بحلول شهر رمضان تحدث متغيرات في الكون ، وهذه المتغيرات تحمل الطاقات الإيجابية التي يجود بها الله على الكون بسائر كائناته ، فملائكة تهبط ، وشياطين تصفد ، وأبواب الجنان تفتح ، ونفحات الرحمة والخير والرضا والبركة تهل من الله على أهل الأرض فتشعر الكائنات بهذا التغيير الرباني الذي يملئ الدنيا بالنور ، ولهذا لا ينكر إلا جاحد الإحساس بهذا التغير الذي يصاحب الإنسان المسلم طوال شهر بأكمله يتخلص فيه المؤمن العابد لله من كل أعباء ومضايقات الدنيا حتى يصبح زاهدا فيها بعد أن يعيش في تلك الغبطة والسعادة والإقبال على العبادة والبعد عن الموبقات وترك الشهوات من أجل أن ينول الرضا والحسنات التي يجدها فرصة لا تتكرر حتى يتمنى أن تكون أيام العمر كلها رمضان ، لما لا وأيامه زينة الدنيا ، ولياليه زادا للآخرة ، فالأعياد فيه مباركة والأجر فيه مضاعف ،وفيه ليلة خير من ألف شهر ، وفيه أنزل القرآن الذي ملئ بنزوله الدنيا بالنور والخير والبركات والرحمات التي مست كل الكائنات وجعلت الفرحة تملئ القلوب المؤمنة حتى انشرحت الصدور ، وتجلت الروحانيات وسمت النفوس العابدة التي ترتقي بالعبادة الحقيقية نحو عالم السماء ، فاللهم اجعلنا من المستعدين له والمتأهبين لمعايشة أيامه بالعبادة وسائر الطاعات واجعلنا من المقبولين الفائزين بالحسنات والسعداء بتلك التجليات والروائح الذكية الندية التي تملئ الكون وتشفي الصدور وتخلصها من أعباء الدنيا تطلعا للفوز بالجنة في الحياة الآخرة .