أكد وزير الخارجية سامح شكري مجددا علي التزام مصر بتحقيق السلام والأمن الدوليين، ودعمها لدور مجلس الأمن في التعامل مع المواقف التي تمثل مصدر قلق وتهديد للمجتمع الدولي. وشدد الوزير علي أن مصر تنوي أن تستخدم عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن - ونحن نثق في حملتنا للترشح وقدرتنا علي تولي هذا المنصب - لكي تكون صوتا فاعلا لأفريقيا ودول الجنوب في المحافل المختلفة. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الوزير اليوم الأحد في افتتاح الدورة التدريبية لقادة مهام حفظ السلام الأممية التي تستمر حتي 11 يونيو المقبل. وقال شكري إن مصر مستعدة من حيث المبدأ لاستقبال مركز الخدمات الإقليمي التابع للأمم المتحدة لدعم عمليات حفظ السلام في الشرق الأوسط. وتابع 'لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في افتتاح الجلسة رقم 21 من البرنامج التدريبي لقادة المهام التابعة للأمم المتحدة، وهو درة التاج في برامج التدريب المعنية بعمليات حفظ السلام حول العالم، وهي المرة الأولي التي ينعقد فيها هذا البرنامج التدريبي في شمال أفريقيا، والمرة الثانية في الشرق الأوسط، حيث يتولي البرنامج مهمة إعداد القيادات الحالية والمحتملة لتولي مهام قيادة عمليات حفظ السلام حول العالم'. وأضاف وزير الخارجية أن المسئولين سيقومون خلال هذا البرنامج وعلي مدار الأسبوعين المقبلين بالتواصل مع نخبة من أفضل الخبراء الدوليين من متحدثين ومعلمين، ومدربين وميسرين، وذلك للتدريب علي قيادة عمليات حفظ السلام ذات الأبعاد المتعددة، في وقت تكثر فيه النزاعات حول العالم وتشتد، حيث يحدونا أمل كبير أن تساهموا في جهود استعادة السلم والاستقرار. ورحب شكري بالضيوف من جهاز التدريب المتكامل بقسم عمليات حفظ السلام والدعم الحقلي بالأممالمتحدة، كما رحب بجميع المتحدثين والمعلمين والميسرين والمتدربين هنا في القاهرة، وأرحب أيضا بممثلي دولة اليابان وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالقاهرة، فلا يفوتنا أبدا الجهود التي تقومون بها في دعم مركز القاهرة الإقليمي لتسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا، لاسيما هذا البرنامج، وهي جهود بلاشك جديرة بالثناء. وأشار إلي أن الجلسة المنعقدة من هذا البرنامج التدريبي في القاهرة تأتي في ظل منعطف خطير تمر به عمليات حفظ السلام، كما تأتي بالتزامن مع إطلاق تقرير اللجنة المستقلة رفيعة المستوي الخاصة بعمليات حفظ السلام، والتي انعقدت بالجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أكتوبر الماضي. وقال 'ومن جانبنا نهتم كثيرا كإحدي أهم الدول المشاركة بقوات في عمليات حفظ السلام، وكذلك باعتبارنا الدولة المضيفة لمشاورات اللجنة رفيعة المستوي الخاصة بالشرق الأوسط والتي استضافتها القاهرة في شهر مارس الماضي، بالنتائج والتوصيات التي سيتم رفعها للأمين العام، ومن ثمّ إلي العالم أجمع، كما نتطلع كثيرا إلي المناقشات التي سيتمخض عنها بلا شك تأثير كبير سيؤدي إلي إعادة تشكل عمليات حفظ السلام في المستقبل، وذلك في ظل المرحلة الحالية التي تشهد فيها الساحة الأمنية عالميا وإقليميا تغييرات عديدة علي النحو التالي:تزايد حدة ووتيرة الصراعات داخل الدولة وبين الدول وبعضها البعض، وانهيار عدد من الدول القومية في أفريقيا والعالم العربي تحديدا، وتنامي دور الفاعلين من غير الدول بما في ذلك التنظيمات الإرهابية والإجرامية، في حقبة تتزايد فيها الصراعات العابرة للدول، واتخاذ كثير من الصراعات طابع عرقي/ديني مما يحولها إلي لعبة صفرية يصعب تسويتها سياسيا'. وشدد علي أن هذه التحديات والتهديدات والمخاطر تؤدي إلي مزيد من تعقيد مساعي حفظ السلام المعقدة أصلا، في وقت نعمل فيه علي نشر قوات لحفظ سلام لا وجود له في مناطق النزاع، وحيث تتعرض حياة الشعوب البريئة وكذلك موظفي بعثات حفظ السلام للخطر، وهو في النهاية اختبار لمدي استدامة وفعالية حفظ السلام كأداة للتعامل مع الصراعات المعقدة. وأوضح أنه في مواجهة كل هذه التحديات تظل مبادئ عمليات حفظ السلام المنصوص عليها ذات دلالة، إلا أننا نظل بحاجة لتطوير فهمنا لهذه المبادئ، وبالنسبة لمصر فإن التجرد