ما زلت اذكر منذ الطفولة ان معظم المسافرين بين بيروتودمشق كانوا يتوقفون في ميسلون (على بعد 28 كلم من العاصمة السورية)، فيتلو المسلمون منهم الفاتحة،فيما المسيحيون يتمتمون بصلاتهم امام ضريح القائد الشهيد يوسف العظمة وزير الحربية في حكومة الامير فيصل بن الحسين السورية . وحين أقيم مخيم الشباب القومي العربي في مدينة التل في ريف دمشق عام1995(المخيم 25سيقام هذا العام في تونس)كانت الزيارة الأولى للشباب العربي، الوافد من محيط الامة إلى خليجها، إلى ميسلون حيث روى مدير المخيم آنذاك المناضل فيصل درنيقة للشباب قصة تلك المعركة التي وقعت في 24 تموز/ يوليو 1920 بين جيش الغزاة الفرنسيين وعلى رأسه الجنرال هنري غورو وعديده 9000 عسكريا مجهزين بالطائرات والدبابات والمدافع واحدث أنواع الأسلحة وبين جيش من المتطوعين السوريين بقيادة وزير الحربية ابن حي الشاغور الدمشقي يوسف العظمة يضم 3000متطوعا كان كل سلاحهم بنادق فردية وكان شعارهم ،الشعار الذي رفعناه حين تقدمت قوات الغزو الصهيوني لاحتلال بيروت بعد حصار دام 88 يوما في عام1982 وبعد خروج المقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري من العاصمة بموجب اتفاق فيليب حبيب . كان الشعار يقول :"ليس من العار ان يدخل العدو بلادنا ولكن العار كل العار ان لا يجد من يقاومه". جرت معركة عنيفة استمرت 9 ساعات استبسل فيها السوريون واستشهد منهم 400 مقاتل وجرح 1400 مقابل مقتل 40 جنديافرنسيا و120 جريحا. في تلك المعركة استشهد البطل يوسف العظمة ودخل غورو دمشق ليقف متشفيا امام قبر صلاح الدين الأيوبي ويقول :"ها قد عدنا يا صلاح الدين ".فيما زميله الغازي البريطاني الجنرال اللنبي يقف في القدس بعد دخول جيشه إليها ليقول :"الان انتهت الحروب الصليبية" لكن دماء يوسف العظمة وشهداء ميسلون أزهرت انتفاضات وثورات مسلحة في كل سوريا مع احمد مريود والفاعور والزعبي والقطامي في الجولان إلى سلطان باشا الاطرش والثورة السورية الكبرى التي انطلقت من جبل العرب إلى ثورة الغوطتين بقياد الأشمر والخراطومعهما الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وابن البقاع سعيد حيدر إلى ثورات حماة بقيادة سعيد العاص ورفاقه الشيشكلي والحوراني إلى ريف إدلب وقائد ثورتها المجيدة ابراهيم هنانو ورفيقه ابن اللاذقية عمر البيطار والشيخ عزالدين القسام ،قبل ان يغادر إلى فلسطين، وصولا إلى الشيخ صالح العلي وثورته المشهودة في الساحل السوري. كتب الكثير في يوسف العظمة ومعركة ميسلون ،شعرا ونثرا،ولكن من اجمل ما سمعت ان اللواء الراحل جميل لحود، والد الرئيس اميل لحود، وكان تلميذا في الكلية الحربية في حمص ، اختلف مع زميل لبناني كان يدرس في الكلية ذاتها حول يوسف العظمة الذي اعتبره زميل لحود "غبيا "لأنه خاض معركة غير متكافئة..فهب جميل لحود واقفا ليضرب زميله بالكرسي قائلا: من انت حتى تقول عن العظمة البطل غبيا. في سيرة العظمة وميسلون تتلخص روح سوريا الوطنية وبطولات شعبها وجيشها رغم كل ما مر ويمر عليهما من منح وفتن وحروب،لأبل نقرأ في وقفة لحود ووطنيته وشهامته ونبله عمق العلاقة بين البلدين والشعببين التؤام :لبنانوسوريا.