قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن مولد الرسول صلي الله عليه وسلم، كان رحمة للعالمين، وبركةً علي الإنسانية كلها، جاءها هاديا ومنقذا، بعد أن أشرفت علي الزوال، حيث فقد العالم آنذاك نظام الدولة، وهدي الدين، واستبدل بكل ذلك حالة من الفوضي والضياع، وسيطرة القوة، واستباحة حرمات المستضعفين. وأضاف في كلمته التي التي وجهها إلي الأمة بمناسبة عيد المولد النبوي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، أنه في هذا الوسط الموبوء بكل أمراض الحضارة وأدوائها وعللها، بعث محمد بدعوة إلهية، ورسالة حضارية طالت عنان السماء، وعمت أرجاء الكون، فقد استطاع هذا النبي الكريم أن ينقل العالم كله، في فترة وجيزة، من حالة الموت والسكون والركود، إلي حالة الحياة والحركة والنهوض. وتابع أننا بدورنا نفهم ما يقوله علماء التاريخ، انطلاقا من النص القرآني الذي حدد الله فيه الهدف الأسمي من رسالة محمد، وحصرها في غاية واحدة، هي الرحمةُ بالكونِ كله، فقال مخاطبا نبيه: 'وما أَرسلْناك إِلا رحمةً للعالمين'، مضيفا أن الذين يفقهون أساليب القصر في بلاغة اللغة العربية، يعلمون من نص هذه الآية الكريمة، أن رسالته تدور علي محور الرحمة بالإنسان، وهذا ما أكده هو نفسه وهو ينادي الناس، كما كان نعته الذي ينعت به من بين سائر الأنبياء أنه نبي الرحمة. وقال إن نبينا محمد قد أعلن عن كرامة الإنسان وتكريمه وتفضيله علي باقي المخلوقات، بقوله تعالي: 'ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطَّيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا'. وتابع قائلا للرئيس :'نهنئكم ونهنئ أمتنا العربية والإسلامية وشعبَ مصر العزيز بمولد نبي الإنسانية محمد بن عبد الله، ونشد علي أيديكم في جهودكم المخلصة من أجل تحقيق ما تصبو إليه مصر العزيزة ويأمله شعبها العريق من تنمية شاملة لاحت بشائرها منذ توليتم مسؤوليتكم، فامض علي بركة الله، والله معكم يوفقكم وينصركم ويسدد خطاكم'. واستطرد 'إننا إذ نحتفل بصاحب الذكري الخالدة التي خص مصر وشعبها بقوله الشريف: 'اسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا'، وقال في أقباطها: 'اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ'، لا يسعنا إلا أن ندعو الله سبحانه في هذا اليوم المبارك لأمتنا الإسلامية والعربية، أن تتوحد وتجابه خطر الإرهاب بكل صوره وأشكاله، والذي لا شك في أنه إنما نجم وتغذي علي فرقتنا نحن العرب والمسلمين، وعلي تمزيق وَحدتنا وتنازعنا واختلافنا علي أنفسنا. وأكد أنه لا عاصم من شر هذا البلاء، ولا نجاة من خطره إلا بوحدة هذه الأمة وجمع شملها ويقظتها لما يدبر لها من قوي البغي والطغيان، مشددا علي أن الأزهر الشريف بكلياته ومعاهده وهيئاته العلمية إنما يعلمكم عقائد دينكم وشرائعه كما أرادها الله خالصة نقية من تحريف الجاهلين وتضليل المضلين، ويأخذُ بأيديكم إلي طريق مستقيم مجمع عليه، ويُنجِّيكم من كل فكر ضال منحرف غير مختلف عليه.