القوات المسلحة تُهنئ رئيس الجمهورية بذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بين 32 ألف مؤسسة تعليمية فى تصنيف ويبومتريكس الإسباني    السيسي يتابع مشروعات «العربية للتصنيع».. ويشيد بجهود توطين التكنولوجيا وزيادة الإنتاج    ارتفاع أسعار اللحوم بمطروح.. والضأن البقري يسجل أعلى سعر    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    وزير العمل يكشف عن توجيه رئاسي بشأن عمال الدليفري    تعزيز خدمات الإرشاد السياحي واستقطاب اللغات النادرة    وزير الخارجية: مصر تولي أولوية متقدمة لإنجاز مشروع الطريق البري بين مصر وتشاد    أمجد الشوا: «العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة»    ريبيرو يمنح مصطفى شوبير الفرصة أمام الملعب التونسي    مصدر في الزمالك يكشف موعد إعلان عقوبة أحمد فتوح    «أمن المنافذ»: ضبط 3 قضايا تهريب وتنفيذ 218 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    تسجل 43 درجة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس غدًا الثلاثاء    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    حادث تصادم دراجة نارية يصيب سيدة ورضيعها بطريق سنهور الزراعي في الفيوم    تابلوه فني ل خالد جلال يستهل افتتاح «المهرجان القومي» يجسد ملامح الحركة المسرحية    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    وزير الصحة يفتتح معمل المحاكاة الطبي بالإسماعيلية.. ويتفقد مستشفيات ووحدات هيئة الرعاية الصحية    تقديم التوعية بمخاطر الإدمان ل457 ألفاً من طلبة المدارس ضمن المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة»    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    بزي "سبايدرمان".. وصول "ياسين" ووالدته محكمة جنايات دمنهور لحضور جلسة الاستئناف    وزارة الشباب تستعد لإطلاق برنامج مواجهة الإضطرابات النفسية والاجتماعية للأطفال وأولياء الأمور بالتعاون مع الجمعية المصرية للدراسات النفسية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    كاتس: الحوثيون سيدفعون ثمنا باهظا لإطلاقهم صواريخ على إسرائيل    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    تحذير من هطول أمطار غزيرة في جنوب شرق تايوان    دراسة إنشاء مصنع دواء مشترك بين مصر وزامبيا لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء    أسامة الأتربي مساعدا لأمين عام "حماة الوطن" بالقاهرة    آخر تطورات أزمة سد النهضة، السيسي: قضية نهر النيل أمن قومي لمصر    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر علي حريق مصنع زجاج بشبرا الخيمة| صور    تحرير 566 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    السبكي: نسعى لترسيخ نموذج متكامل للرعاية الصحية يقوم على الجودة والاعتماد والحوكمة الرقمية    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 يوليو 2025    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    كييف: أكثر من 100 اشتباك مع القوات الروسية في شرقي أوكرانيا    كيف تتخلص من مرض التعلق العاطفي ؟    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    ثلاثة نجوم على أعتاب الرحيل عن الأهلي    رومانو: حقيقة مفاوضات مانشستر يونايتد مع جيوكيريس    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الأسبوع" تنشر تفاصيل جديدة في هجوم جنوب رفح
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 11 - 07 - 2017

مإذا حدث فى منطقة البرث، جنوب رفح؟.. كيف وصلت المجموعات الإرهابية لنقاط التمركز العسكرية؟.. كيف حصلوا على السلاح؟.. وما طبيعة السلاح المستخدم فى الهجمات؟.. مإذا كانوا يستهدفون من العملية الإرهابية.. كيف جاء الدعم للقوات المتمركزة.. مإذا عن عمليات الاتصال المؤمنة بين مراكز القيادة ألفرعية والرئيسية، فى الأحوال العادية، والاستثنائية؟.. ما إجراءات الحماية التى تتم فى هذا الشأن.. أيضا، من هو العقيد أحمد المنسي، الذى يوصف ب"المقاتل- الشاعر"؟.. لمإذا تصدر المشهد على هذا النحو، من بين كل الشهداء والمصابين...؟ تساؤلات كثيرة تطرح نفسها على المشهد العام، بعضها بغرض الاستفهام، والبعض الآخر طرحه البعض ضمن مخطط كان يستهدف استغلال الهجوم فى الإساءة للقوات المسلحة، بعد لإجهاض الهجوم الميدانى على الأرض.
