الذهب يواصل الاستقرار.. استقرار سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 فى مصر.. واستمرار تراجع أسعار الدولار    يواصل التراجع.. استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 2-8-2025 مع بداية تعاملات الأسبوع بعد الهبوط العالمي    ترامب: سأفرض عقوبات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب أوكرانيا    القنوات الناقلة مباشر لمباراة العين ضد إلتشي الودية    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    التحريات تكشف ملابسات العثور على جثة عم الفنانة أنغام داخل شقته بالجيزة    بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس اليوم: استقبال أمطار وكتلة هوائية معتدلة    محمد رمضان يحيي حفلاً جديدًا في الساحل الشمالي (فيديو)    رسميًا.. سون يعلن رحيله عن توتنهام هوتسبير    رئيس الترسانة لمصراوي: لدينا مشروع صعود للدوري الممتاز خلال عامين    البرازيل تجهز ردا على فرض الرسوم الجمركية الأمريكية    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    مسئول إسرائيلي: الاتفاق الشامل في غزة غير قابل للتطبيق    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    "تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    الهضبة يوجه رسالة خاصة إلى عمرو مصطفى في حفله بالعلمين ومحمد لطفي يقتحم المسرح (فيديو)    من قلبي بغني، محمد حماقي يلهب حماس جمهور جرش في الليلة قبل الأخيرة للمهرجان (فيديو)    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    "ظهور نجم الأهلي".. 10 صور من احتفال زوجة عماد متعب بعيد ميلاد ابنتهما    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    2 جنيه زيادة فى أسعار «كوكاكولا مصر».. وتجار: «بيعوضوا الخسائر»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاق علي ترشيح السيسي وزيرًا للدفاع وصدقي رئيسًا للأركان في يوليو 2012
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 07 - 09 - 2015

مؤامرة الإخوان لإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، بدأت مع وصول مرسي للسلطة
عندما التقيت المشير في عزاء شقيقه قال لي: 'أنا اتخنقت' ومراد موافي علق بالقول: الإخوان يسعون إلي استفزازه المشير يعطي درسًا قاسيًا لوزيرة الخارجية الأمريكية ويرفض تدخلها في الشئون الداخلية
سر 'العبارة' التي أطلقها المشير في الجيش الثاني وأثارت مخاوف الإخوان
المشير طلب من أربعة من أعضاء المجلس العسكري ترشيح وزير الدفاع ورئيس الأركان القادمين، فكانت الإجابة الجماعية: السيسي وزيرًا للدفاع وصدقي رئيسًا للأركان
في الحلقة الثانية عشرة من كتاب 'لغز المشير' والذي سيصدر قريبًا عن الدار المصرية اللبنانية للكاتب الصحفي مصطفي بكري يستعرض الكاتب تفاصيل الصراع بين محمد مرسي والمشير طنطاوي بعد الانتخابات الرئاسية.
ويكشف الكاتب عن الدور الخفي لجماعة الإخوان في تأجيج الصراع والإصرار علي عودة مجلس الشعب 'المنحل' وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل.
ويتعرض الكاتب للحوار الحاد الذي جري بين المشير وهيلاري كلينتون في لقاء 15 يوليو والأسباب التي دفعتها إلي مطالبة الجيش بالعودة إلي ثكناته.
ويكشف المؤلف عن واقعة، أبطالها أربعة من أعضاء المجلس العسكري قدموا ترشيحاتهم للسيسي وزيرًا للدفاع وصدقي رئيسًا للأركان إلي المشير في منتصف يوليو.
ظل الذهول مسيطرًا، كان الشارع المصري يرقب التطورات، وكان هناك من يقول: أعطوا الرجل فرصة، من يدري حتمًا سيفرق بين عضويته لمكتب إرشاد جماعة الإخوان ورئاسة الدولة.
