تصاعدت حدة التوتر بين الولاياتالمتحدةوإيران بشأن الاتفاق النووى الإيرانى بعد خطاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أثار الخطاب احتمالات بشأن إلغاء الاتفاق أو على الأقل امكانية تعديله فى الأيام القليلة المقبلة. وقال ترامب أمام الجمعية العامة: «إن الاتفاق النووى مع إيران كان من جانب واحد وهو محرج لنا». وأضاف: «لن نقبل الاتفاق مع إيران إذا استخدم كغطاء لتطوير برنامج نووى»، مشيرًا إلى أن ثروات طهران يتم استخدامها فى تمويل حزب الله، وتقويض السلام فى الشرق الأوسط، مؤكدًا «على حكومة إيران وقف دعم الإرهاب والبدء فى الاهتمام بشعبها». وتابع الرئيس الأمريكى بأن «دعم النظام الإيرانى للإرهاب يتناقض مع جهود الدول العربية فى محاربته». ورد الرئيس الإيرانى حسن روحانى على خطاب ترامب مصرحًا أن الاتفاق النووى الدولى مع إيران «قضية مغلقة» ولا يمكن تمديدها أو تغييرها بأى حال من الأحوال، ورفض رفضًا قاطعًا انتقادات الرئيس ترامب بأن الصفقة ضعيفة ومحرجة، مؤكدًا عدم موافقة الجمهورية الإسلامية على تعديلها، حيث أضاف أن خطة العمل المشتركة )الاتفاق النووى( ستبقى كما هى فى مجملها أو أنها ستنتهى. وانجزت إيران الاتفاق النووى )المعروف رسميًا بخطة العمل الشاملة المشتركة( مع الدول الكبرى وفى مقدمتهم الولاياتالمتحدة عام 2015 اعتبره البعض إنجازًا للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، خاصة بعد أن جاء عقب مفاوضات صعبة استمرت عامين للتوصل إلى بنود الاتفاق سبقته مباحثات عسيرة ظلت سنوات بشأن البرنامج النووى الإيرانى. وجاءت التصريحات الأخيرة مع اقتراب موعد تصديق الرئيس الأمريكى على ما إذا كانت إيران تلتزم ببرنامج العمل المشترك الذى اشترط وقف إيران لبرنامجها النووى مقابل تخفيف العقوبات. وبموجب القانون الأمريكى للمراجعة النووية لعام 2015 فإن للكونجرس الحق فى التصويت على إذا ما كان سيعيد فرض عقوبات معلقة بموجب الاتفاق النووى بمجرد أن يقرر الرئيس التصديق على إعادة فرض عقوبات على إيران وذلك بحلول 15 أكتوبر المقبل غير أن القانون يقضى أيضا أن يخطر الرئيس الكونجرس رسميا بأى دليل لديه لتبرير ذلك. وسيكون أمام الكونجرس 60 يوما لتقرير ما إذا كان ستتم اعادة فرض عقوبات وسيكون ذلك بمثابة انسحابا من الاتفاق النووى الإيرانى. ووقع كبار الديمقراطيين على خطاب طالبوا فيه الادارة الامريكية تقديم معلومات إلى الكونجرس حول أى خرق إيرانى للاتفاق فى غضون عشرة أيام من استلام المعلومات وطالب الخطاب الادارة بتقديم تقرير مكتوب وشهادة علنية إلى لجان مجلس الشيوخ قبل 6 أكتوبر المقبل إذا كان لديها معلومات تشير إلى أن إيران لا تمتثل للاتفاق النووى أو معلومات من شأنها أن تقود ترامب إلى الاستنتاج بأن التعليق المستمر للعقوبات ليس فى مصلحة الامن القومى الأمريكى. غير أن تصريحات ترامب أمام الجمعية العامة أكدت أن واشنطن قد اتخذت قرارا بالفعل بشأن الاتفاق إما لإلغاؤه أو إعادة التفاوض بشأنه وهذا ما أكده أيضا الرئيس الأمريكى للصحفيين بعد خطابه بالاممالمتحدة عندما تم سؤاله حول ما إذا قد كان تم اتخاذ قرار بشأن مستقبل الاتفاق وقال «لقد قررت» وكرر ذلك ثلاث مرات وعندما ألح الصحفيون على ترامب للكشف عن قراره ابتسم وقال سأخبركم ما هو القرار. وأكدت صحيفة )النيويورك تايمز( أن مسئولين فى الإدارة الأمريكية أكدوا أن الرئيس