يوم الجمعة الماضي، وبينما كنّا نوشك أن نفرغ من صلاة الجنازة علي المرحوم خالد جمال عبدالناصر بمسجد والده القائد الراحل، حتي فوجئنا بالمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة والفريق سامي عنان رئيس الأركان يقفان إلي جوارنا بصحبة بعض القيادات العسكرية، دون حراسات خاصة من الشرطة العسكرية أو غيرها . كان مشهداً؛ وبرغم بساطته فإنه حمل العديد من الدلالات حول هؤلاء القادة العسكريين، الذين أرادوا عبر هذا المشهد، أن يبعثوا برسالة إلي الجميع : إن عهد الرؤساء من أصحاب الصفوة قد ذهب وولي، وأن عهدًا جديداً يشرق علي جنبات مصر .. الحاكم فيه هو أخ وشقيق للمحكوم، ومواطن مثله، لا يتميز عنه إلا بحدود ما يضطلع به من مسئوليات لخدمة الوطن . مشهد بسيط، بعث بالارتياح في نفوس كل من شاركوا في تشييع جثمان الراحل العزيز خالد عبدالناصر، وهو ما دفع بالمشاركين للالتفاف حول المشير ورئيس الأركان ورفاقهما من العسكر، ليؤكدوا ثقتهم في هؤلاء الرجال الذين أحاطوا الثورة المظفرة بالرعاية والحماية حتي حققت الكثير من أهدافها التي انطلق شباب مصر الشرفاء لتحقيقها .. وأكدوا أيضاً أن الجماهير حين أطلقت نداء ' الجيش والشعب إيد واحدة ' إنما كان ذلك تجسيداً لواقع جديد يرسم خطواته علي أرض مصر، متخذًا من هذا التوافق والتلاحم في المواقف بين الجيش والشعب نموذجاً لهذا العطاء الفريد لصالح مصر وشعبها الأصيل . هذا المشهد أكد لكل المشاركين، ولمن تابعوا المشهد علي شاشات الفضائيات، أن عصر الحاكم الإله، أو من يدّعي ذلك، وأن عصر الفرعون قد ذهب إلي غير رجعة، وأن مصر اليوم هي لكل أبنائها من المخلصين والشرفاء .. يسود فيها العدل والمساواة بين الجميع .. ويحتكم الحاكم فيها إلي القانون وقواعده، مثله مثل المحكوم .. وهذا هو إسمي أهداف الثورة التي انطلقت من أجلها، ودفع شباب مصر دماءهم الزكية والطاهرة لتحقيقها . هو عصر جديد أطل علي وطننا، صحيح أن بعضًا من أهداف الثورة لايزال قيد التحقق، لكن المؤكد أن ما تحقق خلال الأشهر الماضية يؤكد أننا ماضون علي الدرب، ومتجهون صوب الأهداف التي رسمتها دماء الشهداء وأوسمة الجرحي، وتضحيات أبناء الشعب العظيم . مصر اليوم ترسم لنفسها واقعاً جديداً، يتطلب من كل الغيورين علي مستقبلها، أن يبذلوا الجهد والعرق لإرساء قواعد أمنها واستقرارها، وأن يضعوا نصب أعينهم دائما أن أحداً لن يبني مجد بلادهم سوي سواعدهم الفتية . بلطجية للإيجار في هذا الزمان .. يمكنك استئجار بلطجي .. أو بلطجية .. بفلوسك تشتري أراذل البشر .. شخصيات مأجورة .. تاريخها ملوث .. ينضح بالإفك .. لا تكف عن إتيان الرذيلة .. دفاترها في النصب والابتزاز معروفة .. لا تعرف معني الضمير ولا الأخلاق . أمثال هذه المأجورة والمأجور يطلقونهم كالكلاب المسعورة علي شرفاء الوطن، يسعون بكل ما أوتو من وضاعة وسقوط أن يلوثوا الثوب الطاهر والعفيف، يكرهون الشرف، واعتادوا علي الحياة في مستنقعات الفساد . فرق متكاملة، من البلطجية، والمشبوهات، ورواد الحانات، والباحثات عن الشهرة، ولو علي حساب أخلاق المجتمع وفضائله، ينفذون مخططاً شريراً يحاولون عرقلة مسيرة الشرفاء في ملاحقة أسيادهم من لصوص الوطن، وناهبي أمواله، ومهدري كرامته وكبرياءه . واحدة من هؤلاء تاريخها يزكم الأنوف، اصطادها أرباب الفساد من واقعها المزري، أنفقوا عليها بعد أن أحكموا السيطرة عليها بتاريخها المشبوه، وسجلها الحافل بالنصب والاحتيال والبلطجة والتزوير، وما خفي كان أعظم . أطلقوها كالمسعورة، لعلها تحقق مأربهم وهدفهم في تلويث أشرف الشرفاء، وقاهر الفساد، ولكن هيهات، فمؤامراتهم ستسقط، وألاعيبهم ستتبدد، وسيأتي يوماً يلقون فيه ما يستحقون من عقاب، تماماً كأسيادهم الذين هددوا الشرفاء، وأسقطوهم في الانتخابات، وحاولوا تلويث سمعتهم، والذين شاءت إرادة المولي أن يلقوا في غياهب السجون، ويودعون في الأقفاص، يحاكمون علي ما جنت أيديهم من جرائم في حق شعب مصر، وشرفاء هذا الوطن .