في مساء اليوم ذات 27 يونية، التقيت مساء بالزميلين محمود مسلم رئيس تحرير برامج قناة الحياة، وأحمد الخطيب رئيس تحرير 'برنامج الحياة اليوم'، أبلغني محمود مسلم قلق الدكتور السيد البدوي من ضغوط الإخوان والقلق الذي يسود دوائر حزبه، حيث طالبوا بإبعادي عن تقديم برنامج 'منتهي الصراحة' الذي كنت أقدمه علي قناة الحياة، بسبب انحيازي للفريق أحمد شفيق وعدائي لمحمد مرسي وجماعة الإخوان.
وقال لي محمود مسلم: 'إن عناصر الإخوان حطمت سيارة تابعة لقناة الحياة في ميدان التحرير وهتفوا ضدك، وأن هناك مجموعة من الشباب بالوفد أنشأوا صفحة علي الفيس بوك وأعلنوا فيها الحرب عليه بسبب موقفك من الانتخابات الرئاسية وطالبوا بوقف برنامجك علي القناة التي يمتلكها د.السيد البدوي، قلت لصديقي محمود يومها: لن أتراجع عن مواقفي، وللدكتور البدوي الحق في اتخاذ القرار المناسب، وبالفعل تم وقف البرنامج منذ هذا الوقت، ولم أنطق بحرف واحد ردًا علي هذا الإجراء، فقد كنت أعرف تمامًا أن هذا القرار جاء بفعل الضغوط التي مورست ضده وضد إدارة القناة.
وفي العاشرة والنصف من يوم الخميس 28 يونية، التقيت بالدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء، حكي لي عن لقائه بمحمد مرسي في وزارة الدفاع، سألته عن موقفه، وقال: إنه مستمر في عمله رئيسًا لحكومة تسيير الأعمال، فالقضية هنا أكبر من الإخوان ومن محمد مرسي، ولا يجب السماح بسقوط الدولة، الشارع محتقن ويترقب، وأنا مهمتي الآن حل مشكلة البنزين والبوتاجاز التي تزداد تفاقمًا، وكذلك توفير المواد الغذائية لشهر رمضان الذي بات علي الأبواب، وحكي عن جلسة مجلس الشوري التي حضرها يوم الأربعاء 27 يونية، وكيف استقبل بحفاوة، واعتبر أن ذلك من الأمور التي تشجعه علي الاستمرار، لأن ترك الملعب في هذا الوقت تحديدًا، المستفيد الوحيد منه هم جماعة الإخوان.
تحدثنا سويًا في المستقبل، وقدرة محمد مرسي علي تجاوز الإطار التنظيمي والفكري لجماعة الإخوان، فقال: أتمني أن يخففوا قبضتهم من عليه، وأن يدرك أنه الآن بات رئيسًا لكل المصريين.
بعد جلسة استمرت لنحو الساعة مضيت من مبني الهيئة العامة للاستثمار إلي مكتبي وسط البلد، كنت في هذا الوقت أهيم علي وجهي في كل مكان، كانت الحيرة تسيطر علي عقلي، لكنني كنت علي يقين أن الأمور لن تستقيم بهذه الطريقة، كنت علي ثقة أن محمد مرسي لن يكون سوي مندوب لمكتب الإرشاد بالقصر الرئاسي، وهذا يعني أن الجماعة سوف تسعي إلي أن تحل محل الدولة.
لم يبق من الوقت سوي ثمان وأربعين ساعة ليؤدي مرسي القسم أمام المحكمة الدستورية العليا، كان مكتب الإرشاد يرفض حتي هذا الوقت أن يؤدي 'الرئيس' القسم أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، كما ينص علي ذلك الإعلان الدستوري المكمل.
وبعد مناقشات طويلة طلب مرسي في هذا الوقت من رئيس المحكمة أن يحضر ومعه أعضاء الجمعية العمومية إلي قاعة المؤتمرات بمدينة نصر في حضور أعضاء مجلسي الشعب والشوري، ويمكن في هذه الحالة أن يؤدي القسم أمامهم جميعًا، خاصة أن جماعة الإخوان لا تزال ترفض حكم الدستورية بحل مجلس الشعب وتعتبر المجلس شرعيًا ويجب أداء القسم أمامه.
