق الاداءالجنسي. وينتهي ليبدا من جديد وعليه فان مقولة ان الجنس يبدأ في الدماغ وينتهي علي الفراش مقولة صحيحة تماما لان ابتداءالرغبة والاحتياج يكون كفكرة ثم يتحول كل ذلك الي تفريغ جنسي بعلاقة جنسية كاملة او باي شكل اخر. لان الجسد الإنساني يحتوي علي طاقات حيوية قائمة في مراكز؛ وتعبِّر كل طاقة عن حقيقة الجسد في اتجاه معيَّن: فالمعدة تعبِّر عن اتجاه الجسد لتحقيق غاية معينة؛ وكذلك يفعل القلب والكبد وسائر الأعضاء. فلا يستطيع عضو أن يعبِّر عن ذاته بذاته لأنه متصل بالكلِّ اتصالاً صميميًّا، وينسجم مع الكلِّ في وحدة لا تعرف الانفصام، هي طاقة حيوية كلِّية. وبالمثل، لا يُعتبَر الجنسُ فعلاً عضويًّا صرفًا، أي حاجة محض بيولوجية، بل تعبير عن كلٍّ متَّحد متكامل هو الإنسان. وإذا كانت هذه الحقيقة واضحة، كان الجنس طاقة كلِّية تتوزع في متَّحَد الجسد–النفس كلِّه لتعبِّر عن الإنسان. فهو أسمى من أن يكون مجرَّد حاجة عضوية، ذلك لأن الإنسان ليس عضوًا منفردًا؛ إذ هو، بالإضافة إلى ذلك، طاقة عميقة تعمل في الإنسان لتحقيق غاية من خلال إرادة. لذا كان الجنس تعبيرًا عن الشخصية الإنسانية كلِّها. يدل ذلك علي أن الجنس تحقيق للمطلق على مستوى كوكب الأرض لأنه تحقيق للحياة من خلال قطبي الحياة: الرجل والمرأة. بطرقه الشرعية ولما كان الإنسان يمثل الكل – المادة كلَّها والروح كلَّها – ويمثل الحقيقة السامية، فإن الجنس تعبير متكامل عن تحقيق هذه الحقيقة السامية وتجلٍّ وظهور لها. ولما كان الرجل والمرأة يلتقيان لتأليف الحياة، فإن لقاءهما يشكِّل نقطة ابتداء الوجود. فكما أن الحقيقة السامية انطوت في المادة، منذ البدء، والتفَّت فيها وتغلفت بها وتخلَّلتْها، كذلك الرجل ينطوي في المرأة ويلتف فيها ويتغلف بها ويتخلَّلها. فلقاؤهما يعيِّن انبثاق الوجود. وليس هذا اللقاء الذي يحقق الحقيقة السامية إلا ما ندعوه الجنس. لذا عندما يبدا الانسان في البحث والترتيب لاداء جنسي فان الفكر هو اول مراحل الاداء الجنسي حتي يتم الاداء الجسدي . لذا يأخذ الجنس، الذي تشترك فيه الروح والمادة معًا، شكلاً جديدًا، يتحول فيه الحبُّ إلى محبة، فهو مادي، يعبِّر عن اندفاع لاواعٍ، هو الجانب البيولوجي؛ وهو روحي يعبِّر عن غاية يعمل في سبيل تحقيقها العقلُ والإرادة. وعندما يتحول الحب إلى محبة، يحافظ الجنس على قاعدته المادية، لكنه لا يعبِّر عن الانفعال والاندفاع التلقائي، بل عن عمل تقوم به المادة لكي تحقق الغاية من وجودهاوهوالاشباع الجنسي الكامل . إن محبتنا لأبنائنا وأزواجنا تبرِّر فعلنا الجنسي وترفع من قيمته. ويصبح الجنس، في هذه المحبة، فعلاً روحيًّا بامتياز، وليس فعلاً ماديًّا بحتًا، ذلك لأن الثمرة الناتجة عنه تمثِّل الحياة والاستمرار. وإن اعتقادنا بأننا نمثل صورة الحقيقة السامية، وبأننا نشاهد هذه الصورة التي تتحقق بالفعل الجنسي، دليل على أن الجنس هو الوسيلة التي حققت هذه الحياة تحقيقًا لا تعبِّر فيه عن انفعال منحطٍّ فقط. فقد ساعدت هذه الوسيلة على تكوين أنبل كائن وأعظم مثال على كوكب الأرض، هو الإنسان. وإذا كنَّا على يقين من أننا نمثل الحقيقة السامية على هذا الكوكب، فإننا نرفض الاعتقاد أن الجنس عمل منحط أو أنه حاجة محض بيولوجية. ان النشوة الجنسية، في ذروتها، غوصٌ إلى عالم الروح، الذي هو لاوعي يتحول إلى وعي عند لحظة إدراكه، واستغراق عقلي ووجداني في هذا العالم. وهنا نتساءل: ماذا يتحقق في العملية الجنسية؟ يمر الإنسان في حالة حسِّية، ثم ينتقل إلى حالة شعورية، أي نفسية. إذن، فالجنس شعور رقيق، يعبِّر عن نشوة ينقطع فيها الإنسانُ عن الحالة الحسِّية ويستغرق في عالم الروح. الجنس طاقة لا يُستساغ استعمالُها استعمالاً سيئًا أو مبتذلاً، على نحو تلقائي، أي بعقل متدنٍّ هو غريزة. الجنس طاقة واعية هادفة، أوجدتْها فكرةٌ سامية، وتحقِّقها إرادة. لذا يُعتبَر الزواجُ سرًّا عميقًا، تظهر فيه رقةُ الحياة ودقَّتُها. والحق أن الإنسان الذي يسيء استعمال قواه الجنسية يسيء إلى نفسه، إلى الوجود، إلى الآخر، وإلى الحقيقة السامية. فالإنسان – ذلك الكائن النبيل – ما كان ليأتي إلى الوجود الأرضي إلا عن طريق الجنس المتحضر المقنن . بهذا التوضيح اري ان فرويد أخطأ لأنه لم يدرك الجنس إلا من الناحية المادية فقط. ويُعتبَر تحليلُه صحيحًا من الوجهة العضوية وحدها؛ فيما يبطل هذا التحليل عندما نعتبر الإنسان كيانًا روحيًّا–ماديًّا. لقد حثَّ فرويد، من حيث يدري أو لا يدري، على تنمية الغريزة وإبطال العقل. وتُعتبَر نظرتُه إلى العلاقة بين الابن وأمِّه (عقدة أوديپ) وبين الابنة وأبيها (عقدة إلكترا) خطأ في الأساس – وهذا لأنه جهل العلاقة القائمة بين الإنسان وحبِّه لذاته، متمثلاً في الرجل والمرأة على حدٍّ سواء.