بسبب ثلاثية «الثورة.. والحوثين.. والحرب».. الجوع يطارد 17 مليون مواطن.. مقتل وإصابة الآلاف.. ووفاة طفل كل 10 دقائق فى الذكرى الثانية لانطلاق شرارة الحرب الدائرة فى اليمن منذ 26 مارس 2015، تحولت البلاد إلى مناطق مجاعة وأمراض وأوبئة وعراء ونزوح فى أسوأ أزمة عالمية وفقًا لتقارير الأممالمتحدة التى تفيد بأن أكثر من 17 مليون شخص لا يستطيعون توفير ما يكفيهم من الطعام أى ما يمثل نحو 62% من سكان اليمن، كما قدرت الاحتياجات الضرورية والعاجلة للمتضررين من الحرب اليمنية ب1.2 مليار دولار. وأكدت التقارير الدولية احتمالية تعرض اليمنيين لخطر المجاعة خلال العام الحالى مع حاجة أكثر من 21 مليون يمنى (من أصل 26.6 مليون نسمة) للمساعدة لمعاناتهم من انعدام الأمن الغذائى، منهم 7.6 مليون يعانون انعدامًا غذائيًّا شديدًا. وتشير تقارير اليونيسيف إلى وفاة طفل يمنى واحد على الأقل كل عشر دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها مثل: الإسهال، وسوء التغذية، والتهاب الجهاز التنفسى، كما يعانى 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد من بينهم 4622 ألف طفل على الأقل يعانون سوء التغذية الحاد، فى زيادة تصل نسبتها إلى 200% مقارنة بعام 2014. وحذرت منظمة الصحة العالمية من تدهور النظام الصحى فى اليمن وانهياره، حيث أكدت المنظمة أن الميزانية المخصصة للسلطات الصحية انخفضت بشكل كبير تاركة المرافق الصحية دون أموال لتغطية التكاليف التشغيلية، والعاملين فى مجال الرعاية الصحية دون رواتب منتظمة منذ سبتمبر 2016. وفى هذا الصدد يقول نيفيو زاجاريا ممثل المنظمة فى اليمن: إنه مع افتقار حوالى 15 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الأساسية والنقص الحالى فى الأموال، سيزداد الوضع تدهورًا. ويضيف: إن 45٪ فقط من المرافق الصحية فى اليمن تعمل بشكل كامل ويمكن الوصول إليها، فيما تعمل 38٪ منها بشكل جزئى و17٪ لا تعمل. كما تضرر أو دمر 274 مرفقًا صحيًا على الأقل خلال النزاع الحالى، وغادر الأطباء المتخصصون -مثل أطباء وحدات العناية المركزة والأطباء النفسيين والممرضين الأجانب- غادروا البلاد. وتشير بيانات الأممالمتحدة إلى حاجة ما يقرب من 4.5 مليون شخص فى اليمن، من بينهم مليونا طفل، إلى خدمات العلاج أو الوقاية من سوء التغذية، ومعاناة 462 ألف طفل من سوء التغذية الحاد. وأطلقت وكالات الأممالمتحدة نداءً إنسانيًا هذا العام بمقدار 322 مليون دولار لدعم الرعاية الصحية فى اليمن، 126 مليون دولار منها طلبتها منظمة الصحة العالمية لسد الثغرات الناشئة عن انهيار المؤسسات الصحية، ولكنها لم تتلق سوى أقل من نصف هذا المبلغ خلال العام الماضى. وحذرت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشئون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، من أن الصراع المستمر بلا هوادة وسرعة تدهور الأوضاع المعيشية فى جميع أنحاء اليمن يدفعان ملايين اليمنيين النازحين إلى مزيد من الخطر. وفى بيان مشترك قالت المنظمتان: إن ما يقرب من ثلاثة ملايين يمنى اضطروا إلى الفرار من منازلهم طلبًا للأمن منذ بداية الصراع فى مارس 2015. وبعد ما يقرب من عامين، أجبر القتال وتدهور الأوضاع مليون شخص على العودة إلى ديارهم، رغم الخطر وانعدام الأمن فى جميع أنحاء البلاد. ويفيد البيان أن انعدام الدخل والخدمات الأساسية فى مناطق النزوح من الأسباب الرئيسة التى تدفع النازحين إلى العودة إلى مناطقهم الأصلية، مع الإشارة إلى أن 40 فى المائة من المصادر الرئيسة للمعلومات تفيد باعتزام النازحين العودة إلى ديارهم فى غضون الشهور الثلاثة المقبلة. وقال ممثل المفوضية باليمن، أيمن غرايبة: إن هذا يعد دليلًا على مدى تدهور الوضع الكارثى فى اليمن، حيث يضطر الذين شردوا بسبب الصراع للعودة إلى ديارهم لأن الحياة فى المناطق التى فروا إليها بحثًا عن الأمن سيئة حالها حال المناطق التى فروا منها. من جانبه أكد جيمى ماكجولدريك منسق الشئون الإنسانية فى اليمن إن زيادة حدة القتال على طول الساحل الغربى والقيود المتزايدة المفروضة على دخول السلع المنقذة للحياة عبر ميناء الحديدة يفاقم الوضع الإنسانى المروع فى اليمن. وأضاف ماكجولدريك: إن انعدام الإنسانية المتمثل فى استخدام الاقتصاد أو الغذاء كوسيلة لشن الحرب، أمر غير مقبول ويتناقض مع القانون الإنسانى الدولى. عبد الرقيب فتح، وزير الإدارة المحلية اليمنى رئيس اللجنة العليا للإغاثة، أكد أن 21 مليون يمنى أى ما نسبته 82 بالمائة