أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تطلع بلادها لتكون شريكا لمصر أخذا في الاعتبار أهميتها المحورية في المنطقة. جاء ذلك خلال المباحثات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في برلين مع ميركيل التي كانت في استقباله في مدخل المستشارية، وعقدا جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين، تخللها غداء عمل وأعقبها مؤتمر صحفي مشترك. وصرح السفيرعلاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن المستشارة الالمانية رحبت بالرئيس معربة عن سعادتها بالاجتماع معه للمرة الثانية بعد اللقاء علي هامش منتدي دافوس الاقتصادي. كما أشادت ميركل بما يتمتع به مسيحيو مصر من أمان واستقرار خلافاً لما كانوا يعانونه في العامين الماضيين، متمنية للرئيس أن تكلل جهوده للتنمية الشاملة في مصر بكل النجاح والتوفيق علي الصعيدين السياسي والاقتصادي. وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس وجه الشكر للمستشارة الالمانية علي حسن الاستقبال وكرم الضيافة، منوهاً إلي أن الشعب المصري ينظر باعجاب إلي نظيره الألماني ويعتبره نموذجاً يحتذي في بناء الدولة وتحقيق التقدم والنهضة الصناعية. كما أكد الرئيس علي أن المواطنة هي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المصري الذي لا يمكن أبداً التفريق بين مسلميه ومسيحييه فالجميع مصريون. كما استعرض الرئيس مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر علي مدار السنوات الأربع الماضية، مؤكداً التزام الدولة بعقد الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الجاري ليكتمل بذلك البناء المؤسسي والديمقراطي في مصر. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس السيسي استعرض الرؤية المصرية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، منوهاً إلي أهمية مكافحة كافة التنظيمات الإرهابية التي تستقي أفكارها المتطرفة والعنيفة من ذات المصدر، مشيراً إلي الدور الذي تلعبه مصر فكريا لمعالجة جذور التطرف وتجديد الخطاب الديني. كما حذر الرئيس من انتشار ظاهرة المقاتلين الأجانب المنضمين إلي صفوف الجماعات الإرهابية في المنطقة، ولاسيما حال عودتهم إلي دولهم في أوروبا. ورداً علي استفسار المستشارة الألمانية بشأن أوضاع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر، نوَّه الرئيس إلي حرص مصر علي التوصل إلي حل لتقنين نشاط تلك المؤسسات، حيث يتم العمل مع الجانب الألماني للتوصل إلي حل يأخذ في الاعتبار كافة الأبعاد القانونية والمجتمعية وبما يخدم المصلحة المشتركة للبلدين، مؤكداً علي أهمية الحوار الجاد القائم بين البلدين، والذي يستند إلي مبدأ الشفافية وأسلوب المصارحة للتوصل إلي تسوية لأوضاع تلك المؤسسات، أخذا في الاعتبار الدور المتنامي للمنظمات الأهلية في تحقيق التقارب والتواصل بين الشعوب فضلاً عن الخدمات المجتمعية التي تقدمها والتي تتكامل مع دور الدولة. واستعرض الرئيس الخطط الاقتصادية والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية علي الصعيدين التشريعي والإجرائي لتحسين بيئة الاستثمار في مصر، وفي مقدمة ذلك إصدار قانون الاستثمار الموحد.ونوّه إلي حرص الحكومة المصرية علي تحقيق التوازن بين ضرورة خفض العجز في الموزانة العامة للدولة وبين تحقيق الطموحات الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فإن دعم الشركاء، سواء في ألمانيا أو في الاتحاد الأوروبي، من خلال الاستثمارات المباشرة والتمويل التنموي يعد ضرورياً لمساندة هذه الإجراءات. وأكد الرئيس ترحيب مصر بالاستثمارات الالمانية في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها قطاع الطاقة ومشروع التنمية بمنطقة قناة السويس. وقد أكدت المستشارة الألمانية من جانبها علي دعم ألمانيا ووقوفها إلي جانب مصر واستعدادها لتقديم المساعدة اللازمة من أجل المضي قدماً في العملية السياسية ودفع عملية التنمية الشاملة، ولاسيما في شقها الاقتصادي بحيث توفر البيئة المواتية لتكون مصر نموذجاً يحتذي به في المنطقة. وقد أثارت المستشارة الالمانية مسألة أحكام الإعدام الأخيرة في مصر، فأكد الرئيس علي احترام استقلالية القضاء المصري وعدم التدخل أو التعقيب علي أحكامه، مستعرضاً طبيعة نظام التقاضي في مصر وما يكفله للمتهمين من حقوق تتيح لهم الطعن علي هذه الأحكام، ومن بينها حكم الإعدام، كما أوضح الفرق بين قرارات الاحالة إلي فضيلة المفتي وبين أحكام الإعدام النهائية. كما شهد اللقاء تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع في ليبيا، حيث أكد الرئيس علي دعم مصر للجهود الأممية المبذولة في هذا الصدد، مشدداً علي ضرورة دعم المؤسسات الشرعية الليبية المتمثلة في البرلمان الليبي والحكومة وكذا الجيش الوطني، فضلاً عن ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي لوقف امدادات المال والسلاح إلي الجماعات الإرهابية المتواجدة علي الأراضي الليبية. وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد أكد الرئيس علي أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لتقديم ضمانات تتعامل مع مخاوف الطرفين وتشجعهما علي المضي قدماً في مسار السلام وتحقيق حل الدولتين، مؤكداً علي اهتمام مصر بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتأمين المجتمع الدولي لاحتياجاته، ليس فقط عن طريق المساعدات الانسانية، وإنما يتعين تكاتف الجهود من أجل إعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص العمل بشكل مستدام لأهالي القطاع، ومنوها إلي أنه علي الرغم من الاوضاع الامنية في سيناء إلا أن مصر تحرص علي فتح معبر رفح الحدودي أمام الحالات الإنسانية. وأكد الرئيس أن مصر طالما حذرت من مغبة تردي الاوضاع في كل من ليبيا وسوريا مؤكداً أنه كان يتعين التحرك مبكرا لتدارك تلك الاوضاع، أخذا في الاعتبار ظاهرة المقاتلين الاجانب والهجرة غير الشرعية وخطورتهما علي الأمن الأوروبي.