حصاد الدراما مصطلح يلازمنا كل عام فى رمضان بإعتباره شهر الزخم الدرامى حيث تتزاحم فيه الفضائيات العربية على عرض أحدث المسلسلات لكبار النجوم ، وبات من المسلم به أن تلتفت العيون كل عام إلى المحتوى الدرامى لتقييمه وفرزه والإشادة به أحيانا والتعجب منه أحيان كثيره أخرى . ولكن عن حصاد الإبداع فى رمضان هذا العام ، حدث عن الإعلانات وأطلق العنان لأهازيج تعبيرك وتراقص وتمايل وإستشعر الإنسانية تسرى فى دمائك فى لحظات هى الأمتع والأرقى ، تسللت خلالها ثقافة جديدة لم نلمسها من قبل ، هى ثقافة البهجة التى لا نعرفها ولا تعرفنا ، ثقافة المتعة التى تضخ الفرح فى لحظات إجتياح تتلون فيها الحياة والعيون بلون السماء ، فالكل يقفز وعيونه ترتفع كلما إرتفعت قفزته كلما إقترب أكثر إلى السماء وإشتد وهج ملامحه وكأنما الشمس إنزلقت فوق جبينهم لتشع نورا غير هذا الذى تبعثره فوق الرؤوس كل يوم ، وما جعل الأمر عيدا متكرر الظهور إرتباط هذه الإعلانات بالأطفال المرضى ، فعبقرية العرض لأحزانهم بعيدا عن الكلمات الموجعة التى آلامتنا لسنوات عديدة ، جاءت لتغير مفاهيم مأساوية ما عادت تلائم هذا العصر ، وأبهجت كل المصريين فى بيوتهم ، فاللحظات التى كنا نهرب من مشاهدتها ، أصبحنا الآن ننتظرها إنتظار الطفل لليلة عيد ، أصبحنا نتفاعل بإنسانية مفعمة بالحيوية وأفكار نشطة تبحث عن كل سبيل إلى هؤلاء الصغار المبهجين ، فتحية تقدير إلى من خرج برأسه من صندوق الرتابة وقطف فى وضح النهار زهور الفرح الملونة وعبأ بها الشاشات فى شهر كريم فتلونت معه موائد الإفطار بمذاق كنا نفتقده ، وشهية كادت أن تفلت من طرف شفاهنا لما إستوطنها من ألفاظ لاذعة ومائعة فى ذات الوقت كانت نتيجة لسنين عجاف إنفرطت فيها القيم الحميدة على طرقات الفوضى ، وربما من هذه البهجة تنطلق البداية لعودة كل ما هو مصرى أصيل وفى طبعه جميل ، أما عن حصاد رمضان هذا العام فالفائر ليس هذا النجم أو تلك النجمة ، بل الفائز هو " كل المصريين " ممن أكتشفوا ثقافة جديدة تحررهم من قيود الحزن وتطلق العنان لإنسانيتهم دون شرط أو قيد ، فلا حياء فى الفرح ، خاصة ذلك النابع من تلابيب القلوب النابضة بالحياة !