في مؤتمر مكافحة الإرهاب أمس الأربعاء بواشنطن والمسمي بمؤتمر التطرف والعنف الذي حضره عدد كبير من ممثلي الدول بالعالم بدا أوباما في خطابه الطويل الذي كان يعول عليه الحاضرون وجميع شعوب العالم وبخاصة الدول التي تنكوي بنار الإرهاب وكأنه شاعر أو قديس سلام يتلاعب بعقول الحاضرين لهذا المؤتمر الذين صدموا لسماعهم عكس ما كانوا يتوقعوه من رئيس أكبر دولة بالعالم مع صدمة الرأي العام العالمي لهذا الخطاب الذي خلي من أي وعد بمواجهة عسكرية سريعة وحاسمة للقضاء علي تلك التنظيمات الإرهابية وعلي رأسها تنظيم داعش الإرهابي وعملياته الوحشية مؤخرا في شواطئ ليبيا وقتله للمصريين الأبرياء وغيرها من الجرائم التي حدثت وستحدث داخل البلدان العربية والأفريقية التي تواجه تلك التنظيمات في الوقت الذي أثبتت فيه الطلعات الجوية فشلها في توقف تلك الجماعات عن إجرامها وسيطرتها علي المدن العراقية والسورية والليبية والأفريقية، وبدلا من تشجيع دول متحمسة وفاعلة وجاهزة للتصدي للإرهاب كمصر وغيرها من الدول الشريفة التي تتصدي لتلك التنظيمات من أجل الإنسانية وليس من أجلها وحماية أمنها فقط راح أوباما ليشعر الحاضرين في خطابه ويغازل مسلمين العالم ويعتبرهم أبرياء من المتطرفين الذين يتاجرون بالإسلام وغيرها من المغازلات والمقولات العاطفية ويلعب علي النواحي النفسية لشعوب البلدان الإسلامية ويطلب لحل مشكلة الإرهاب والإرهابيين أن تقوم الدول الإسلامية ومؤسساتها من جديد للعمل علي التصدي الفكري والاجتماعي وتربية النشء علي المحبة والسلام وغيرها من الأفكار والأطروحات التي تتطلب جهدا وزمنا طويلا وليس غريبا علي الدول في وقت يمر فيه العالم أجمع بخطر الإرهاب الذي يحدق به، ويخرب ويقتل ويدمر وينهب ويهجر ويقطع الرؤوس في بلدان عربية وأفريقية كانت آمنة ومستقرة قبل تدخل أوباما ومن معه في تلك الدول عسكريا ثم تركها بدون أمن أو جيش أو حماية لينبت فيها هذا النبت الشيطاني الذي غزاه ومن سبقه من الرؤساء والحكام من الدول التي أيدت التدخل وإسقاط الأنظمة العربية في بلدان كانت آمنة وتوفر لها الأمن والحماية، ولم تتوقف شعارات أوباما عند هذا الحد بل جاء اليوم وزير خارجيته مع وزراء آخرين وأكملوا القصائد الشعرية التي قدمت مشاعر الحزن والأسي علي ضحايا الإرهاب وقدمت حلول اجتماعية وإنسانية تحتاج إلي وقت طويل لمحاربة الإرهاب الذي يضرب بيد من حديد الآن ويتطلب حسما عسكريا باستثناء وزير الخارجية الأردني الذي طالب بوضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته تجاه الأحداث في الوقت الذي عرقلت فيه أمريكا المشروع المصري الليبي الأردني بمساعدة دول غربية لتكوين تحالف عسكري ضد داعش في ليبيا الأمر الذي أدي إلي تراجع مصر وليبيا بعد تراجع الغرب وتقديم مشروعهما إلي مجلس الأمن ينادي برفع حظر السلاح عن الحكومة الليبية وجيشها الرسمي للتصدي للجماعات الإرهابية وغيرها من الميلشيات المختلفة ومراقبة الحدود والشواطئ الليبية لمنع المدد الحربي واللوجيستي عن الجماعات الإرهابية في ليبيا والدعوة إلي الحل السياسي الذي أيدته أمريكا والغرب رغم إثبات فشله في تحقيق الحل الأمني المطلوب تجاه ليبيا لعدم المنطقية والعقلانية فيه لأنه يجمع كل الأطياف الليبية بما فيها التنظيمات الإرهابية وأصحاب التشدد من الجماعات الإسلامية والميلشيات لتكون شريكا في الدولة الليبية الجديدة وهو أمر خارج عن الممكن والمحتمل تصديقه، يحدث ذلك ولا ندري لماذا تصر أمريكا علي تكوين تحالف دولي عسكري لمواجهة داعش وأخوتها في ليبيا علي غرار ما يحدث في العراق وسوريا مما يثبت تورط أمريكا وأوباما في استمرار سيناريو زرع الإرهابيين في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط وأفريقيا مع إجادة وحرفية توزيع الأوار وانتشارها حسب المصالح في أماكن مختلفة وفقا لمخططاتها.