رفضت هيئة المحكمة الدستورية اقتراح مرسي وأصرت علي أدائه القسم أمام الجمعية العمومية فقط وداخل مبني المحكمة الدستورية العليا بالمعادي وليس خارجها.
طرح محمد مرسي حلاً آخرا يقضي بدعوة عدد من أعضاء البرلمان المنحل إلي مبني المحكمة الدستورية للحضور جنبًا إلي جنب مراسم أداء القسم مع أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة، إلا أن المحكمة رفضت ذلك أيضًا.
لم يجد مرسي أمامه من خيار بديل، فقرر بعد التشاور مع مكتب الإرشاد أن يؤدي القسم أمام المحكمة بشرط عدم إذاعته علي الهواء وأن يؤدي القسم أيضًا أمام جماعته وأنصارهم بميدان التحرير يوم الجمعة 29يونية، ثم يدعي أعضاء مجلسي الشعب والشوري للاجتماع في قاعة المؤتمرات الكبري بجامعة القاهرة ليؤدي القسم أمامهم للمرة الثالثة.
وفي يوم الخميس تلقي المشير اتصالاً هاتفيًا من محمد مرسي وجه فيه إليه الدعوة بالحضور هو وأعضاء المجلس العسكري للاحتفال المقام بجامعة القاهرة بحضور أعضاء مجلسي الشعب والشوري والشخصيات العامة بمناسبة تولي الرئيس مهام السلطة في البلاد وذلك يوم السبت 30 يونية، أي بعد أداء القسم بالمحكمة الدستورية مباشرة.
حاول المشير الاعتذار، وقال: أعرف ان جماعتك ربما يحاولون التطاول وإطلاق الهتافات، إلا أن مرسي تعهد بألا يحدث ما يعكر الصفو.
وبعد عرض الأمر علي أعضاء المجلس العسكري، تم الاتفاق علي مشاركة وفد من المجلس برئاسة المشير طنطاوي علي أن يتولي اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية مهمة التنسيق.
في يوم الجمعة أدي مرسي الصلاة بالجامع الأزهر وسط حشود كبيرة من أعوانه الذين هتفوا: 'الله أكبر ولله الحمد'، وأذرفت عيناه بالدموع عندما راح الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف الذي كان يخطب الجمعة يذكر بمشهد دخول الفرنسيين للجامع الأزهر بأحذيتهم وخيولهم.
وفي مساء ذات اليوم كان محمد مرسي يتوجه إلي ميدان التحرير وسط عشرات الآلاف من أنصاره، صعد إلي المنصة سريعًا، كان مرسي يرتدي حُلة بلا رباط عنق، أدي القسم أمام المتظاهرين، وألقي خطابًا كان مثار تندر لدي الكثيرين، وأبدي العالمون ببواطن الأمور قلقهم من كلماته عندما قال: 'أيها الشعب العظيم جئت أمامكم لأنكم مصدر السلطة والشرعية التي لا تعلو عليها شرعية، أنتم أهل الشرعية ومصدرها وأقوي مكان فيها، من يحتمي بغيركم يخسر ومن يسر مع إرادتكم ينجح، جئت إليكم مؤمنًا تمامًا بأنكم مصدر السلطة والشرعية، التي تعلو علي الجميع، لا مكان لأحد ولا مؤسسة، ولا هيئة ولا جهة فوق هذه الإرادة، الأمة هي مصدر السلطات جميعًا هي التي تعقد وتعزل، من أجل ذلك أتيت اليوم إلي هنا، الكل يسمعني الآن، الشعب كله يسمعني، الوزارة والحكومة، الجيش والشرطة، أقولها وبكل قوة: 'لا سلطة فوق هذه السلطة، أنتم أصحاب السلطة، أنتم مصدر هذه السلطة، تمنحونها لمن تشاءون وتمنعونها عمن تشاءون'.