والموضوعية لا يعنيان الحياد، كما أن التوافق لا يعني الحصول علي موافقة الإرهابيين، فضلا عن أن حماية المدنيين وحماية ولاية البعثات بدون تجاوزات غير مقبولة هو أمر قابل للتحقق. واستطرد قائلا 'وهناك أمر آخر يجب تطويره وهو طبيعة العلاقة بين كل من الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية وما دون الإقليمية، وقد قامت مصر بدور ريادي في هذا المجال بالفعل، حيث وافقت القمة العربية في مارس 2015 علي دعوة مصر لإقامة قوة عربية مشتركة، وقد وصلت المشاورات الخاصة بتشكيل تلك القوة إلي مرحلة متقدمة، بما يمهد لدور فاعل وقوي تلعبه جامعة الدول العربية في منع ومواجهة التهديدات العديدة للسلم والاستقرار في العالم العربي'. وقال وزير الخارجية إنه وفي الإطار الأفريقي، فإن مصر مستمرة في لعب دور نشيط جدا وبناء في الاتحاد الأفريقي من خلال دعم تطوير القوة الأفريقية الجاهزة، والتي من المقرر أن تبدأ عملها بصورة كاملة بنهاية العام الجاري، بالإضافة لتطوير قدرات مفوضية الاتحاد الأفريقي في مجالي الوساطة ومنع النزاعات، وذلك طبقا لما أقرته القمة الأفريقية في يناير الماضي. وأضاف أنه وفي الوقت الذي تقوم فيه تلك المنظمتان الهامتان بتطوير مساهمتهما في الحفاظ علي السلم والأمن، فإن علاقاتهما بالأممالمتحدة تحتاج أيضا للتطوير، وقد لعبت مصر دورا هاما في تسهيل الحوار في هذا الصدد، وذلك علي النحو التالي. ولفت إلي أن مصر استضافت بالتعاون مع مكتب دعم بناء السلام ومفوضية بناء السلام في نوفمبر الماضي مؤتمرا دوليا حول الأبعاد الإقليمية لبناء السلام، حيث قدم المؤتمر لعملية المراجعة الجارية لمنظومة بناء السلام توصيات عملية لتحقيق التنسيق والترابط ما بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية.. واستضافت مصر في مارس الماضي المشاورات الخاصة بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إطار مجموعة الأممالمتحدة رفيعة المستوي المشكلة لمراجعة عمليات حفظ السلام، مما سمح بحوار هام ومعمق بين الأممالمتحدة وجامعة دول العربية في هذا الشأن. وتابع 'وتعد تلك هي أطر الحوار التي تنشط فيها مصر علي المستوي الدولي في هذا الشأن، وسوف تستمر في ذلك في المستقبل خاصة مع حلول نهاية الاتفاق الإطاري الموقع لمدة عشر سنوات ما بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي العام المقبل، وفي ظل استعداد جامعة الدول العربية لإنشاء القوة العربية المشتركة'. وقال إنه يضاف إلي ذلك مساهمة مصر علي المستوي النظري والعملي في مجال حفظ السلام، والذي يعد عنصرا واحدا من عناصر الدور القيادي لمصر في هذا المجال وإن مصر كانت ولاتزال إحدي الدول الكبري من حيث المساهمة في عمليات حفظ السلام حول العالم، حيث تسهم مصر حاليا بأكثر من 2400 عنصر من الرجال ويسعدني أن أقول أيضا من السيدات في 8 عمليات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة. وأكد أن المساهمة المصرية في تدريب عناصر حفظ السلام من خلال مركز القاهرة لتسوية المنازعات وحفظ السلام لا يصنف فقط عاليا علي المستوي الدولي، وإنما امتد التدريب لكي يشمل موضوعات أخري جديدة مثل موضوعات الحدود. وقال إن مصر سوف تترشح هذا العام نيابة عن المجموعة الأفريقية للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن عن عامي 2016 – 2017، وهي تدرك المسئولية الكبيرة وأهمية هذه العضوية، وتتعامل مع تلك المسئولية بكل جدية كما فعلت مصر من قبل خلال توليها العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن أعوام 1949 – 1950، 1961 – 1962، 1984 – 1985، و1996 – 1997. ومن جانبها.. أعربت انيتا نيرودي ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة عن شكرها لمصر وللحكومة المصرية لاستضافة الدورة التدريبية.. مشيرة إلي التعاون منذ أمد طويل مع مركز القاهرة لتسوية المنازعات وحفظ السلام في افريقيا والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. وأشارت إلي التحديات التي تواجه العالم حاليا.. موضحة أن هذه الدورة ستناقش العديد من الموضوعات المتعلقة بحفظ السلام ونأمل أن تؤدي إلي النجاح وستسهم في جهود الأممالمتحدة لحفظ السلام في العالم.