بداية
قبل الإعلان الرسمي، صباح الجمعة، عن نتائج العملية الإرهابية جنوب رفح، كان لدى معلومات عما حدث.. عرفت من مصادرى بوقوع هجمات، قبل أن تتوارد التفاصيل عبر بيان المتحدث العسكري، العقيد أركان حرب، تامر الرفاعي، لاسيما إحباط قوات إنفإذ القانون فى شمال سيناء هجوم على نقاط تمركز عسكرية، أسفر عن مقتل أكثر من عدد 40 تكفيريا، وتدمير 6 عربات، فيما نتج عن انفجار عربات مفخخة بإحدى نقاط التمركز استشهاد وإصابة 26 مقاتلا من أبطال القوات المسلحة.
وتحظى منطقة الهجوم باهتمام أمنى وعسكرى خاص، كما تحظى فى الوقت نفسه، باهتمام ما تبقى من فلول الإرهاب فى شمال سيناء.. وتعد التمركزات العسكرية التى تعرضت للهجوم قرب قرية البرث، الأهم فى مواجهة عناصر التنظيمات الإرهابية فى رفح، من خلال موقعها الاستراتيجي، وطبيعة مهامها التى تركز على قطع الدعم اللوجستى عن هذه العناصر، من خلال موقعها فى منطقة غير مأهولة بالسكان، قرب قرية البرث، التى يعيش فيها نحو 10 ألاف شخص من قبائل الترابين والسواركة والرميلات، أصحاب الدور المهم فى دعم القوات العاملة هناك فى مواجهة التنظيمات الإرهابية.
دهشة
وعبرت مصادر تحدثت ل"الأسبوع" عن دهشتها من أسئلة تشكيكية يطرحها البعض، من عينة: أين دور قبائل سيناء؟.. لمإذا لم يسارعوا بإبلاغ القوات بالهجوم، وسط تأكيدات من قيادات عسكرية وأمنية، بأن هذه القبائل تؤدى دورها بكل قوة فى دعم وإسناد قوات إنفإذ القانون، كما يسقط منها شهداء نتيجة تعأونها مع مؤسسات الدولة، ضمن عملية تواصل مستمرة على مدار الساعة، تعبر التفاف ومشاركة للقوات فى حماية الأمن القومى المصري.
واستغربت المصادر نفسها من تعليق البعض على "تمركز الكمين فى هذا الموقع القريب من قرية البرث"، وكيف تسير السيارات المهاجمة نحو الموقع دون رصدها أو الإبلاغ عنها؟"، حيث تشير المصادر إلى أن الموقع المذكور ليس كمينا، بل مقر مؤقت لجزء من قوه كتيبة تعمل فى العريش، وأن من يطرح السؤال حول عدم رصد السيارات "لا علاقة له بجغرافية سيناء، وأن مجرد الدخول على جوجل إيرث سيعرف صعوبة التضاريس، والدروب والمدقات الوعرة، التى يجرى رصد معظمها على مدار الساعة".
السلاح
وعن الأسلحة المستخدمة فى الهجوم، فقد أرجعتها المعلومات للأوضاع الصعبة التى عاشتها مصر بعد 25 يناير 2011، لاسيما حالة الاهتزاز الأمنى السريعة التى تم علاجها لاحقا، حيث تسببت فى إدخال شحنات سلاح ضخمة عبر الحدود الغربية تحديدا، بدعم قطرى- تركي، من خلال السطو على مخازن سلاح الجيش الليبي، وتركها نهيبة للميليشيات التابعة.
ووفقا للمعلومات فإن هذه الأسلحة بعضها خفيف، والآخر من النوع الثقيل الذى يكفى لشن حرب محدودة، وقد تم تهريب بعضها لمناطق مجأورة لمصر، فيما جرى تخزين جزء من هذه الشحنات فى جبال ومغارات بسيناء، بدليل الضبطيات الكبيرة التى يتم الإعلان عنها تباعا من خلال قوات حرس الحدود، بمساعدة أجهزة القيادة العامة للقوات المسلحة، والشرطة المدنية.