يسعى لإعادة النظر فى الاتفاق النووى مع إيران من أجل تشديد بنوده بدلا من التخلص منه فورًا وأن الإدارة الأمريكية تحشد حلفاءها للضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات. حيث يرغب الرئيس الأمريكى فى توسيع الإطار الزمنى للاتفاق وفرض قيود جديدة على تطوير إيران للصواريخ الباليستية، وهذا ما أكده وزير الخارجية ريكس تيلرسون خلال حديثه لشبكة )فوكس نيوز( عندما قال: «أن الرئيس يريد حقا إعادة هذه الصفقة». ولفت تيلرسون إلى أن الولاياتالمتحدة تعتبر بعض المهل المنصوص عليها فى الاتفاق غير مقبولة، لاسيما فيما يتعلق بسقوط العديد من الضوابط المفروضة على إيران بعد انقضاء 10 سنوات على توقيعه. وأضاف: «أننا بحاجة إلى دعم حلفائنا والحلفاء الأوربيين وغيرهم من أجل القضية». وعلى الرغم من أن المسئولين الأوربيين يؤيدون الاتفاق الحالى بقوة إلا أن البعض يشير إلى الانفتاح على التفاوض بشأن اتفاق كجزء تكميلى لخطة العمل المشتركة وهو الأمر الذى أكده الرئيس الفرنسى مانويل ماكرون على هامش الجمعية العامة بنيويورك عندما قال للصحفيين «إن فرنسا تحبذ الحفاظ على الاتفاق لأنه جيد «بيد أنها ستدعم إضافة «ركيزتين أو ثلاثة أو بنود». وقال مسئول أوروبى أن الموقف الفرنسى سيكون ترك الاتفاق الحالى ولكن التفاوض على صفقة تكميلية لمعالجة المخاوف» و من شأن هذا النهج أن يرضى اسرائيل التى اجتمع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مع ترامب الاسبوع الماضى وأخبر الاممالمتحدة لاحقا أن الاتفاق النووى ينبغى تعديله أو إلغاؤه. وترى طهران أن الولاياتالمتحدة تفتح هذا الاتفاق لأنه لا يضمن أمن إسرائيل بنسبة مائة فى المائة، حيث لا ينص الاتفاق على الحد من تكنولوجيا الصواريخ الباليستية وبالتالى لا يمنع من تطوير تلك الاسلحة وهذا ما تخشاه تل أبيب، الامر الثانى أن الاتفاق من شأنه أن يرفع العقوبات عن إيران وبالتالى ضخ الاستثمارات إلى طهران ورفع القيود عن التعامل مع البنوك وحصول إيران على مليارات الدولارات ومن ثم تمويل حزب الله الذى يمثل أيضا تهديدا لإسرائيل. كما تشتكى إدارة ترامب وإسرائيل من أن إجراءات الحماية النووية ضعيفة لأن بعضها ينتهى خلال 10 إلى 15 عامًا. وأثارت تصريحات المسئولين الأمريكيين تساؤلات بشأن ما إذا من الممكن أن يكون الاتفاق النووى على قيد الحياة بدون الولاياتالمتحدة )وذلك بالرغم من تأكيد مسئولين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية امتثال إيران للاتفاق(، والتى كانت مشاركتها المفتاح لاستعداد إيران لعقد صفقة تحد من برنامجها النووى. وهو تساؤل رد عليه الرئيس الإيرانى معلنًا أنه «إذا ما ألغت الولاياتالمتحدة شروط الصفقة سنستأنف أنشطة تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع». وأضاف «إذا خرج أى شخص من الاتفاق وخرق التزامه فهذا يعنى أن أيدينا مفتوحة تماما لاتخاذ أى إجراء نراه مفيدا لبلادنا». وهى خطوة من المحتمل أن تثير المخاوف الدولية بشأن قدرة طهران على الاسراع بتطوير الاسلحة النووية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق. ويقول مراقبون إنه إذا تم فتح التفاوض بشأن الاتفاق النووى فإن التحدى الذى يواجه ترامب هو كيفية اقناع إيران بتقديم المزيد من التنازلات حيث إن العقوبات التى فرضت على طهران أثناء إدارة أوباما قد تم رفعها وبالتالى سيكون لترامب نفوذ أقل.