جاء انعقاد القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين مواكبا لمرور سبعين عاما علي تأسيسها من خلال العمل العربي المشترك طوال تلك السنوات ولتحمل تلك القمة هذه المرة رمزية كبيرة من خلال عنوان كبير لها هو الأمن القومي العربي ليكون بمثابة الرد القوي والحازم علي كل ما يهدد أمن وسلامة الأمة العربية ويحافظ علي وحدتها وتماسكها من المحيط إلي الخليج والدليل هو الحضور القوي والمشرف لمعظم الملوك والزعماء العرب الذين جاءوا إلي القمة متأثرين بالأحداث العاصفة التي تضرب الأمة العربية في هذه المرحلة من خلال مظاهر العنف والإرهاب والتطرف والطائفية والصراع علي السلطة وغيرها من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكتضامن وتلاحم للزعماء العرب للوقوف ضد التحديات الإقليمية ومنها مطامع بعض الدول في المنطقة العربية ظنا منها أن العرب قد تراخوا وفرطوا في تماسكهم وحقوقهم لتجيء تلك القمة هذه المرة لتعلن بإيذان فجر جديد لميلاد تماسك أمة قوية تستجيب لمتطلبات شعوبها وتحافظ علي دولها وأمنها ومقدراتها واستقرارها وحدها بما تراه يحقق أهدافها دون الخشية من أحد، ولهذا جاءت القمة في ظروف عصيبة تمر بها الدول العربية ومنها القضية الفلسطينية، والأزمة السورية والليبية، والعراقية والإرهاب الذي يعصف بالمنطقة ليستجيب القدر أمام تلك التحديات ليفرض هذا الواقع نفسه أمام وزراء الخارجية العرب الذين أقروا مشروعية إقامة قوة عربية مشتركة وسرعة تفعيلها انطلاقا من مشروع كان مدرجا من قديم في جامعة الدول العربية كان محركه الأساسي الصراع اليمني وتحدياته العاصفة التي كادت تجهز عليه وعلي عروبته وأمنه وسيادته واستقلاله من خلال ما فعله الحوثيون ومن يقف وراءهم بعد انقلابهم علي الشرعية بمساعدة داخلية وإقليمية سعت للسيطرة علي الدولة اليمنية ومؤسساتها وعلي شعب اليمن بكامله من خلال فصيل تجاوز القوانين والأعراف الدولية وأدي لهدم الدولة اليمنية بعد رفضه للحوار وتهديد جيرانه مما جعل الرئيس منصور هادي يطلب العون من الدول العربية التي استجابت لمطالبه المشروعة عبر التحالف الخليجي العربي برئاسة السعودية ليقوم التحالف بعمليته المسماة بعاصفة الحزم التي استطاعت في اللحظات الأخيرة من وقف الزحف الهمجي الحوثي الذي كان قاب قوسين أو أدني من السيطرة علي اليمن بأكمله بما يهدد الأمن الخليجي والعربي، ولهذا فرضت الأزمة اليمنية نفسها ولتصبح هي المؤثر الأول للأحداث قبل بدايتها لأن القوة العسكرية العربية لم تنتظر القمة لانعقادها وجاءت كلمة أمير الكويت لتؤكد مشروعية الرئيس هادي ومشروعية حق الشعب اليمني في استعادة دولته المغتصبة من جانب الميلشيات الحوثية باعتبار الكويت رئيسة القمة السابقة لتأتي كلمة الرئيس السيسي باعتباره رئيس القمة الحالية والذي أكد علي العمل علي إعادة تحقيق المشروعية للشعب اليمني انطلاقا من المبادرة الخليجية التي باركتها القوانين والمؤسسات الدولية ومؤكدا في كلمته القوية علي أن مستقبل أمتنا العربية مرهون بتنفيذها لقراراتها التي تتناسب مع مكانة وعزة الأمة العربية وهو الأمر الذي أكده الملك سليمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين الذي أكد علي الصحوة العربية وأهمية إقامة قوة عربية مشتركة انطلاقا من التحالف الخليجي والعربي الذي هب لنجدة الشعب اليمني من أجل إعادة اليمن لاستقراره وحضنه العربي وهو الأمر الذي دعت إليه كل الكلمات المتعاقبة لزعماء وضيوف القمة بما فيهم رئيس جامعة الدول العربية وأمين عام الأممالمتحدة ليصبح الرئيس عبد ربه منصور هادي عريسا لتلك القمة العربية باعتباره رمزا نزيها لمشروعية الدولة اليمنية بعد أن شكل حضوره ضربة قوية لكل الأطراف الغادرة باليمن ولتكسب كلمته القوية أمام الحاضرين تعاطفا قويا بعد سرده للأحداث التي تعرضت لها اليمن والصعاب التي مر بها من جانب الميلشيات الحوثية المسلحة وما فعلته بالدولة اليمنية مما دفعه للصبر والصمود وطلب العون من أشقائه العرب لنجدة اليمن الأمر الذي لاقي استجابة فورية من التدخل السريع من جانب التحالف العربي للحفاظ علي وحدة التراب اليمني والأمن القومي العربي حتي وجدناه يقدم خالص شكره باسم شعب اليمن إلي مصر رئيسا وشعبا وإلي دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي الذي وقف إلي جواره وجوار إعادة الشرعية إلي اليمن وإعادة هيبة الدولة اليمنية وتفعيل القانون والوقوف أمام كل الخارجين علي الأعراف الدولية وهو الأمر الذي أعطي للقمة تفعيلا قويا من خلال تلك الأحداث التي دفعت الزعماء العرب إلي الصحوة والاتحاد للوقوف ضد كل الذين يكنون العداء لأمتنا العربية ويطمعون في مقدراتها ويسعون إلي إحداث الفتنة والتطرف والطائفية والشقاق بين دولها وشعوبها ليدفع بذلك زعماء القمة للعمل من أجل التماسك والوحدة تطبيقا للآية الكريمة التي بدأت بها القمة وهي 'واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا'.