من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية بأنواعها المختلفة فيما يحتاج 14 مليونا منهم إلى رعاية صحية. وأضاف: إن نحو مليونين و800 ألف نازحون داخل المحافظات المختلفة وأكثر من 3 ملايين طفل خارج المدارس علاوة على الدمار الذى لحق بالمؤسسات التعليمية المختلفة. وأشعل شباب يمنى ثورته ضمن ما يسمى ب«ثورات الربيع العربى عام 2011» إلا أن الحوثيين الذين انضموا لثورة الشباب بدءوا صدامًا مسلحًا مع السلطة التوافقية بحصار مدينة دماج فى محافظة صعدة ووعدوا بتطهيرها من السنة واستمرت الاشتباكات بين الحوثيين والسلفيين قرابة عام كامل وبعد سجال مع الحكومة الشرعية بدأ الحوثيون انقلابًا عسكريًا فى 19 يناير 2015 وحاصروا قصر الرئاسة وسيطروا على وسائل الإعلام ثم أعلن الحوثيون بيانًا أسموه بال«إعلان الدستورى» فى 6 فبراير، وقاموا بإعلان حل البرلمان، وتمكين «اللجنة الثورية» بقيادة محمد على الحوثى لقيادة البلاد. واندلعت الحرب بين الحوثيين والتحالف العربى بقيادة المملكة العربية السعودية فى 26 مارس 2015 وتحولت اليمن لساحة حرب حقيقية تدخلت فيها أطراف دولية أذكت استمرار هذا الصراع الذى أودى بحياة ما يقرب من 10 آلاف قتيل وشرد ثلاثة ملايين يمنى، وأجبر نحو 200 ألف آخرين على البحث عن مأوى خارج البلاد وفقًا لإحصائيات الأممالمتحدة فى أغسطس الماضى. ومع استمرار الصراع اليمنى تفاقمت الأزمة الإنسانية وعانى اليمنيون نقصًا حادًا فى توفير أبسط متطلبات الحياة وقال صلاح حاج حسن ممثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فى اليمن: إن الأزمة التى تمر بها البلاد تعد من بين أسوأ الأزمات الإنسانية فى العالم. وذكر أن قدرة الناس على الحصول على الغذاء تتضاءل بشكل متسارع مع وصول عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائى فى اليمن إلى 14 مليون شخص كما أدان تقرير من الأممالمتحدة تجنيد الأطفال من قبل الحوثيين والقوات الموالية للحكومة وحسب التقرير فإنه تم تجنيد ما يقارب 762 طفلًا فى الحرب اليمنية. وكانت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين قد أعلنت أنها تلقت العديد من التقارير كان آخرها فى الأسبوع الماضى حول تجنيد الأطفال فى اليمن واستخدامهم فى الصراع المسلح من قبل المتحاربين، معظمهم من اللجان الشعبية التابعة للحوثيين. وقالت رافينا شمداسانى، المتحدثة الرسمية باسم المفوضية للصحفيين فى جنيف، إنه ما بين 26 مارس 2015 و31 يناير 2017، تحققت الأممالمتحدة من تجنيد 1476 طفلًا، جميعهم من الذكور، وأضافت أنه من المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير نظرًا لرفض معظم الأسر الحديث عن تجنيد أطفالها، خوفًا من الانتقام. وأكدت تلقيها تقارير جديدة حول الأطفال الذين تم تجنيدهم من دون علم أسرهم، غالبا ما ينضم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة إلى القتال نتيجة التغرير بهم أو الوعود بمكافآت مالية أو مراكز اجتماعية، ويتم إرسال العديد منهم على وجه السرعة إلى الخطوط الأمامية أو العمل فى نقاط التفتيش. وأكدت أن تجنيد واستخدام الأطفال فى الصراعات المسلحة محظور قطعيًا بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى، وفيما يتعلق بحالات تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة قد يرقى ذلك إلى جريمة حرب، وحثت الأطراف على تسريح هؤلاء الأطفال بشكل فورى. وحسب إحصائيات اليونيسيف يعانى ما يقرب من 462 ألف طفل فعليًا من سوء تغذية حاد فى اليمن كما أن ما يصل إلى مليون و 500 ألف طفل معرضون لخطر سوء التغذية منذ العام الماضى منهم 370 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد. وتعد مدينة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية تضررًا من الحرب وتحول الوضع فيها لما يشبه المجاعة الفعلية. وقد شهدت مدينة تعز منع ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة فى حالات الطوارئ، منعه من المرور عند نقطة التفتيش النهائية قبل عبور خط المواجهة قادمًا من محافظة إب إلى مدينة تعز وأبدى أوبراين قلقه الشديد من حجم الكارثة الإنسانية فى تعز واليمن بشكل عام وأكد استمراره فى مهمته فى حشد الموارد اللازمة لتوفير المساعدات وتذكير أطراف الصراع بمسؤوليتها فى احترام القانون الإنسانى الدولى الإنسانى، بما فى ذلك السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون أى عائق. ............................... نقلا عن "الأسبوع" الورقى