أثار فيلم "مولانا" جدلا كبيرا بين الأوساط الدينية والأزهرية، منذ اليوم الأول لإعلانه، معتبرين أنه تجاوز الخطوط الحمراء، وأن الرموز الدينية لايجب أن يتم تناولها بهذا الشكل الذي يظهر العالم الأزهرى في صورة نمطية مهلهلة، فلعلماء الدين قامات لها مكانتها في المجتمع، وأن الزي الأزهري له احترامه ووقاره، فيما يرى النقاد والمثقفون أن الفيلم إبداع بكل ماتحمله الكلمة من معنى، وفتح الأبواب المغلقة في الأوساط الدينية التي ظلت منغلقة على نفسها، مؤكدين على أن الأعمال السينمائية لها أحقية تناول وتجسيد المشاكل المجتمعية، وأنه بالمثل يحق تجسيد الشخصية الدينية في الأعمال الدرامية كما الرموز الوطنية، مبينين بأن علماء الدين ليسوا أنبياءا حتى يحرم تجسيدهم. تدور أحداث فيلم "مولانا" حول قصة عالم أزهري شاب يعمل إماما بأحد المساجد الحكومية، ويتحول في أيام معدودة من إمام إلى داعية تليفزيونى شهير يملك حق الفتوى والوعظ والتحدث باسم الدين/ ويصبح له مريدين وأتباع ومحبين بالملايين، معجبين بجرأته ومحاولاته للخروج عن مألوف الحديث الديني السائد فى المجتمع، حيث تكون فتاوى هذا العالم متأثرة بفكر التشدد السلفى، ويجد بطل الفيلم المسمى ب"الشيخ حاتم" نفسه فى شبكة من الصراعات، بين صراعات مجتمعية متمثلة في إغراءات العنصر النسائي، وصراعات أمنية، حيث تسعى مؤسسات أمنية للسيطرة على الشيخ وتوريطه واستغلاله وتوجيهه لتحقيق أهدافها، وصراعات سياسية، حيث قيادة سياسية عليا تسعى لاستقطابه بهدف توظيفه فى حل مشاكل أسرية، وينتهي الفيلم بحيرة العالم الأزهري والذي وجد نفسه محاطا بصراعات عديدة حتى تضطره وتدفعه إلى فكرة الهروب من المجتمع وأعباء الحياة ويتمنى أن يعود كما كان إماما بأحد المساجد. والفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، ويحمل نفس إسم الرواية، وقد شارك الكاتب إبراهيم عيسى فى صياغة السيناريو والحوار مع المخرج مجدى أحمد على، ويرى النقاد ان الفيلم جسد واقعا يعاني منه المجتمع معاناة شديدة، تتجسد في تحول علماء الدين من العمل الدعوي بين عشية وضحاها، ليجد نفسه محاطا بشهرة وأموال، وصراعات مختلفة واستقطابات من جهات عديدة وإغراءات شديدة تحول مساره من داعية دينية، إلى داعية سياسية، مؤكدين أنه لدى المجتمع نماذج عديدة. جدل آخر طرحة الفيلم، وهو تجسيد العلماء، فيرى علماء الازهر أن تجسيد قامات ورموز الأزهر أمر يتنافي مع احترام المقدسات الدينية، والتي يجب على إظهارها بصورة غير مجروحة، فهي قامات ورموز دينية لايجب أن تظهر بهذه الصورة المشوهة، مستدلين بالمقولة الشهيرة "لحوم العلماء مسمومة". على الجانب الآخر يرى النقاد في هذه المسألة بأن تجسيد العلماء والشخصيات الدينية والوطنية أمر طبيعي، فقد سبق وان تم تجسيد الشيخ محمد متولي الشعراوي في عمل درامي، وهناك الكثير من شيوخ الأزهر السابقين كانت لهم أعمال درامية جسدتهم، موضحين بأن هذا العمل الدرامي لايتناول شخص بعينه، وإنما يظهر مشكلة مجتمعية عانى ولايزال يعاني منها المجتمع الإسلامي كافة، مشددين على أن علماء الأزهر ليسوا انبياءا حتى يحرم تجسيدهم. الفيلم الذي يجسد شخصية "عالم الدين" أثار موجة غضب عارمة بين الأوساط الأزهرية، منذ اليوم الأول لإعلان تنفيذه مطابقة لرواية الكاتب الصحفي "إبراهيم عيسى" والمعروفة بنقده اللاذع لنرجسية بعض علماء الدين، مما حدا ببعض أساتذة جامعة الأزهر بتقديم مذكرة