أدرك الكثيرون في هذا الوقت أن الرئيس يلعب علي مشاعر الجماهير، وأنه لا يعير اهتمامًا لمؤسسات الدولة وسلطاتها الشرعية.
لقد أراد الرئيس أن يبعث برسالة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وما كان يسميه بالدولة العميقة ويحذر من أنه سيلجأ إلي الشعب في أي محاولة للانتقاص من سلطاته كما كان يقول!!
وكان الشعب بالنسبة لمرسي يعني جماعته وأنصارها، فهم وحدهم أصحاب الشرعية والأكثر حرصًا علي مصلحة الدولة، أما غير ذلك فلا قيمة له.
قبيل أن ينهي مرسي خطابه في ميدان التحرير، كان قد أزاح الحراسة من أمامه وكشف عن صدره وهو يقول للمحتشدين: 'بابي مفتوح لكم، أنا لا أرتدي قميصًا واقيًا، أؤكد لكم إنني سأعمل معكم في كل لحظة من ولايتي الرئاسية'.
والحقيقة أن قائد الحرس الجمهوري في هذا الوقت اللواء محمد نجيب عبد السلام كذب ما قاله مرسي من أنه لم يكن يرتدي قميصًا واقٍ من الرصاص في حوار علي قناة 'صدي البلد' عندما قال: 'لقد جئنا له بقميص واقي خفيف من الولايات المتحدة، وقام بارتدائه أمامي، وذهب إلي ميدان التحرير وهو يرتدي هذا القميص الواقي من الرصاص.
في تمام العاشرة من صباح السبت 30 يونية، كان موكب محمد مرسي قد وصل إلي مبني المحكمة الدستورية العليا بالمعادي، رفض الرئيس إذاعة القسم الدستوري، لكن ثلاثة من قضاة المحكمة في مقدمتهم المستشارة تهاني الجبالي أصروا علي إذاعته علي الهواء، ولم يجد مرسي أمامه من خيار سوي أن يرضخ لمطلب الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية.
بعد أداء القسم توجه محمد مرسي إلي احتفال جماعة الإخوان بقاعة المؤتمرات الكبري بجامعة القاهرة لقد وجهت الجماعة الدعوة إلي كافة أعضاء مجلسي الشعب والشوري وعدد من كبار الشخصيات العامة والكوادر الرئيسة للجماعة في القاهرة والمحافظات.
قبل أن يدخل محمد مرسي إلي القاعة، كان عدد من أعضاء المجلس العسكري قد توجهوا إلي القاعة، وبمجرد وصولهم إليها انطلقت الهتافات الإخوانية 'يسقط يسقط حكم العسكري'، هنا ثار اللواء حسن الرويني وقال بصوت عال أمام الجميع: 'جري إيه يا بلتاجي.. ده أحنا دافنينه سوا، مكانش ده اتفاقنا'.
كاد الحوار يحتدم بين الطرفين إلا أن المرشد العام للجماعة محمد بديع تدخل في الوقت المناسب وتوجه إلي اللواء حسن الرويني الذي كان في قمة غضبته وثورته وقال له: معلهش، أنا حخلي القاعة كلها تصفق للمشير بمجرد دخوله'، ثم أمسك بهاتف كان في يده وأصدر تعليماته إلي البلتاجي بالتوقف عن الشعارات المعادية للقوات المسلحة والترحيب بالمشير لحظة دخوله!!
وما حدث مع قادة الجيش حدث أيضًا بشكل أو بآخر مع د.أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي فوجئ بعدم وجود مقعد له في الصف الأول، وظل يبحث عن كرسيه وسط تهكم بعض الحاضرين من الإخوان والذين احتلوا الكراسي المتقدمة، ولكن دون جدوي، تساءل الرجل عن مقعده فلم يجد إجابة، فاضطر إلي الانسحاب خارج القاعة ومضي إلي مكتبه دون أن يحرك ذلك ساكنًا لدي منظمي الاحتفال من أعضاء الجماعة.
