مرت على الحياة كالشهاب المضىء الذى لا تراه إلا إذا رفعت بصرك إلى السماء فى ليلة صافية.. هكذا كانت سميرة موسى أول عالمة ذرة فى تاريخ مصر والعرب، والتى مرت الذكرى المئوية لميلادها بدايات الشهر الجارى إذ ولدت فى مارس 1917م بقرية سنبو الكبرى بمركز زفتى -محافظة الغربية. لم يكن أبوها المتيسر ماديًا يدرك حين وهبها للعلم أنه سيقدم لهذه الأمة عالمة فذة عرفت ب«ميس كورى الشرق»، ولكنها أيضًا ستكون فريسة ل«الموت الغامض» إذ فارقت حياتنا فى سن الخامسة والثلاثين بحادث سيارة أثناء وجودها بأمريكا فى منحة لدراسة الذرة حيث كانت متوجهة يوم 15 أغسطس 1952م (بعد نحو 22 يومًا من قيام ثورة يوليو المجيدة) إلى ضواحى كاليفورنيا لزيارة أحد المعامل النووية، ومعها سائق ومبعوث من جامعة «سان لويس» (جامعة ميسورى) حيث كانت تدرس، والغريب أنها فقط من لاقت ربها بهذا الحادث بينما اختفى مرافقاها!! فى 1935م، حصلت سميرة على المركز الأول فى شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) على مستوى مصر، وكانت قد ألّفت كتابًا فى تبسيط مادة الجبر لزميلاتها فى الصف الأول الثانوى. والتحقت بجامعة فؤاد الأول (القاهرة) وتخرجت فى كلية العلوم 1939م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكانت أول معيدة يتم تعيينها فى الكلية والجامعة قاطبةً بعد اعتراض إدارة الجامعة حيث هدد العالم الفذ د.على مصطفى مشرفة عميد الكلية آنذاك بالاستقالة إذا لم تُعين، فاجتمع مجلس الوزراء وأصدر قرارًا بتعيينها. بعد ذلك حصلت سميرة موسى على الماجستير بتقدير امتياز من كليتها فى بحث بعنوان «التواصل الحرارى للغازات»، ثم سافرت فى بعثة إلى بريطانيا لدراسة الإشعاع النووى وحصلت على الدكتوراة فى «الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة» فى أقل من عامين رغم أن مدة البعثة كانت ثلاث سنوات حيث استغلت السنة المتبقية فى دراسة الذرة وإمكانية استخدامها فى الأغراض السلمية والعلاج. فى عام 1951م، سافرت فى منحة لأمريكا لدراسة الذرة وكانت سعيدة بزيارة عدة معامل هناك قالت فى آخر رسائلها لمصر: «لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان». وأخيرًا جاءت صدمة «الموت الغامض» بعد أن كانت تنوى اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحرارى للغازات ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف. رحم الله سميرة موسى.