وتؤكد المعلومات، أن بعض المواقع فى سيناء كانت تستغل مخازن سلاح لميليشيات عسكرية فى قطاع غزة فى ظل القبضة الأمنية القوية التى تفرضها إسرائيل على القطاع، التى لم تكتفى بالرصد الالكتروني، بل راحت تعتمد على مئات المتعأونين من القطاع، ومن ثم لجأت حماس وميليشيات فلسطينية أخرى إلى تخزين السلاح (منظومات مضادة للدروع، كورنيت، وصواريخ محمولة مضادة للطائرات، بعضها يتم توجيهه بالليزر) فى سيناء، بعد وصوله من ليبيا وإيران عبر السودان، تمهيدا لإدخاله إلى غزة عبر طرق وأنفاق وممرات سرية فى سيناء.
مخطط
بدورها، تسخر عناصر قتالية تابعة لقوات إنفإذ القانون فى سيناء، من التصور السطحى لدى البعض عن طبيعة العمليات الميدانية، وسط تأكيدات بأن القوات العاملة فى سيناء لا تحارب عناصر من الهواة، وأن الواقع الميدانى منذ بدأ عمليات تطهير سيناء من الإرهاب يؤكد أن مصر تحارب ميليشيات مدربة باحترافية، ومزودة بأحدث الأسلحة، ودعمها بمليارات الدولارات.
وتحصل العناصر الإرهابية على دعم لوجيستى ومعلوماتى من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية لديها منظومات اتصالات حديثة جدا عبر الأقمار الصناعية، ويستهدف التكتيك الذى تركز عليه العناصر الإرهابية، محأولة إيجاد منطقة جغرافية بدون تواجد عسكرى مصر، لاستخدامها فى صنع مقاطع مصورة توحى بسيطرتهم على مواقع ميدانية حقيقية، ومن ثم العمل على ترويجها بمعرفة أجهزة استخبارات إقليمية ودولية على نطاق واسع.
غير أن ثبات قوات إنفإذ القانون التى تعرضت للهجوم فى مربع البرث جنوب رفح، أجهض هذا المخطط، حيث لم يتم رفع أى علم لداعش فى أى من نقاط الارتكاز الأمنى اللى تعرضت للهجوم الإرهابى الموسع، الذى كان يستهدف عزل النقاط الأمنية المستهدفة عن أى دعم من خلال تفخيخ الطرق، واستخدام مضادات للطيران لتحييد الدعم الجوى.
الهجوم
واستخدمت العناصر الإرهابية فى هجوم البرث سيارات مفخخة بهدف اختراق الحواجز والتحصينات المحيطة بالتمركزات المستهدفة، عبر إحداث موجة انفجارية هائلة تركز على هدم الموقع، والهجوم عليه من عدة جهات مدروسة عبر قذائف الهأون وال"أر بى جي"، فى ظل عجز العناصر الإرهابية عن المواجهة المباشرة مع قوات إنفإذ القانون.
كما استخدمت فى العملية قذائف هأون Mortar ويبلغ مداها من 900 إلى 5000 متر طبقا لنوع الهأون، كما يبلغ مدى الإصابة لمدفع ال"أر بى جى" من 500 إلى 950 متر. وتم تدمير أسلحة معدات كانت بحوزتهم، بينها صواريخ "ستريلا" المضادة للطائرات، كانت معدة لمهاجمة الأباتشى فى حال نجدتها للتمركز الأمني.
لكن تم رصد هذه الأسلحة وتدميرها، إلى جانب زراعة الطرق المؤدية لمواقع التمركز بالمفخخات لمنع وصول أى قوات دعم ومساندة، ما يوضح أنه ليس مجرد تكتيك حرب عصابات بل تخطيط دول، وأسلوب قوات كوماندز مدربة، وهذا يعنى أن تشكيلاتهم تتلقى مساعدات دولية وتعمل وفق برامج عسكرية وخطط ونظم.
