هل نحن في مصر؟.. هل لا تزال مصر في قارة أفريقيا؟.. هل حصلنا علي استقلالنا عن إمبراطورية بريطانيا العظمي؟.. أجيبوني بالله عليكم.. ذكروني، فلديّ شعور بأن بلادي لا تزال مستعمرة.. أعرف أن الرئيس السابق 'خالد الذكر في المحاكم الجنائية، وقضايا الفساد، وقتل المتظاهرين' هل نحن في مصر؟.. هل لا تزال مصر في قارة أفريقيا؟.. هل حصلنا علي استقلالنا عن إمبراطورية بريطانيا العظمي؟.. أجيبوني بالله عليكم.. ذكروني، فلديّ شعور بأن بلادي لا تزال مستعمرة.. أعرف أن الرئيس السابق 'خالد الذكر في المحاكم الجنائية، وقضايا الفساد، وقتل المتظاهرين' هو من جعلنا نشعر بهذا الإحساس المهين.. قام بتطبيقه قولا وفعلا.. بعدما فتح الأبواب علي مصاريعها 'بحكمته التي أشاد بها قادة العالم!!'، أمام التدخلات الأجنبية، قبل تنحيه أو رحيله أو حتي خلعه 'سمها كما تشاء'. مطلع الأسبوع الجاري، طالبت مسئولة الشئون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوربي 'كاثرين آشتون' السلطات المصرية بالسماح لمنظمات المجتمع المدني باستئناف عملها.. أعربت 'آشتون' عن قلقها الشديد من قيام النيابة العامة 'في حماية الشرطة' بتفتيش مقار عدد من منظمات المجتمع المدني 'المحلية والدولية'.. قالت: إن استخدام القوة تجاه هذه المنظمات أثار قلق ومخاوف الاتحاد الأوربي! والسؤال: ما علاقة الاتحاد الأوربي بشئوننا الداخلية المصرية؟ هل يخشي الاتحاد الأوربي من انكشاف دوره الرسمي 'وغير الرسمي' في تمويل منظمات وجمعيات حقوقية خلال السنوات القليلة الماضية؟.. هل يشعر بالقلق من فضح المشروعات والدراسات البحثية التي أنجزتها تلك المنظمات لصالحه، دون أي اعتبار لضرورات الأمن القومي ؟'بالمناسبة، يتعرض مفهوم 'الأمن القومي' لحملة تسطيح وتشويه لأغراض خبيثة في نفوس مروجيها'. نعرف أن كل هذه التنازلات 'المخزية' تمت في عهد النظام السابق دخلت مليارات الدولارات لتمويل منظمات وجمعيات ومؤسسات حقوقية.. تم إنشاء مواقع إنترنت وصحف وفضائيات.. صنعوا 'في غيبة الدولة ومؤسساتها الملهية بقضايا هامشية' نخبة جديدة موالية في أفكارها وأطروحاتها لمخططات مموليها.. لم يكن الاتحاد الأوربي- ممثلا في سفارات وأجهزة استخبارات أوربية- الداعم الوحيد.. كانت الولاياتالمتحدة رائدة في عمليات التمويل والدعم السياسي والإعلامي، ولأن ثوب النظام السابق كان مليئًا بالثقوب، فقد سلم بالأمر الواقع. وعندما بدأت الدولة في تحمل مسئولياتها، من خلال مراجعة أنشطة هذه المنظمات هاج الجميع.. بلا شك باتت القاهرة 'منذ الثورة، حتي الآن' أشبه بفندق 'سان جورج' التاريخي في قلب بيروت.. تحول الفندق 'منذ إنشائه مطلع الثلاثينيات حتي وقت قريب' إلي محطة 'ترانزيت' لمعظم أجهزة المخابرات.. انطلقت منه المخططات والمؤامرات. أصبحت القاهرة نقطة مركزية في حزمة مخططات يعتبرها بعض المشبوهين والعملاء والمغرر بهم أوهامًا.. بينما الواقع يؤكد أن مشروع 'الشرق الأوسط الجديد' يسير بخطي ثابتة وواثقة.. يستهدف المشروع إحداث تغييرات ديموغرافية وجغرافية في المنطقة، عبر إحداث الفوضي وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والحروب الأهلية إذا تطلب الأمر.. واضعوه خططوا لتفتيت دول المنطقة إلي مجموعة من الدويلات 'بمساعدة وكلاء محليين'، علي أن تبقي إسرائيل هي الدولة الكبري المتماسكة، وأن تلعب دورها الوظيفي في الحفاظ علي استمرار ضخ النفط العربي للغرب 'الصناعي'. 'ملحوظة: علي الجهلة الذين يقللون من خطورة هذه المخططات قراءة تجربة الحركة الشعبية، التي نجحت -بدعم إسرائيلي- في انتزاع دولة جنوب السودان'. مرة أخري نعود ل'بيروت' حتي نعرف كيف يتم التخطيط للمؤامرات الدولية، فقبل شهور من اغتيال رئيس الوزراء اللبناني 'رفيق الحريري'.. تم تكليف 'محطة المخابرات الأمريكية' 'C.I.A' الموجودة داخل مقر الأممالمتحدة في بيروت بالتخطيط للعملية، والعمل علي تنفيذها.. قرر المخططون اختيار منطقة الفنادق وسط بيروت 'سان جورج.. فنيسيا انتركونتيننتال...'