كان شيخ الأزهر يعرف أن جماعة الإخوان لن تغفر له أنه استضاف الفريق أحمد شفيق في منزله بمدينة القرنة بالأقصر أثناء فترة الانتخابات الرئاسية ولذلك جري تعمد إهانته، بالضبط كما تعمد محمد مرسي في وقت لاحق وأثناء حفل تخرج طلاب إحدي الكليات العسكرية عدم مصافحة شيخ الأزهر وتخطيه أمام الجميع بشكل أثار الاستياء.
عندما تحدث محمد مرسي أمام الحاضرين في جامعة القاهرة أشاد بالمجلس العسكري وقال: 'إنه أوفي بالعهد والوعد الذي قطعه علي نفسه بألا يكون بديلاً للإرادة الشعبية'، وفاجأ الجميع عندما قال: 'إن الجيش المصري سوف يعود ليتفرغ لمهمته في حماية أمن وحدود الوطن'، وقال: 'إن القوات المسلحة ستعمل مع باقي مؤسسات الدولة في إطار الدستور والقانون'.
وكان أخطر ما قاله مرسي في هذا الاحتفال 'هو عودة المؤسسات المنتخبة لأداء دورها'، الأمر الذي كان يعني عودة مجلس الشعب الذي قضت المحكمة الدستورية بحله بعد قبول الطعن علي عدم دستورية إحدي مواد قانون الانتخاب'، وقد جاء هذا الكلام مناقضًا لما قاله منذ قليل أمام المحكمة الدستورية العليا.
في هذا الصباح كنت قد تلقيت اتصالاً من المراسم العسكرية وأمين عام رئاسة الجمهورية يؤكدًا فيه ضرورة حضوري مراسم تسليم السلطة إلي الرئيس 'المنتخب'، وكان الموعد المحدد هو الواحدة ظهرًا، وقد قررت الذهاب إلي هناك بعد أن اعتذرت عن عدم الحضور للاحتفال المقام في جامعة القاهرة.
عندما وصلت إلي منطقة 'الهايكستب' العسكرية حيث سيقام الاحتفال، تم إدخالي إلي قاعة الاستقبال الرئيسية، وقد كنت المدني الوحيد وسط أعضاء المجلس العسكري وقادة القوات المسلحة وأعضاء المجلس الأعلي للشرطة، وقد كان الجميع في حالة من القلق الشديد علي مصير البلاد ومستقبلها.
وفي نحو الرابعة عصرًا وصل مرسي وبرفقته المشير طنطاوي، ألقي المشير كلمة تحدث فيها عن وفاء الجيش بتعهداته واحترامه للشرعية، ثم جاء الدور علي 'الرئيس' مرسي، الذي خاطب القوات المسلحة وقال: 'كنتم دائمًا عند حسن ظن شعبكم، أشهد بأنكم كنتم دائمًا تقدرون المسئولية، وأنكم كنتم دائمًا الرجال الذين يعتمد عليهم رغم صعوبة الطريق ووعورته، وأشهد لكم أمام الله والشعب ما حييت أنكم تحبون وطنكم وأنكم تحرصون علي تحقيق مصلحته وتعلون من شأنه، وأنكم ستكونون في قلبي وتحت نظري'.
وكان من الغريب أن يتحدث في هذا الخطاب بلغة مغايرة للغة التي تحدث بها أمام الاحتفال الذي أقيم بجامعة القاهرة عندما قال: 'أطلب من رجال القوات المسلحة أن يبقوا في أماكنهم بالداخل وألا يعودوا إلي ثكناتهم في الوقت الراهن لأن الوطن في حاجة إليكم لحين ترتيب منظومة الأمن'.
