لبنان بلد جميل ويتميز بطبيعة خلابة ورغم الحروب والنزاعات التي عاشها ويعيشها فمازال محتفظا بعاداته وتقاليده ومظاهره الاحتفالية الكثيرة والمتنوعة بتنوع الطوائف والديانات به، ويعتبر الإسلام دين الأغلبية في لبنان بفارق بسيط عن المسيحية، فالمسلمون ينقسمون لثلاث طوائف هي السنة والشيعة والدروز حيث يشكلون ما نسبته 60% مقابل المسيحيون الذين يشكلون 40% من عدد السكان، وهو بلد متسامح ويقوم علي التعايش السلمي المشترك ويعتبر نموذجا فريدا في العالم لأنه يضم طوائف دينية مختلفة ووجود 15 طائفة دينية معترف بها، وقد دخلها الإسلام في عهد أبوبكر الصديق في عهد الرسول ' ص ' عندما أرسل جيش بقيادة أسامة بن زايد لصد هجمات الروم، ثم طلب أبوبكر من خالد بن الوليد التوجه إلي الشام وخلال معركة أجنادين نجح خالد بن الوليد في تنظيم الجيوش والاستيلاء علي شرق وشمال فلسطين وفي عهد عمر بن الخطاب تمكن المسلمون من فتح بلاد الشام بأكملها وتم فتح بيت المقدس، تشتهر لبنان بوجود المساجد الكثيرة والشهيرة ومنها مسجد محمد الأمين ' ص ' في بيروت، ومسجد المنصوري الكبير بطرابلس. إن عادات لبنان كثيرة ومتوارثة منذ مئات السنين وهي تختلف في مظاهرها من مدينة لأخري فالشمال غير الجنوب غير زحلة والبقاع غير بيروتوطرابلس وصيدا والضاحية الجنوبية لأن معظم هذه العادات ترتبط بحقب تاريخية معينة عاشها لبنان، وضمن الاحتفالات الدينية المميزة في لبنان يعتبر شهر رمضان من أكثر المناسبات تميزا بمظهره الاحتفالي فعند دخوله في طرابلس تقوم فرقة دينية أواخر شهر شعبان بجوالات بالمدينة من خلال الأدعية والأشعار الصوفية ويهنئون الناس باقتراب قدومه، ثم يقومون بزيارة الأثر النبوي وهو عبارة شعرة واحدة من لحية الرسول ' ص ' محفوظة بمسجد المنصوري الكبير حيث تجد الناس يتزاحمون علي تقبيل المكان والتبرك به، وفي بيروت توجد عادة تسمي سيباتة رمضان وهي عادة يحرص أهل بيروت بالذهاب إلي نزهة علي الشاطئ أواخر شهر شعبان لتناول الأطعمة والمأكولات لاستعداد لاستقبال الشهر الكريم، كما تتميز مدينة صيدا بحبها للفوانيس التي تعلق علي المنازل والشوارع والمساجد وتراها بألوانها الزاهية والمزخرفة في أيدي الأطفال، ومن التقاليد القديمة في لبنان مدفع رمضان وهو تقليد يرجع إلي العصر الفاطمي وارتبط برمضان من أجل تنبيه الناس للإمساك والإفطار ويتولي القيام بذلك الآن الجيش اللبناني، كما يوجد المسحراتي بأشكال مختلفة ومازال موجود في الجنوب اللبناني وبخاصة في القري وهو يجوب شوارعها ليلا ويقرع الأبواب بعصاه وينادي علي السكان للسحور، وفي صيدا مازال المسحراتي موجود في شوارعها ليلا ومعه طبلة صغيرة يدق عليها لإيقاظ النائمين، وفي أماكن أخري يكون للمسحراتي زيا تقليديا خاصا حاملا طبلته مع صوته الشجي وأناشيده ودعائه الديني ليلا، وفي بيروت جرت العادة أن تقوم جوقة من المسحراتية مع أنغام الرق والمزاهر ويطوفون الشوارع حاملين أجمل الأشعار، كما تنتشر موائد الرحمن حتي مطلع الفجر مع التواشيح والابتهالات الدينية والاحتفال بليلة القدر بالمساجد، وطوال الشهر يحرص الصائمون علي تناول الإفطار الخفيف ثم يذهبون إلي المساجد لأداء الصلاة وصلاة التراويح في جماعة كما تقام الخيام الرمضانية في الأماكن العامة حيث يتم تناول السحور مع الغناء والطرب وتناول النرجيلة والسهر حتي موعد الإمساك وصلاة الفجر، إلي جانب وجود حفلات إفطار تقيمها الجمعيات والمؤسسات الخيرية ويتم خلالها جمع التبرعات للفقراء والأيتام، وخلال الإفطار يتم تناول المشروبات المختلفة كالعرقسوس والتمر الهندي والخروب وقمر الدين مع الحلوي الرمضانية المحشوة بالجوز واللوز والفستق، وتقدم التبولة اللبنانية مع طبق شهير اسمه الفتوش وهو من أشهر الأطباق الغنية لاحتوائه علي أنواع كثيرة من الخضار المتنوع ويتم تقديمه في رمضان ليزين الموائد، ويقدم مع حساء العدس، أو التسقية المعروفة بالفتة والثريد، والحراق أصبعو، والقبة بالصينية والأرنبية، ثم ثم الأرز مع اللحم أو الدجاج وهو الطبق الرئيسي المميز للوجبة الرئيسية في الإفطار ويزين بالمكسرات والزبيب وحب الهال لإضافة نكهة خاصة وفي النهار تتزين أسواق بيروت وساحات طرابلس وتجري المسيرات الدينية ويقوم الأطفال بحمل الأدوات الموسيقية للتعبير عن فرحتهم كما تنشط المحلات ليلا لتقديم المشروبات الباردة والأطعمة حيث تزدحم الشوارع، ورغم الظروف السياسية والاقتصادية، والأمنية الضاغطة فإن لبنان وبخاصة هذا العام ظل محتفلا ومبتهجا بمظاهر احتفالية كبيرة في مدنه وقراه ابتهاجا بقدوم شهر رمضان.