في جولة عبر صفحات المعاجم والقواميس، أمضيت وقتا غير نادم عليه، أبحث عن كلمة ' بلطجي ' أو مشتقاتها، ولم اعثر علي بغيتي .. ' بلطة ' كلمة بمعني فأس لقطع الخشب ونحوه .. ' بلط ' كلمة بمعني فرش الارض والحائط أي سوَّاهما، بحجارة تفرش فوق الارض وعلي الحائط .. وفي العامية هناك كلمة ' بلط ' ، بمعني تبلد وتقاعس في مشيته بدم بارد .. هذا ما خرجت به من بين ثنايا أسطر المعاجم .. أما كلمة بلطجي التي ترددت علي ألسنة العامة وفي وسائل الاعلام، وتداولها الناس علي غير معناها وغير مرماها، فكان الأجدر ان يطلقوا عليهم صفة ' ضربجي بأجر ' لتتلاءم مع الفعل .. هذا الصنف من أشباه الرجال المأجورين الذين يتعدون علي الناس بالضرب أو القتل بآلات لا تستخدم لكسب الرزق، من أمثال المطواة القرن غزال المستوردة، من امريكا في فترة السبعينيات، وتسلح بها المتطرفون والمجرمون وقاطعو الطريق، او تلك الآلة الحادة التي تشبه السيف ' سنجة ' وهي بطول السيف وحدته، والقبضة اليدوية الحديدية القاتلة .. هذه المعدات الاجرامية، شاهدتها لدي أحد الهواة في معرض او متحف لأدوات التعذيب في العالم، هذه الآلات ووسائل ' التثبيت والتخويف والتهديد ' أدرجها المُشرِّع ضمن ادوات الجريمة والمجرمين التي يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات . أما من يستخدم البلطة ' بلطجي ' فهو قاطع الاخشاب والصنايعي الفنان من يقطع الرخام او الاحجار والبلاط، ليجعل منه أشكالا فنية علي الحوائط والارضيات .. رجل الحريق الذي يعلق البلطة في خاصرته ويستخدمها في إنقاذ الروح الانسانية، رجال شرفاء كل يسعي لكسب عيشه بالحلال وبما يرضي الله ورسوله . في احد البرامج التليفزيونية استضاف مقدم البرنامج نماذج من ' الضَربجي المعتد الأثيم ' مخلوقات إجرامية، استخدمتها الاحزاب الحاكمة وحكوماتها في مواسم الانتخابات .. معروفون لدي الشرطه بالاسم، زيد عليهم هذه الايام أتباع الرأسمالية،من أبناء مبارك .. جماعات ومسميات ، تراهم امام المحاكم التي تنظر قضايا حقوق الشهداء .. شاهدنا علي شاشة التلفاز، واحدة من أبناء مبارك تعصر ام شهيد جاوزت الستين من عمرها، من حول رقبتها، حتي خارت المسكينة وسقطت علي الارض، ابنة مبارك البكرية،واحدة من المصارعات، اللائي نشاهدهن في حلبات المصارعة النسائية .. ابنة مبارك محجبة، أشقاؤها يلبسون القمصان البيضاء،أقترح علي وزير الداخلية، إضافة هذه المهنة إلي بطاقة الرقم القومي، وتحصل مصلحة الضرائب ضريبة، علي دخل من يتكسبون منها، شأنها شأن أي تجارة، ' الضربجية ' يتاجرون بقوتهم وعافيتهم، وإلا يعتبر ' الضربجية بأجر ' متهربين من الضرائب وهي تهمة مخلة بالشرف ويحاكمون امام قاضيهم الطبيعي . الواقفون في ميدان التحرير، المنادون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وحق التعليم وحق السكن وشرب مياه غير مخلوطة بالمجاري ورغيف من قمح صالح للاستهلاك الآدمي وليس ' علف مواشي '.. حزنت أشد الحزن بمرأي ميدان التحرير وقد خلا من وجوه شباب مصر .. ملائكة الرحمة التي نزلت تخلصنا مما كنا فيه وما نحن عليه يوم 25 يناير، أيام لن ينساها التاريخ وسيحفظها لهذا الجيل . بكيت حين علمت،أن عشرات الآلاف من أبناء التحرير، تضمهم جدران السجون العسكرية طبقا لقانون الطوارئ البغيض، هكذا أطلقت علي هذا التشريع من عشرات السنين في مقالاتي، إنه عفريت القوانين، أكثر من ثلاثين سنة، يهدد الشرفاء ويخيف المناضلين الاحرار .. مجرمي الهتافات القومية .. بلطجية الحرية .. المنادين بضلالات الديمقراطية .. الجارحين الحناجر باسم مصر .. هذه أسلحتهم ... سِنْجَتُهم مصر .. يُلقون بهم في غيابات سجون أمن الدولة، وبلا تحقيق، ولا يطل عليهم قاضيهم الطبيعي ساعة واحدة . أما أولاد مبارك فعلي أرصفة المحاكم بالسنج والسيوف يحتمون وبرجال الحزب الوطني وأمواله وأموال اعضائه ينعمون ... ويسألونك عن الضربجية بأجر فلا تقل بلطجية .. إنهم من الاحرار يا علي .