بشأن الفيلم لمنع تنفيذه وعرضه على وسائل الإعلام، ووصف الفيلم بأنه "عمل خبيث" يشوه العلماء والزي الأزهري، ويحارب الدين، ويتعمد إظهار الأزهر بما لا يليق. صورة مشوهة الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف قال لبوابة صوت الأمة" أنه لايوافق على أي أعمال درامية تظهر علماء الدين بصورة مشوهة، وبأنهم يلهثون خلف المغريات، ويتركون ميدان الدعوة الدينية، أو الأعمال الت تيشوه صورة مرجعية الإسلام الأولى الأزهر الشريف، مؤكدا على أنه لايمانع من وجود أعمال سينمائية تجسد قامات وعلماء الأزهر الشريف بصورة طيبة تظهر حقيقة علمهم وقاماتهم الدينية، كتجسيد سيرة الراحل الدكتور جاد الحق شيخ الأزهر الراحل، أو الشيخ عبد الحليم محمود تتناول سيرتهم الحياتية. وقال عضو هيئة كبار العلماء لم نمنع في الأزهر الشريف حق تجسيد العلماء، كالأنبياء فحاشانا الله تعالى عن ذلك، ولكن نرحب بأي عمل يظهر الصورة طيبة لعلماء الأزهر، وتعكس مدى احترام المجتمع لهم، ومكانتهم لدى الناس، فبدلا من التركيز على السلبيات، لنركز على الإيجابيات للعلماء، مبينا أنه يستحيل ان يتاثر عالم الازهر بغير الفكر الأزهري الوسطي الصحيح، لأن علماء الأزهر يعرفون منهج الإسلام الوسطي، ويدرسونه بين أروقة جامعته طوال فترة حياتهم الأولى، ليستقوا علما صحيحا بدون تشدد. موافقة الازهر على الجانب الآخر وردا منه على انتقاد الفيلم، قال المخرج مجدى أحمد علي مخرج "مولانا" لبوابة "صوت الأمة" أن العمل حصل على موافقة الأزهر على العرض، من قبل مجمع البحوث الإسلامية، وكذلك من الرقابة على المصنفات الفنية، ولو كان هذا العمل على غير هدى، أو يتجاوز الخطوط الحمراء كما يصفه البعض، او يسيء إلى رمز ديني أو إسلامي لما حصل على هذه الموافقات، مبينا أن مايجسده الفيلم ليس شخصا بعينه، أو علما من أعلام الأزهر، إنما يتناول الفيلم مشكلة مجتمعية وسياسية في نفس الوقت، ولنا من العهد السابق أدلة وشواهد، فكم من داعية ديني ترك مهام العمل في الدعوةواتجه إلى شاشات الفضائيات، وصفحات الجرائد، ومواقع التواصل، متاثرا بالفكر السلفي والأفكار الأخرى، منوها بأن الفيلم يرصد المفاهيم الخاطئة عن الدين وعن الأزهر. تجاوز الخطوط الحمراء الدكتور على محمد الاستاذ بجامعة الأزهر، والذي تقدم بتقرير حول منع عرض الفيلم قال لبوابة "صوت الأمة" أن سبب تقدمه بالمذكرة لمنع عرض الفيلم أنه يسيء للأزهر الشريف، ويتناوله بصورة مترهلة وسلبية، ويتجاوز الخطوط الحمراء، منوها ان قصة الفيلم تستند لفكر علماني وهو فكر نصر حامد أبو زيد، وهو فكر يسيء للأزهر وللرموز والمقدسات الدينية، مشددا على أن نواة الخلاف الأساسية في هذا الفيلم، هي الفكرة سوف يستقيها الناس عن عالم الدين، حيث يشكك المجتمع في الأزهر، وفي رجل الدين، فكيف يخرج الأزهر علماءا يتاثرون بالأفكار الأخرى، ويظهره على أنه تابع للسلطة، وهناك كثير من السقطات عن صورة رجل الدين التي تؤخذ على الفيلم من خلال الرواية. بيزنس الدعوة الناقدة السينمائية ماجدة موريس قالت ل"صوت الأمة" عن فيلم مولانا بأنه فيلم يرصد مشاكل مجتمعية كانت من أبرزها ظهور دعاة على الفضائيات وتحولوا من مجال الدعوة إلى مجال العمل الإعلامي، ومنهم من كان متأثرا بالعديد من الأفكار والايدولوجيات الأخرى، كما كشف عن حجم هذا التحول، وفتح الأبواب المغلقة، وكشف حجم بيزنس الدعوة، والذي مورس خلال الفترة الماضية بشكل كبير.