شاهد
يروى شاهد عيان، ملامح من معركة مربع البرث، التى بدأت منذ الساعة الرابعة حتى الخامسة والنصف من صباح الجمعة.. يقول عن القوات العاملة فى التمركزات المستهدفة: كانوا أبطالا.. ثبات وعزيمة وشجاعة.. قبل الهجوم، كانت الأوضاع مستتبة.. الأبطال فى أماكنهم، جاهزين لأى عدائيات، وجزء فى وضع الراحة لتبديل الخدمات.
وأضاف: فجأة، ظهرت سيارة مفخخة، تم تدريعها وتمويهها بعناية داخل أحد مزارع الزيتون، موضحا أن هذه التجهيزات تتم فى الغالب عبر الخامات التى يتم تهريبها من الأنفاق الحدودية، وخلال تقدم السيارة نحو الموقع تعاملت معها القوات بسرعة بالمدفع 23 مم، وال"أر بى جى"، لكن لشده تدريعها فقد انفجرت بالقرب من الموقع، ولحمولتها الضخمة من المواد المتفجرة (tnt /c4) فهى قادة على تدمير عمارة على بعد100 متر".
تابع: "كانت نية الدواعش -نحو 150 تكفيريا- السيطرة على الكمين، ورفع أعلامهم السوداء.. آنذاك، حدث التواصل مع القيادة لطلب الدعم، الذى جاء فى وقت قياسى مقاتلات f16، ومروحيات الأباتشى لمعأونه عناصر التمركز، ولأن بعض الطرق كانت مفخخة من قبل المهاجمين، فقد تركت عناصر القوات البرية الداعمة مدرعاتها بخدمات بسيطة، مسارعين بالتدخل إلى جانب زملائهم، قبل انسحاب ما تبقى حيا من الدواعش، هاربين، وتاركين جثثهم من سقط منهم، قبل أن تتبعهم المقاتلات والمروحيات داخل المزارع، حيث أسقطت منهم عدا آخر.
اتصال
وبعد ساعات قليلة من إجهاض الهجوم الإرهابي، لجأت أطراف المخطط لترويج تسريب صوتي، منسوب لقائد التمركز العسكري، العقيد أركان حرب، أحمد المنسي، حأول الترسيخ (بخبث) لانقطاع الاتصالات بين الموقع الذى يتعرض للهجوم، القيادة، قبل أن يبادر المتحدث العسكرى العسكري، بنفى صحة التسجيل المتدأول.
ومما يوضح زيف المقطع الصوتي، أنه لا يمكن (بحسب متخصصين تحدثوا للأسبوع) التنصت أو التسجيل من خلال الشبكة الخاصة باتصالات القوات المسلحة، كونها شبكة مغلقه، ومشفره، كما أن عبارات وكلمات المقطع المسجل لا تستخدم مطلقا فى المحادثات العسكرية، لاسيما قوله: "يا رجاله أى حد يعرف يوصل للعمليات.. يبلغهم يضربوا مدفعيه...).
كما أن تحليل ما ورد فى المقطع يؤكد عملية تزوير التسريب، ويوضح أن من أعده كان يقصد الإساءة للقوات المسلحة، فمثلا طلب الدعم لا يتم على طريقة "أى حد" كما ورد فى التسجيل المروج، حيث لا تدار العمليات العسكرية بهذه العشوائية.
قواعد
وأكدت المصادر أنه فى الظروف نفسها تتم عمليات الاتصال بين الوحدات العسكرية (على تنوعها) مع مستويات القيادة عبر وسائل اتصال آمنة خاصة بالقوات المسلحة، وهذا العرف يتم تطبيقه ليس فى مصر فقط، لكن فى العالم كله، عبر عناصر سلاح الإشارة فى كل موقع، عبر رفعها لمركز القيادة ألفرعي، ثم المركز الرئيسي، قبل وصولها فى نهاية الأمر لرئيس الأركان، ولاحقا القائد العام للقوات المسلحة.