.. تم جمع وفصل المعلومات المتعلقة بمواعيد وتحركات 'الحريري'.. في 14 فبراير عام 2005 فجّروا موكبه، عبر مجموعة من العمليات الإلكترونية بالغة التعقيد. نجحت واشنطن في التمهيد لهذا المخطط بمسلسل من الضغوط 'السياسية والدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية' علي سوريا، حتي سحبت قواتها 'بما فيها فرق المخابرات والمفارز الأمنية'، التي كانت تحمي تنفيذ 'اتفاق الطائف' بين الفرقاء اللبنانيين.. هذا الانسحاب خلق 'بحسب المراقبين' فجوة أمنية في لبنان، سمحت بتسرب العديد من أجهزة المخابرات 'لاسيما الأمريكية والإسرائيلية' للبلاد، وفتحت الأبواب أمام تنفيذ عمليات أخري.. سقط نجل القيادي الفلسطيني أحمد جبريل.. السياسي جورج حاوي.. الصحفيان جبران تويني، وسمير قصير.... وآخرون! عود علي بدء، فقد خرجت علينا السفيرة الامريكية في القاهرة 'آن باترسون' لتزف لوسائل الإعلام أن مصر ستوقف عمليات تفتيش المنظمات والمؤسسات الحقوقية العاملة علي أرضها ، خاصة الأمريكية 'المعهد الديمقراطي.. المعهد الجمهوري الأمريكي.. منظمة فريدم هاوس...'، وتلك التي تتلقي دعمًا من الحكومة الأمريكية في أسرع وقت ممكن، 'دعما للانتقال الديمقراطي.. والانتخابات الحرة، والدفاع عن حقوق الإنسان' في مصر. والسؤال: وماذا عن حقوق الإنسان في أمريكا؟.. الإجابة نستخلصها من تقرير نشرته صحيفة 'نيويورك تايمز' نهاية عام 2001.. قالت الصحيفة: وقّع الرئيس جورج بوش قرارًا يخوله إجراء محاكمات عسكرية للمتهمين بالإرهاب 'داخل وخارج الولاياتالمتحدةالأمريكية'.. المحاكمات بحسب القرار تكون علنية وسرية، ويحدد الرئيس بناء علي تقديره الشخصي هوية المتهمين والقضاة وقواعد المحاكمة، بل الحد المطلوب من الأدلة المطلوبة لإدانة المتهمين.. تصل العقوبة في هذه المحاكمات إلي حد الإعدام، دون أن تمنح المحكوم عليهم فرصة الطعن او الاستئناف..توضح الصحيفة أن 'بوش' سنّ هذا القرار بصفته الدستورية 'القائد العام للقوات المسلحة'، دون استشارة مجلسي الشيوخ والنواب أو المحاكم العليا. الأهم، أن الإدارة الأمريكية أصدرت 'أيضًا' العديد من القوانين والتشريعات الاستثنائية، لاسيما منح وزارة الخارجية حق اتهام أي مجموعة سياسية باعتبارها منظمة إرهابية.. أطلقت يد الأجهزة الأمنية والاستخبارية في الحصول علي أي معلومات، خاصة صلاحيات التفتيش دون إذن قضائي.. سمحت بتعديل صلاحيات وكالة الاستخبارات المركزية لتعمل داخل البلاد علي عكس القوانين السابقة، التي كانت تمنعها من ذلك.. كما أعطت الحق في مراقبة الأنشطة السياسية والمالية والشخصية.. التنصت علي المحادثات الهاتفية.. تتبع أنشطة الإنترنت ومراقبة البريد الإلكتروني دون تصريح.. منع حملة البطاقة الخضراء 'جرين كارد' من دخول البلاد بسبب آرائهم المعارضة.. توسيع تعريف الإرهاب المحلي ليشمل الاحتجاجات السياسية السلمية.. معاقبة من يدفعون اشتراكًا لأي منظمة سياسية أمريكية معارضة، واعتبار هذا الاشتراك الرمزي دليلا إجراميًا يعاقب عليه القانون.... ثم يحدثوننا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان! الآن، نحن علي أبواب عهد جديد، تتشكل ملامحه في الأفق.. عهد يتطلب منا التأسيس علي قواعد ثابته، وشفافة.. نحتاج إلي مؤسسات سياسية واقتصادية.. إلي منظمات وجمعيات ومراكز حقوقية علي مقاييس الوطن وطموحات شعبه.. نحتاج لمراجعة المؤسسات القائمة حتي نحدد مواقف وتوجهات أصحابها ومؤسسيها، لاسيما أن عددا كبيرا منهم أصبحوا من طبقة الأثرياء، بينما لا تزال حقوق المهمشين علي ما هي عليه.