الحب كمشاعر قلبية لا سيطرة للإنسان عليها والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. وقد ضرب الله مثلا في قصة اعجاب ابنة شعيب بموسي عليه السلام علي الحب كمشاعر تلامس القلوب, فكانت نتيجته تعريضها بشمائله و عرض والدها الزواج علي موسي عليه السلام, فأنفق من عمره الشريف عشر سنين في سبيل حبه لها, فلولا أن الحب من أغلي الأشياء, لما ذهب كثير من زمن النبياء فيه. وهذا الصديق أبو بكر رضي الله عنه يمر في خلافته بطريق من طرق المدينة. فإذا جارية تطحن برحاها وتقول : وهويته من قبل قطع تمائمي متمايسا مثل القضيب الناعم وكأن نور البدر سُنَّة وجهه ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم فدق عليها الباب فخرجت إليه فقال ويلك أحرة أنت أم مملوكة؟! فقالت : بل مملوكة يا خليفة رسول الله. قال فمن هويت؟! فبكت ثم قالت : بحق الله عليك إلا انصرفت عني. قال : لا أريم أو تعلميني. فقالت : وأنا التي لعب الغرام بقلبها فبكت لحب محمد بن قاسم فصارأبو بكر إلي المسجد وبعث إلي مولاها فاشتراها منه, وبعث إلي محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال : هؤلاء فِتَنُ الرجال. وكم مات بهن من كريم, وعطب عليهن من سليم. قصة المحب مع علي : أُتيَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بغلام من العرب وجد في دار قوم بليل فقال له: ما قصتك؟ فقال : لست بسارق, ولكني أصدقك : تعلقت في دار الرباحي خَودة يدل لها من حسنها الشمس والقمر لها من نبات الروح حسن ومنصب إذا افتخرت بالحسن صدقها الفخر فلما طرقت الدار من حب مهجة أتيت وفيها من توقدها جمر تبادر أهل الدار لي ثم صَيَّحوا هو اللص محتوم له القتل والأسر فلما سمع علي شعره رقَّ له وقال للمهلب بن رباح : اسمح له بها نعوضك منها. فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه؟ فقال: النهاس بن عيينة العجلي. فقال: خذها فهي لك. قصة البدوي العاشق : ومن غرائب القصص ما ذكر أن المهدي خرج إلي الحج حتي إذا كان في السفر يتغدي فأتي بدوي فناداه : يا أمير المؤمنين, إني عاشق!!!! ورفع صوته. فقال للحاجب ويحك ما هذا؟! قال : إنسان يصيح إني عاشق ! قال أدخلوه. فأدخلوه عليه فقال : من عشيقتك؟ قال ابنة عمي. قال: أولها أب؟ قال: نعم, قال: فما له لا يزوجك إياها؟! قال:ها هنا شيء يا أمير المؤمنين قال : ما هو؟ قال: إني هجين. قال له المهدي : فما يكون؟ قال: إنه عندنا عيب. فأرسل المهدي في طلب أبيها فأتي به, فقال : هذا ابن أخيك؟ قال : نعم. قال : فلم لا تزوجه كريمتك؟ فقال له مثل مقالة ابن أخيه. وكان من ولد العباس وعنده جماعة. فقال : هؤلاء كلهم بنو العباس وهم هجن ما الذي يضرهم من ذلك؟ قال : هو عندنا عيب. قال : زوجه إياها علي عشرين ألف درهم, عشرة آلاف للعيب, وعشرة آلاف مهرها. قال : نعم. فحمد الله وأثني عليه زوجه إياها. فأتي ببدرتين فدفعهما إليه, فأنشأالشاب يقول:ابتعت ظبية بالغلاء وإنما يعطي الغلاء بمثلها امثالي وتركت أسواق الصباح لأهلها إن الصباح وإن رخصن غوالي فالحب الذي يبقي مقيدا بلجام العفاف والتقوي لا حرج فيه.