بعد أن تناولنا وجبة الغداء في قاعة الشرف، وكان حاضرًا فيها مرسي ونجلاه والعديد من القيادات العسكرية والشرطية والحكومية والإعلامية قام المشير طنطاوي بمرافقة مرسي إلي خارج القاعة للمغادرة وقبل أن يغادر، قام المشير طنطاوي والفريق عنان بتأدية التحية العسكرية له.
كنت في هذا الوقت أرقب الموقف علي مقربة، اهتزت مشاعري وأنا أجد المشير يؤدي التحية العسكرية للرئيس الإخواني، تقدمت نحوه وصافحته كان وجهي مكفهرًا، أدرك المشير سبب غضبتي، قال لي أمام الحاضرين: 'فكها.. كل حاجة حتمشي تمام إن شاء الله' لم أعلق علي كلماته، كانت الحسرة والإحساس بالحزن والألم قد سيطر علي كل مشاعري لم أعلق، ولكنني مضيت بعيدًا وغادرت المعسكر.
توجه محمد مرسي في هذا اليوم إلي القصر الجمهوري مباشرة وبدأ في مناقشة جدول أعمال العمل اليومي، وترتيب القصر من الداخل، مستعينًا في ذلك بعدد من المعينين من قبل مكتب الإرشاد.
في يوم الأربعاء 4 يوليو 2012 نشر خبر في وقت متأخر من المساء أشار إلي أن محكمة القضاء الإداري حددت يوم الثلاثاء 10 يوليو للنظر في قضية بطلان الجمعية التأسيسية المرفوعة من المحامي شحاتة محمد شحاتة بعد أن جري تحديد 4 سبتمبر في موعد سابق لنظر القضية.
سادت حالة من التفاؤل لدي الكثيرين، وقال البعض إن ذلك يمكن أن يقود إلي إصدار حكم يقضي ببطلان الجمعية التأسيسية الحالية ووضع جمعية بديلة عبر المجلس العسكري المسئول عن التشريع في هذه الفترة.
في اليوم التالي اتصلت بالدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي في حكومة تسيير الأعمال وتحدثت معها حول الحكم المتوقع صدوره من محكمة القضاء الإداري، وكانت الوزيرة متفائلة للغاية، وقالت: 'إذا صدر الحكم سيكون ذلك تطورًا مهمًا وإيجابيًا'.
في هذا الوقت تزايدت حدة التظاهرات الفئوية حول القصر الجمهوري، وكان ذلك أمرًا مقلقًا لمحمد مرسي وجماعته، ولذا صدر في هذا الوقت بيان علي لسان القيادي الإخواني صبحي صالح أكد فيه أن الدولة العميقة وأنصار النظام السابق يقفون خلف هذه التظاهرات، وكان ذلك تجنيًا هدفه البحث عن 'شماعة' لتعليق المشكلات عليها.
كان الجدل في هذا الوقت يدور حول الإعلان الدستوري المكمل، وفي يوم السبت 14 يوليو اجتمع مكتب إرشاد جماعة الإخوان بحضور سعد الكتاتني وأحمد فهمي ومحسن راضي وأسامة ياسين وآخرين.
وقد صرح محسن راضي عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة أن الرئيس محمد مرسي يدرس إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري، وإصدار إعلان دستوري جديد في حال صدور حكم بحل الجمعية التأسيسية وطرحه للاستفتاء علي الشعب، وقال 'إن الرئيس ناقش مع القوي السياسية وقيادات بالجماعة هذه الفكرة، وأن اجتماع مكتب الإرشاد كان مخصصًا لمناقشة هذه القضية'.