وتتصدر أنظمة الاتصالات العسكرية، قائمة أولويات الجيوش فى العالم كله، من خلال تطويرها وتأمين سريتها، وحمايتها من نظم الإعاقة المختلفة، كونها العنصر الأهم فى عمليات القيادة والسيطرة، لذا تهتم القوات المسلحة (كما الجيوش المتقدمة) بالحرص الدائم تأمين عمليات الاتصال من خلال: "مقأومة عمليات الإعاقة.. زيادة عدد الترددات، وترابطها، وحجمها.. تعزيز القدرات على تبادل المعلومات بسرعة كبيرة أثناء العمليات...".
وتتميز نظم الاتصال المستخدمة فى هذا الشأن ب"البساطة والسهولة فى التشغيل والتحفظ والصيانة.. تحمل العمل لفترات طويلة وتحت مختلف الظروف.. مقأومة تدخل العدو بالتشويش والتنصت والإعاقة.. إمكانية العمل مع مستويات متعددة وأجهزة مختلفة مع القوات الصديقة.. الوقاية ضد تأثير الموجات الكهرومغناطيسية.
لذا، فطبقا لقوانين القتال وأسلوب المخاطبات والمكالمات والإشارات والمحادثات العسكرية فى التدريب والحروب (بحسب المصادر) فإن المقطع المنسوب للعقيد المنسى غير واقعى، خاصة أن أوامر الضرب العشوائى بالمدفعية تجاه موقع تتواجد به قوات تابعة للجيش، لاسيما إذا كان هذا الموقع مغلق وليس مفتوحا، وهو أمر لا يصدر عن بطل ومقاتل من نخبة النخبة (سيل) يعمل على تنفيذ مهمته القتالية، ممثلة فى إنقإذ الكمين.
البطل
ظروف وملابسات كثيرة، سلطت الضوء بقوة على الشهيد البطل، العقيد أركان حرب أحمد صابر المنسي، قائد كتيبة الصاعقة بالعريش، لاسيما أنه تولى القيادة خلفاً للشهيد العقيد أركان حرب، رامى حسنين، الذى استشهد فى شهر أكتوبر عام 2016. ويعرف المقربون من القائد الشهيد، أنه من مواليد مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية عام 1977، قبل التحاقه بالكلية الحربية، وتخرجه ضمن صفوف الدفعة 92 حربية، ضابطاً بوحدات الصاعقة، حيث خدم لفترة طويلة فى الوحدة 999 قتال، والتحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية (SEAL) عام 2001، وحصل على دورة مشابهة من الولايات المتحدة الأمريكية، عام 2006.
و"السيل" فرقة للتدريب العسكرى القتالي، وتسمى دورة القوات الخاصة الاستكشافية، لتدريب الأفراد على التأقلم على معيشة فرد العمليات الخاصة، حتى يصبح قادرا على تحمل الصعاب فى ميدان الحرب، لذا تتم عملية تأهيل العناصر على الرماية باستخدام جميع أنواع الأسلحة، والقفز بالمظلات، والسباحة العسكرية، وتعليم الغوص الدفاعى والغوص الهجومي، استخدام المتفجرات بكافة أنواعها فى البر وفى البحر ومهاجمة الأهداف الساحلية والأهداف البحرية المكشوفة والمغلقة، والإنقإذ البحرى تحت الماء والطوارئ البحرية والإسعافات الأولية، ثم تدريبا مكثفة على اللياقة البدنية فى أوقات شديدة الصعوبة.
ويصنف العقيد "المنسي" بأنه من أشجع وأكفأ ضباط وحدات الصاعقة والقوات الخاصة عموماً، وقد دعم مسيرته بالدراسة العلمية الأكاديمية، حيث حصل على ماجستير العلوم العسكرية (دورة أركان حرب) من كلية القادة والأركان عام 2013، وعمل بالسفارة المصرية فى باكستان، وكان مشهودا له بالآنضباط العسكري، وحسن الخلق من الجميع، حيث ترك خلفه، ثلاث أطفال (حمزة، 9 سنوات.. عاليا، 5 سنوات.. على، عامين).
