قال الكاتب الأمريكي أندرو جيه باسيفيتش إن للرئيس السابق جورج بوش الإبن في التاريخ مكانة محفوظة حفرها عبر سلسلة من أخطائه الكبري التي لا تمحي. وأضاف باسيفيتش الذي يعمل أستاذا للتاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن - في مقال نشرته مجلة 'سبكتاتور' البريطانية بعنوان: 'أوباما : تشريح حالة فشل ' - أن للرئيس الحالي باراك أوباما هو الآخر أخطاء تثير أسئلة سيقف أمامها المؤرخون طويلا: كيف استطاع أوباما المُحمّل بالتوقعات الضخمة، الخروج بتلك النتائج الهزيلة علي صعيد الشئون الخارجية؟ وكيف آل شعاره 'نعم، نحن نستطيع' بعد ست سنوات في المنصب إلي 'لا، هو لا يستطيع'؟ وأين الخطأ؟ ورأي باسيفيتش أن ثمة إجابات كثيرة علي هذا السؤال أولها وأهمها هي أن كافة الآمال التي بُنيت علي مجيء أوباما في السلطة كانت أوهاما محضة ليس لها أي أساس واقعي. ولفت إلي أن بوش الإبن والوجوه التي جلبها إلي السلطة قبل 8 سنوات تصرفوا كقادة للعالم تبعا لقيادتهم أمريكا، معتقدين أن ذلك حق وواجب بعد خروج دولتهم من الحرب الباردة كقوة عظمي وحيدة منتصرة مهيمنة. وأشار إلي أن الذين تحمسوا لأوباما كرئيس في 2008 لم يختلفوا مع هذا التصرف والفهم من قبل إدارة بوش الإبن كقيادة للعالم وإنما كان اختلافهم علي طريقة تلك القيادة، وقد طالب هؤلاء أوباما بحل ما عقده سابقه من أخطاء: إنهاء حرب العراق وإغلاق جوانتنامو وإنكار التعذيب، علي سبيل المثال لا الحصر، وعوّلوا علي أوباما في استعادة مكانة أمريكا كقائد أوحديّ للعالم واضعين تلك الغاية في صدارة مهامه علي صعيد السياسة الخارجية. ' لكن هذه الآمال المعقودة علي أوباما مبنية في الأساس علي أرضية وهمية ' بحسب باسيفيتش الذي يري أن 'أمريكا لم تخرج منتصرة من الحرب الباردة'، ذلك أن أيا من طرفي تلك الحرب الأساسيين 'الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفياتي' لم يخرج منها سالما وكذلك الذيول والمتفرجون، حتي أعلن السوفيات انسحابهم تاركين الإرث كله لواشنطن في عالم أحادي القطب تعمه الفوضي الواضحة. وعليه، رأي الكاتب أن تلك النتائج المحبطة التي آلت إليها إدارة أوباما علي صعيد السياسة الخارجية سببها الأول هو أن الأمريكيين وبالأخص صفوة الساسة أساؤا فهم الواقع العالمي وبالتبعية الدور المخصص لأمريكا في هذا العالم.. أوباما نفسه وريث لهذا التفسير الخاطئ. للأمور. ثاني الأسباب التي أدت إلي هذا الوضع السيء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حسبما يري صاحب المقال، هو عدم خبرة أوباما الكافية وسذاجته في هذا الصدد، وقال باسيفيتش إن أوباما لدي انتقاله إلي البيت الأبيض كان مؤهلا لإدارة العالم علي نفس القدر من التأهيل الذي تتمتع به نجمة الأفلام الإباحية 'كيم كارداشيان' لإدارة أحد بنوك وول ستريت الاستثمارية الكبري. ونفي الكاتب أن يكون أوباما مرّ بخبرات تؤهله لوضع تصور مميز عن العالم، فضلا عن مجيئه في أوقات تشهد تحديات دبلوماسية ضخمة تتطلب قيادة ذات حنكة وبراعة كتلك التي توفرت في أي من فرانكلين روزفيلت أو دوايت ديفيد أيزينهاور أو ريتشارد نيكسون. ثالث أسباب تدهور الوضع علي صعيد السياسة الخارجية بحسب باسيفيتش هو تواضع قدرات بطانة أوباما، وأكد باسيفيتش أن المعيار هنا ليس النوايا وإنما النتائج، وأشار الكاتب في هذا الصدد إلي أن 'حرب العراق ما أن أعلن أوباما إنهاءها حتي استأنفت رحاها الدوران، كما أن صراع أفغانستان الذي تعهد بالنجاح فيه يتجه إلي الفشل، ومبادرة القاهرة، التي صاحبها زخم كبير ونظر إليها كثيرون باعتبارها بداية جديدة علي صعيد العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي، ها هي انتهت إلي لا شيء، ولسوء الحظ باءت كل محاولات وزير الخارجية جون كيري علي صعيد تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بالفشل، ولم يتم إنجاز شيء ذي بال علي صعيد 'محور آسيا'، أما الحديث عن العلاقة مع روسيا، فلا داعي للخوض فيه، وجوانتنامو لا يزال فاغرا فاه'.