في كل عام ، وعندما نودع الليلة الاخيره من شهر شعبان ' كنا نتبادل التهاني بحلول شهر رمضان الكريم ' كان صوت الانبا بولا ياتيني مهنئا؛ حتي اذا تصادف وكان موجودا في الخارج ' فإنه كان يداوم ولايتاخر - في هذا العام وقبيل أن يحل الشهر الكريم بيوم واحد كانت أشلاء أبناء الانبا بولا ' تتناثر في الصحراء ' روت دماؤهم الطاهره الطريق الصحراوي المؤدي الي دير الانبا صمؤيل ' جاءوا من قرانا الفقيرة في الصعيد للحصول علي البركه وأداء الصلوات ' اصطحبوا معهم اطفالهم ، وزوجاتهم ' وقبيل الوصول بقليل ؛ استوقفهم القتله الذين جاءوا من مناطق مجهوله علي متن ثلاث سيارات دفع رباعي ' قفزوا أمام الباص ، اشهروا أسلحتهم الاليه ' صعدوا الي الباص ' سرقوا القروش القليله ' وحلي الذهب التي هي كل مايملكون ' انزلوهم خارج الباص ؛ طلبوا منهم وضع ايديهم من الخلف ' تقدم احدهم - أشهر سلاحه في رؤوس رواد الباص من المصريين الأقباط ' ' حاول ابتزازهم وعرض عليهم ترك دينهم مقابل النجاة من الموت ' لم يلق استجابة واحده ' تقدم القتلة ليفتتوا رؤوس النساء والاطفال والرجال بلارحمه - ألقوا باجسادهم الطاهرة علي ناصية الطريق ' ظلت عملية القتل وزخات الرصاص تدوي لأكثر من نصف ساعه ' استشهدوا وعيونهم تنظر إلي السماء ' وكأنها تستجير بالرب أن انقذنا من ظلم الحياه ' صعدت ارواحهم الي العلي القدير ' لم يتركوا لهم فرصه للوداع ' احتضنت الأم طفلتها ' صرخت بقوه ' اقتلوني ' واتركوا ابنتي ' قتلوا ابنتها أمام عينيها وهي تحتضنها ' اختلطت الدماء ' وفاضت الأرواح ' لتزف جماعات ' جماعات الي السماء 'في مشهد جنائزي رهيب ' وكالات الانباء تذيع الخبر ' انها الصدمه التي هزت الوجدان ' بعد قليل تحول الأمر الي حادثه مكرره علي الفضائيات ' محللون وخبراء استراتيجيون ' الاشلاء يتم تداولها علي صفحات الانترنت ' الحزن يخيم علي البيوت ' البرلمان يستعد لمناقشة الأمر ' كلمات مكرره '' ثم ننتقل الي جدول الاعمال ' ثم ننسي ونتناسي قبل أن يجف حبر الكلمات ' نتألم ' نئن ' بيان الكنيسه يطالب ' وشيخ الأزهر يدين ' والمجلس الأمني المصغر يبحث الأمر مجددا ' حالة الطوارىء معطله ' وقانون العداله الناجزه ' لايزال مختبئا في ردهات مكاتبنا العتيقه ' مرسي يخرج لسانه لنا جميعا ويسأل عن تأخر وجبة الغذاء في هذا اليوم ' احتفال جماعي في سجون عجت بالقتله الذين سخروا من الحجاج الثقفي الذي قال في يوم ما ( اني اري رؤوسا قد أينعت ' وحان قطافها ) ، مضت الساعات ثقيله ' الحزن يخيم علي البيوت ، نتبادل العزاءات ' نشعر بالحسره ' دموعنا ساخنه ' وقلوبنا تحترق ' بعد قليل ' يبدأ الصخب مجددا ' تتحول الكارثه الي حادث ضمن احداث اخري عديده ' حرب شرسه تريد أن تقتلع الوطن من جذوره ' شياطين تزحف من كل اتجاه ' تسعي الي تطويق الوطن ' وتحويله الي بركة من الدماء ' في هذا المساء ' كنت اطل من علي شاشة إحدي الفضائيات ' أكرر نفس الكلمات ' نفس المصطلحات ' فينك ياحكومه ' حتعمل ايه يامجلس ' وهلم جرا ، وعندما أعود الي منزلي ' اقلب صفحات هاتي ' لقد غاب صوت الانبا بولا ' انه لم يهنئني هذا العام ' غاب الانبا بولا ' غاب صوته ' غاب صوت الانبا ( بيمن) الذي تعودت عليه ' كان الانبا بولا يعتكف في كنيسته بالغربية ' دموعه ' لم تتوقف ' وهاهو الحزن يخيم من جديد ' وكان ( الانبا بيمن ) يعتكف في كنيسته بنقاده في أقصي الصعيد ' يتألم في صمت ' تحول جروب النواب الذي يجمعنا سويا في دقائق من جروب يعج بالتهاني التي كان يبعث بها إلينا اشقاؤنا من ابناء الدين المسيحي ' الي جروب عم فيه الحزن والكأبه ونحن يعتصرنا الألم ' نبحث عن كلمات منتقاه نعزي بها انفسنا ' تمضي الكلمات الي الجروب ' وكأنها مغموسه بالدماء ' ' احاول النوم مبكرا كعادتي ' لااستطيع ' أشعر أن ارواح الشهداء تطاردني في كل مكان ' تسأل ' متي يحين وقت الحساب ' متي يتوقف نزيف الدماء ' متي نري رؤوس القتله معلقه ' ام ان دماؤهم حرام ،، ودماؤنا ودماء أطفالنا هي الحلال ' فلانامت اعين الجبناء