فى خطوة غير مسبوقة أو متوقعة نسف الرئيس الأمريكى جميع قرارات الشرعية الدولية بإعلان نيته نقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبارها عاصمة إسرائيل، فأجهز بذلك على القضية الفلسطينية إجهازا كاملا باعتبار أن ذلك يترتب عليه الإعتراف بالقدس بشطريها الشرقى والغربى كمدينة موحدة تحت سلطة الإحتلال الإسرائيلى، إضافة إلى نقل إدارة المقدسات الإسلامية والمسيحية إلى سلطة الاحتلال الاسرائيلى وإخراج ملف القدس من أى عملية تفاوض مستقبلية وبالتالى دعم سياسة إدارة الاحتلال بضم الأراضى وتهويد المدينة وتهجير سكانها! وقد تابعنا جميعا ردود الفعل المنددة بالقرار فى العالمين العربى والإسلامى، ولكن على الرغم من سخونتها الا انها لم تكن على مستوى الحدث لعدم وجود حلول حقيقية نتيجة لهذه التظاهرات والادانات والهبات ربما لان المقياس الحقيقى هو الوصول لتسوية حقيقية، إضافة إلى الخطوات الرسمية التى من المنتظر أن تتطور إلى إجراءات من شأنها الوصول للحل النهائى وفقا للمرجعيات الدولية. إن هذه النقلة النوعية فى مسار هذا الملف بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل لهى من أخطر ما يمكن ان يحدث فى هذه المرحلة، لأن الأجيال القادمة لن ترحمنا ولن تملك القدرة على استرداد ما أضعناه! ولا أريد أن أزيد من جرعة التشاؤم ولكنها الحقيقة أن الأجيال القادمة بكل اسف ستكون فاقدة للهوية لأنها تعيش فى منطقة شبه مفتتة، فلا يوجد انتماء قومى، كما إنها لا تجد القدوة والمثل ولا الانتماء الدينى! أجيال لم تتعلم جيدا ومن تعلموا منهم فقد تعلموا فى مدارس أجنبية وبلا انتماء حقيقى، أجيال لم تدرس التاريخ ولم يحدثها احد عنه كما يجب أن يكون، اجيال تلهث وراء احتياجاتها الأساسية ومتطلباتها الرئيسيّة التى تجدها بالكاد فى ظل ظروف اقتصادية قاسية.. فكيف لها أن تحرر فلسطين أو القدس والأقصى؟! لذا فإننى أعتقد أننا أفضل حظا وبالتالى علينا - إلى جانب أن نكون على قدر الحدث - أن نقوم أيضا بإعداد هذه الأجيال التى ستكون تحديات زمانها عظيمة بعظم هذه الحالة من الفوضى التى نعيشها.. ولتبقى دوما القدس عربية.