الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في ألمانيا يوم الأحد القادم الموافق 24 من سبتمبر الجاري تسعى خلالها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والمرشحة عن الحزب الديمقراطي المسيحي للفوز بولاية رابعة أمام خصمها الأقوى المرشح مارتن شولتز مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي ، وتأتي تلك الانتخابات قوية هذه المرة ، ففي الوقت الذي تعول فيه ميركل على الأحزاب الليبرالية يعول شولتز بحزبه الديمقراطي الاشتراكي على الحصول دعم أصوات وأعضاء الأحزاب الأخرى كحزب البديل من أجل ألمانيا الذي يعتبر بمثابة الحزب اليميني الشعبوي الأول في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية والمناهض في توجهاته للمسلمين واللاجئين بعد نجاحه مؤخرا في استقطاب المجتمع المدني وإثبات تواجده في انتخابات الولايات مؤخرا ثم بالتضامن مع حزب الخضر والمرشح عنه جيم أوذدامير من أجل خلق تكتل نيابي يمكن أن يتغلب على ميركل وحلفائها . وبرغم المنافسة الشديدة المتوقعة في تلك الانتخابات تبقى المستشارة الألمانية ووفقا لأخر استطلاعات الرأي ووفقا لآراء المحللون والسياسيون الأوفر حظا للفوز بالمستشارية أمام منافسها العنيد ، فقد تمكنت ميركل خلال 12 عام من حكمها الحفاظ على قوة ألمانيا والمحافظة على قوة اقتصادها وتفوقها والمحافظة على المكتسبات الاجتماعية وتقليل نسبة البطالة لتصبح باقتدار قاطرة للاتحاد الأوروبي ومحافظة على كيانه برغم التحديات الكبيرة التي واجهت الاتحاد ، إضافة إلى نجاحها في إدارة الكثير من الملفات الداخلية والخارجية محافظة على هيبة ألمانيا لتبقى السيدة الأقوى لما تتمتع به من حنكة وبما تتميز به من دبلوماسية رفيعة ودينامية لتمثيل ألمانيا في المحافل الدولية وبما تتحلى به من إنسانية وانفتاح على بناء جسور التفاهم والمحبة بين الشعوب والتعاطف مع البؤساء واللاجئين لتصبح السيدة الأقوى بالعالم ولتبقى من أهم الشخصيات المدافعة عن وجود الغرب الليبرالي أمام صعود النعرات القومية للمحافظين الجدد في أمريكا وانجلترا ، وصعود اليمين المتطرف في الكثير من دول الغرب إضافة لمواقفها القوية المحافظة على الاتحاد الأوروبي لتبقى هي بمساعدة فرنسا صمام الأمان المحافظ على بقاء وازدهار الاتحاد ودورها في حلف الناتو وتأثيرها الفاعل في القضايا الدولية ، وبرغم الانتقادات التي توجه لها وتؤخذ عليها من خلال الأصوات المعارضة لها في ألمانيا بسبب لها تعاطفها واستقبالها لعدد كبير من اللاجئين وتورط بعضهم في العمليات الإرهابية التي تعرضت لها ألمانيا وأوروبا إلا أنها تمكنت من التراجع عن مواقفها تجاه استقبال اللاجئين وحافظت على توازنها السياسي داخل الشارع الألماني . وخلال المناظرة الأخيرة التي أجريت عبر التليفزيون الألماني بين أنجيلا ميركل ومنافسها مارتن شولتز خلال الأسبوع الماضي فإن ميركل قد أثبتت قدرتها على الحكم أمامه وكانت أكثر إقناعا أمام الجماهير برغم تشابه ورؤية كلا من هما حول بعض الملفات كالديمقراطية ، وملف الهجرة والإرهاب وعلاقة ألمانيا بأوروبا والعالم الخارجي وقضايا الشرق الأوسط ، ثم علاقة ألمانيابتركيا والتي قد شهدت توترا وتراجعا خلال الأشهر الماضية نظرا لتصاعد الحرب الكلمة بين البلدين بسبب تدخل أردوغان في شئون الدول الأوروبية وحلف الناتو وسعيه لتوظيف الجاليات التركية الموجودة بدول أوربا لأغراضه السياسية وتصدير مشكلاته الداخلية إليها ، وابتزازه لأوروبا بسبب مشكلة اللاجئين ثم غضب ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي واختلافهم مع أردوغان بسبب عدم احترامه للقيم والديمقراطية وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان وبخاصة بعد الانقلاب العسكري الذي تعرضت له تركيا ، مما جعل المستشارة ميركل تشدد وتعلن موقفها الرافض لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وهو نفس الموقف الذي اتخذه شولتز تجاه تركيا لتبقى حظوظ ميركل هي الأقوى في الشارع الألماني بعد أن تراجعت الأصوات المعترضة على سياستها السابقة تجاه الهجرة واللجوء الذي لن يؤثر على حظها في النجاح والبقاء في المستشارية لولاية رابعة وضمان التفوق على الاشتراكيين .