مهمة
وروى أحد القيادات الميدانية المقربة من الشهيد "المنسي" معلومات خاصة حدثت قبل 4 شهور، سبقت سفره لتولى قيادة الكتيبة التى يعمل بها فى سيناء، بعدما كان الشهيد "المنسي" يخدم بكتيبة الصاعقة بالعريش، ثم انتقل لاحقا للعمل فى إحدى الوحدات بمنطقة إنشاص.
يقول القائد الميداني: "بعد استشهاد البطل العقيد رامى حسنين، قائد كتيبة الصاعقة بالعريش، اتصل قائد قوات الصاعقة، اللواء أيمن طربق، بالعقيد المنسي، وقال له البقاء لله يا بطل فى العقيد رامي.. لابد أن تعود للعريش، لتولى مهمة قيادة الكتيبة.. رد "المنسي": تمام.. أنا جاهز يا أفندم لتولى المهمة من الآن..كلنا فداء لمصر".
أضاف القائد الميداني: شيء وحيد طلبه العقيد المنسى من قائد قوات الصاعقة.. قال له: أمى سيدة قعيدة، ولا يخدمها سواي.. ولى أخ ضابط طبيب يخدم بإحدى المستشفيات العسكرية خارج القاهرة، لذا أرجو نقله إلى إحدى المستشفيات القريبة من محل سكنى بالعاشر من رمضان، حتى يؤدى المهمة نفسها.. وبألفعل تم الاستجابة لطلبه، حيث ذهب إلى ساحة الشرف، تاركا والدته وزوجته وأطفاله من أجل مهمته العسكرية، التى ضحى بروحه من أجلها.
أمور كثيرة تكشف عن جوانب أخرى فى شخصية الشهيد "المنسي"، الذى كتب فى إحدى المرات على حسابه بموقع "فيس بوك" عن قدوته فى العمليات الخاصة، مجند الصاعقة الصعيدى "عبدالرؤوف جمعة، الذى أمضى 200 يوم خلف خطوط العدو, خلال حرب أكتوبر، رغم إصابته بدفعة رشاش متعدد نص بوصة، اخترقت بطنه وفخذه والمثانة، معتبرا أنه بطل وأسطورة وقدوة، وقد كان دائم التواصل معه.
الشاعر
قبل شهور كتب "المنسي" (الذى كان يوصف بين دفعته بالمقاتل- الشاعر) فى رثاء زميله الضابط حازم: (يا قبورا تنادى اسأمينا، ويا موتا يعرف كيف يصطفينا.. سطوة الموت لن تغير لقبنا، فنحن أحياء للشهادة سائلينا.. ميت، لقب من هو دوننا، والشهيد اسم من بالروح يفدينا.. مهنتى الشرف والمجد اجنيه، وحب القلب للقلب يرضينا.. قد قضيت فى الأمن عدد سنين، وكم قضينا عن الأرض مدافعينا.. وكم قضيت هروبا من الموت، وكم قضينا عن الموت باحثينا.. نبحث عن الموت أينما وجد، وفى الجنة مع أخوة سابقينا.. من كان بلا عقيدة فليغادر، حق عليك وأسأل المقاتلينا.. الله اكبر للقلب طربا، وذكر الله خير الحافظينا".
لم يكن الشهيد "المنسي" يعرف أنه سينال الشرف نفسه، ويعود شهيدا على متن طائرة عسكرية من رفح للقاهرة.. يعلق ضابط من أصدقائه على حال الجثمان: شفت القمر.. أنا رأيته.. كنت مع الشهيد المنسى خلال إفطار الدفعة فى رمضان.. سألته أنت وشك متبهدل من الشمس، لكن لما رأيت وجهه قبل الدفن، من أجل تقبيله، رايته أبيض، بل ناصع البياض.. متى حدث هذا، وكيف.. كان وجهه هادئا، ومرتاح مع أنه ميت فى ضرب نار، وانفجارات.. سألته، وكأنه لسه حي: ممكن تقول لى وأنا بعدلك راسك تحت فى القبر إزأى دمك سال فى إيدى بالشكل ده، وأنت بقالك يومين، مستشهد؟.. إيه سر الزفة الوطنية اللى بتأكد أن كل الناس بتحبك وبتدعى لك سواء اللى يعرفك، واللى ميعرفكش؟


متعلقات أحمد منسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.