تكتسب المبادرة التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عنوانها 'الأمل والعمل من أجل غاية جديدة' أهمية خاصة، حيث يعبر خلالها عن الأمل في تغيير المستقبل إلي الأفضل، ومن ثم فهي تستهدف الشباب أساساً. ولا تقتصر المبادرة علي استهداف الشباب فحسب، حيث تستند إلي ما أثبتته مصر عملياً من خلال تنفيذها مشروع قناة السويس الجديدة في وقت قياسي. كما أن للفكرة أيضاً قيمة رمزية من خلال ما يرمز إليه اسمها المختصر باللغة الإنجليزية ####'HAND' #### والذي يطرح صورة اليد الممدودة للتعاون والعمل. ولم يعد هناك جدال حول التهديد الذي يمثله الإرهاب بكل صوره علي أمن واستقرار الشعوب ومصالحها، فضلاً عن استهداف الإرهاب للحقوق الأساسية للأفراد وتحديداً حقهم في الحياة. وعلي الرغم من التوافق الدولي الواسع حول الآثار السلبية التي عانت وما زالت تعاني منها بعض الدول من جراء الإرهاب، ورغم تعدد الجهود المبذولة لمكافحته علي مستويات مختلفة، إلا أن المجتمع الدولي يحتاج إلي إيلاء مزيد من الاهتمام ومضاعفة الجهود بهدف إيجاد درجة أعلي من التكامل والترابط بين الجهود القائمة في سياق مواجهة الإرهاب، وبين الجهود المختلفة التي من شأن تعبئتها وتكثيفها دعم تلك المواجهة مع تحقيق أهداف أخري منشودة. وجاء في المبادرة أن السياق الإقليمي والدولي يتطلب أفكاراً جديدة في الحرب القائمة ضد الإرهاب فيما يتعلق بالإجراءات غير العسكرية، فكثيراً ما تكون جهود مكافحة الإرهاب موجهة إلي إثناء المجتمعات، لاسيما الشباب، عن الانزلاق نحو هاوية التطرف التي تقود إلي العنف والإرهاب. إن تلك الجهود تعبر بشكل أو بآخر عن فعل المقاومة لكنها لا تتبني عادة منطق المبادرة والوقاية من خلال الاجتهاد في طرح البدائل التي تتيح اجتذاب المجتمعات والشباب والأفراد بشكل عام من خلال عمل إيجابي قبل أن يتعرضوا للأفكار التي تحض علي العنف. إن هذه المبادرة تهدف إلي ملء الفراغ لدي الشباب بما يحول دون استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة وخداعهم بأفكار مغلوطة وأوهام زائفة، وهو الأمر الذي يتطلب منح الأمل للشباب واستثمار طاقاتهم في الجوانب المفيدة. ولا يرتبط ذلك بسياسات التوظيف فقط، ولكنه يمتد أيضاً إلي مجالات التعليم والبحث العلمي والفنون لأنها توفر بيئة مستقرة تساهم في توجيه الأفراد والمجتمعات نحو وجهة بعيدة عن التطرف والعنف والإرهاب مع احترام ثقافة وخصوصيات كل مجتمع. وتشير المبادرة إلي أن اختلاف النظم السياسية وآليات الحكم لا ينبغي أن يكون عائقاً دون تطبيق مفهوم تجديد أو بث الأمل في المستقبل لكل فرد في المجتمع، ليس فقط علي أساس إدراكه لحقوقه ولكن أيضاً لتأكيد أن حصوله عليها يتطلب عملية مشتركة ومستمرة بين الحكومات والأفراد، وهذه العملية تتخطي مجرد المشاركة السياسية وتوفير فرص العمل وتحسين مستوي المعيشة لتشمل جوانب اجتماعية وثقافية عديدة، حيث تتسق جميعها لرسم صورة متكاملة ومتجددة للمستقبل المنشود. وتؤكد المبادرة أن المجتمعات المتقدمة والنامية علي حد سواء معنية بما تقدم، لأنه لا ينبغي علي الدول المتقدمة أن تركن إلي ما حققته من مستويات مرتفعة في مختلف مناحي الحياة أو أن تكتفي بالعمل علي نشر تجربتها كنموذج وحيد للنجاح، كما أنه من الضروري أن تستجمع الدول النامية عناصر قوتها، وأهمها الشباب، وأن تحظي بالدعم اللازم لتخرج من الدائرة التي تبدو مغلقة لنقص الموارد والأزمات، إلي مسار يُفضي بها إلي واقع ومستقبل أفضل في إطار من التوافق المجتمعي وإعلاء قيمة الوطن. التصور السابق يطمح إلي الاستفادة من التجارب السابقة وتبادل الخبرات حتي يمكن للجميع المشاركة في صياغة مستقبل أفضل من خلال جهود متسقة علي المستويين الوطني والدولي، بحيث تعكس صورة مغايرة لما يروج له المتطرفون من امتلاكهم لحلول جذرية لكنها في واقع الأمر حلول وهمية تصطدم بالواقع عند التطبيق العملي. تبني المبادرة إعلان سياسي يتناول المفاهيم السابقة ويؤكد عزم الدول والحكومات علي الاضطلاع بالمسئولية المشتركة بينها وبين الشعوب في صياغة آفاق تتخطي فكرة أهداف التنمية لكنها تربط بينها وبين تحقيق المجتمعات لذاتها وتعايشها مع غيرها. وتهدف المبادرة الي الاتفاق علي صياغة برامج مشتركة للدعم المتبادل في المجالات التي تسهم في استغلال الموارد والطاقات البشرية، لاسيما علي مستوي توظيف وعمالة الشباب، بحيث لا تنحصر فحسب علي مجال التشغيل ولكن أيضاً في مجالات التدريب والتثقيف والفنون والتعليم، مع احترام الخصوصيات الثقافية لكل مجتمع. كما تهدف المبادرة إلي حشد الإرادة الدولية من أجل توفير الدعم المالي والمادي اللازم لتنفيذ البرامج المشتركة ضمن إطار المبادرة القائمة علي مسئولية الحكومات عن التنفيذ والإشراف. يذكر أنه عقب إطلاق الرئيس السيسي للمبادرة في بيانه أمام الجمعية العامة، سوف يبدأ التحرك علي صعيد الأممالمتحدة للترويج للمبادرة بناءً علي المفاهيم السابقة ووصولاً إلي طرحها بشكل متكامل مع انضمام مصر إلي عضوية مجلس الأمن مع بداية عام 2016.