إلي هؤلاء الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر وكانوا سببًا رئيسيًا في انتشار الرشوة والمحسوبية والفساد وتدعيم السلطة من خلال القمع وتكريس فكرة توريث الحكم حتي استفحل الفساد في مصر وقضي علي آمال المصريين نحو حلمهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق ونزاهة الحياة السياسية حتي شعروا باليأس والإحباط، ولهذا خرجت ثورة 25 يناير بعد تردي الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية وتفشي الفساد وانتهاك حقوق ومقدرات الوطن لصالح الفئة الحاكمة والمهيمنة ومن حولهم المرتشون والمنتفعون والمتشدقون مع انتشار أهل البدع والفتن والمتاجرين بمصالح العباد باسم الدين علي حساب حقوق الشعب المصري الذي ظل ينتظر ويصبر حتي تفاقمت الأوضاع وأتت علي حقوقه وأهانت كرامته وحرمته من ممارسة حقوقه وحريته في الاختيار والتعبير وكانت الصدمة المدوية عندما اكتشف المصريون تزوير الانتخابات عام 2010 بدرجة تم فيها الاستخفاف بهم لأقصي درجة من جانب كل الذين كانوا يحكمون وبخاصة زبانية البرلمان وتماسيحه وأعضاء لجنة سياسات الحزب الوطني عندما تلاعبوا بنتائج الانتخابات حتي جعلوا الحزب الوطني ورجاله المقربين يحصلون علي نسبة 97% لدرجة خلا فيها البرلمان من المعارضة والمستقلين الشرفاء، الأمر الذي أصاب المصريين بالخيبة والإحباط عندما جاءت النتائج مغايرة لما اختاروه في الدوائر الانتخابية ومدي تناقض النتائج مع رأي الشارع المصري الذي فوجئ بتزوير النتائج من خلال رجال الحزب الوطني الكبار بالتنسيق مع جمال مبارك وأحمد عز وأعضاء لجنة السياسات الذين انتهكوا وأهانوا القضاء المصري بمنعه من ممارسة حقوقه للإشراف علي الانتخابات. لهذا خرجت ثورة يناير25 التي قام بها الشباب حتي انضم إليهم عموم الشعب المصري رغبة في الخلاص والتغيير نحو الحرية والديمقراطية وتحقيق العدل والنزاهة, والقضاء علي التوريث وكل أشكال الفساد وعلي كل الذين مصوا دماء المصريين واستباحوا مقدراتهم وثرواتهم لأنفسهم علي حساب الشعب، ومثل هؤلاء الفاسدين والمزورين نجوا من العقاب بعد أن ردوا بعضا من سرقاتهم وتصالحوا مع الدولة وبما لا يرضي الشعب لأنهم لم يحاكموا المحاكمات السياسية عن كل ما اقترفوه في حق الوطن وعن تخليهم عن الشعب طوال فترة وجودهم وانحيازهم للسلطة من أجل مصالحهم، ولهذا نراهم الآن يعيشون بيننا بأموالهم وقوة نفوذهم التي لا تخفي علي أحد وبرغم أنهم يدركون بأنهم منبوذون وملفوظون من الشعب فإنهم يحلمون بالعودة والترشح للبرلمان مرة أخري متناسين صورهم بالسجون وكأنهم يتحدون الثورة ورجالها وشهداءها والمبادئ والمثل التي خرجت من أجلها وذلك بعد أن أفسدوا الوطن طوال فترة نفوذهم. ها هم يعودون مع أمثالهم من المتلاعبين بالدين ليهدموا الوطن ويراهنوا علي الوقت مرة أخري ليعودوا إلي ضلالهم وقواعدهم ليعلنوا جهاد الفساد والخراب مرة أخري، فكيف لهذا الشعب العظيم الذي قام بثورتين أن يسمح لمصاصي الدماء والفاسدين أن يعودوا لينتقموا منه مرة أخري. ألم يتعلم ويتعظ الشعب من الدرس خلال السنوات العجاف التي عاشها وحرمته من أبسط حقوقه وآدميته؟، ولهذا نحن نتوجه إلي الشعب بأن يستيقظ وينتبه إلي النتائج الكارثية من عودة هؤلاء للحياة السياسية مرة أخري مع أموالهم وذلك بعد أن ضحي الشعب وقطع شوطا كبيرا نحو تحقيق مطالبه وعودة الوطن سالما وعظيما, ولا يجب أبدًا بعد كل الذي فعلناه أن يسمح لهؤلاء ولا لأي مسئول منهم بالعودة للحياة السياسية مرة أخري, وبالموازاة مع ذالك يجب أن تقف الدولة مع مطالب الشعب واحترام مشاعره ومبادئه بأن تفعل قانون العزل السياسي ضد كل هؤلاء المشبوهين والمتورطين في إفساد الحياة السياسية وإزاحتهم نهائيا من المشهد السياسي، لأننا لا نتمني رؤيتهم بل نطالبهم بأن ينزووا ويرحلوا عنا بكل ما حصلوا عليه من منافع وأموال ويتركونا نبني وطننا بقيم ومثل عليا تعوضنا عما فات بعد كل ما اقترفوه في حقنا وحق الأجيال، ولا يتصور هؤلاء الفاسدون أنهم بنجاتهم من التهم التي وجهت إليهم أنهم قد أفلتوا من العقاب، لأن الشعب المصري العظيم يعرف تاريخهم وحقيقة أوضاعهم جيدًا وعليه تقع المسئولية الكبري في حسن اختيار أعضاء البرلمان هذه المرة لكي يكتمل العرس الحقيقي للحرية والديمقراطية استكمالا لما حققناه في خطة الطريق، وأيضا لا يتصور هؤلاء الذين ظلموا الشعب وباعوه يوما عندما تخلوا عن ضمائرهم وباعوا ذممهم بأن الله غافل عما يعمل الظالمون لأنه وكما قال جل شأنه في قرآنه: 'إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار'.