وفي هذا الوقت دعا حازم أبو إسماعيل إلي مليونية يوم الجمعة 14 يوليو 2012 ضد الإعلان الدستوري المكمل، حيث كان الهدف هو إجبار المجلس العسكري علي سحب الإعلان الدستوري المكمل وإلغائه، وقال موجهًا حديثه للمواطنين 'لابد أن يترك المجلس العسكري السلطة فورًا ويعود مرة أخري إلي ثكناته' وتساءل: 'كيف نقبل أن تكون كرامتنا مرهونة بين يدي 19 شخصًا أعضاء بالمجلس العسكري'، وقال 'إن المليونية المقبلة لها أهمية كبري في التصدي لهيمنة المجلس العسكري علي الحكم كي لا تدفع ثمنه الأجيال القادمة'.
وقال كارم رضوان عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة: 'سيتم الدخول في اعتصام مفتوح في ميدان التحرير حتي يعود البرلمان، مؤكدًا أن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل هو من أهم المطالب'، وقال 'سوف نطلب من خلال المليونية عودة الجيش إلي ثكناته'، ولم يتوقف الأمر عند الأحزاب ذات التوجه الديني، بل امتد إلي بعض القوي والشخصيات الليبرالية والمتعاطفة مع جماعة الإخوان..
وقد صرح د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بقوله: 'إن الرئيس المنتخب محمد مرسي يحق له تعديل وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي يشل قدرات الرئيس بعد أدائه اليمين الدستورية'.
كانت الحملة ضد المجلس العسكري في تصاعد مستمر، وهو ما دعا أعضاء المجلس إلي الإعراب عن استيائهم من هذا التحريض غير المبرر.
لم يكن التحريض قاصرًا فقط علي الإخوان وحلفائهم، بل إن الإدارة الأمريكية راحت تلعب دورًا مشبوهًا في ملف السياسية المصرية وتحاول إثاره الرأي العام ضد المجلس العسكري.
وفي يوم 14 يوليو كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تزور القاهرة، وقبيل أن تلتقي محمد مرسي رئيس الجمهورية في هذا اليوم صرحت بأنها ستلتقي في اليوم التالي 15 يوليو بالمشير حسين طنطاوي للتباحث معه حول دور الجيش في حماية الأمن القومي والتحول الديمقراطي الذي حدث في مصر وسبل تسليم السلطة.
كانت التصريحات المستفزة أحدثت حالة من الغضب داخل أوساط المجلس العسكري لأنها مثلت انحيازًا لجماعة الإخوان وتدخلاً في الشئون الداخلية المصرية.
وبعد لقائها بالرئيس مرسي الذي حدث في نفس هذا اليوم خرجت كلينتون بتصريح أكثر استفزازًا عندما قالت: 'إنه حان الوقت لتسليم المجلس العسكري السلطة كاملة إلي الرئيس المنتخب'، وقالت: 'نحن ندعم عودة الجيش لأداء مهامه في حفظ الأمن القومي المصري'.
في صباح اليوم التالي كان موعد اللقاء بين كلينتون والمشير، استمر اللقاء قرابة الساعة ودعت خلاله كلينتون المشير مرة أخري إلي ضرورة الإسراع بتسليم السلطة.
استفزت الكلمات المشير طنطاوي مجددًا، وقال: 'الجيش ليس طامعًا في السلطة، والمجلس الأعلي مسئول عن سلطة التشريع بمقتضي الإعلان الدستوري الصادر في 30 يونية 2011 في حال غياب مجلس الشعب'، وقال: 'إنه فور انتخاب البرلمان سيسلم المجلس العسكري السلطة إليه علي الفور'.
كان اللقاء حادًا، وقد أعطي فيه المشير درسًا قاسيًا لوزيرة الخارجية الأمريكية وطلب منها أن تكف عن التدخل في الشئون الداخلية للبلاد وحذرها من خطورة التمادي في مسلكها.
بعد انتهاء اللقاء استقل المشير طنطاوي طائرة هليكوبتر لحضور حفل استلام وتسلم قيادة الجيش الثاني الميداني بالإسماعيلية، رافق المشير أربعة من أعضاء المجلس العسكري هم اللواء فؤاد عبد الحليم واللواء إسماعيل عتمان واللواء سامح صادق واللواء ممدوح عبد الحق.
أمسك المشير بورقة وقام بقسمتها أربعة أجزاء، وأعطي كل منهم جزءًا من هذه الورقة، وطلب منهم أن يختاروا اسمًا لتولي منصب وزير الدفاع خلفًا له وآخر يتولي منصب رئيس الأركان خلفًا للفريق سامي عنان، فكتب كل منهم اقتراحه بشكل سري، وعندما اطلع المشير علي الأوراق المقدمة، وجد أن الأربعة اتفقوا علي اختيار اللواء عبد الفتاح السيسي 'مدير المخابرات الحربية في هذا الوقت' وزيرًا للدفاع واللواء صدقي صبحي 'قائد الجيش الثالث في هذا الوقت' رئيسًا للأركان، كان ذلك في الخامس عشر من يوليو 2012.
عندما وصل المشير إلي مقر قيادة الجيش الثاني ألقي خطابًا في حفل التسليم والتسلم قال فيه موجهًا كلامه للضباط والجنود: 'لا شيء يثني القوات المسلحة عن دورها في حماية مصر وشعبها، وإن مصر لن تسقط، وأنها لكل المصريين وليست لمجموعة بعينها، وأن القوات المسلحة لن تسمح بذلك'.
أثارت هذه الكلمات مخاوف جماعة الإخوان التي عقد مكتب إرشادها اجتماعًا خاصًا لبحث تصريحات المشير وكيفية التحرك سريعًا لإعادة مجلس الشعب 'المنحل' وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وتجريد المجلس العسكري من كافة سلطاته.
في هذا الوقت قال محمد فؤاد جاد الله المستشار القانوني لمحمد مرسي: إن قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب وإلغاء قرار المشير لايزال ساريًا'، وقال: 'إن الرئيس نفذ حكم المحكمة الدستورية بحل المجلس وفي نفس الوقت عالج الفراغ التشريعي بإعلانه إجراء انتخابات مبكرة عقب الانتهاء من وضع الدستور'.
وقال 'إن بيان الرئاسة أكد علي احترام حكم المحكمة الدستورية بوقف قرار الرئيس بعودة البرلمان لا يعتبر تراجعًا، بل تأكيدًا لقراره مع احترام حكم المحكمة'، وقال 'إننا نبحث في التنفيذ الأمثل لقرار المحكمة الدستورية ببطلان بعض البنود الخاصة بقانون الانتخابات وليس القانون بالكامل'.
هكذا كانت كلماته لا تستند إلي منطق أو قانون أو دستور، بل كانت محاولة للتسويف هدفها التمهيد لقرار عودة البرلمان 'المنحل' مجددًا.
وعن قرب إلغاء الإعلان الدستوري تحدث فؤاد جاد الله بالقول: 'إن الهدف من قرار الإلغاء المنتظر هو حل المشكلات التي سببها الإعلان مشددًا علي أن سلطات الرئيس لا تقتصر علي تعديل الإعلان الدستوري فحسب، بل إلغاؤه، لأن الشعب لم يستفت عليه، وأن المجلس العسكري أقره بدون وجه حق وبالتالي فمن حق مرسي بالتبعية أن يعدله أو يلغيه'.
في هذا الوقت لجأ سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق إلي محكمة النقض للإقرار بعودة البرلمان إلا أن المحكمة رفضت ذلك وأكدت عدم اختصاصها بنظر صحة العضوية واعتبرت بالتالي أنها غير مختصة بنظر الخطاب المرسل من سعد الكتاتني علي أساس أن مجلس الشعب قد سقط بحكم الدستورية.
وهكذا سد الباب أمام محاولات التحايل وفشل محمد مرسي مجددًا في أن يعيد الحياة إلي مجلس الشعب وسقطت كافة ادعاءاته أمام الحكم البات والنهائي الذي كان قد صدر في 14 يونية بحل مجلس الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.