قال متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية ان سويسرا جمدت اصولا من المحتمل انها مملوكة لحسني مبارك الذي تنحي عن منصب رئيس الجمهورية اليوم الجمعة بعدان حكم مصر 30 عاما. وقال المتحدث لارس نوتشيل بعد وقت قصير من إذعان مبارك لاحتجاجات واسعة في مصر استمرت 18 يوما "يمكنني ان اؤكد ان سويسرا جمدت اصولا محتملة للرئيس المصري السابق بأثر فوري." واضاف قائلا "كنتيجة لهذا الاجراء فإن أي اصول تصبح مجمدة لثلاث سنوات." ولم يذكر حجم الاموال التي يشملها التجميد او مكانها. وقالت الوزارة ان الاصول المملوكة لمعاوني مبارك سيجري استهدافها ايضا من أجل تقييد فرصة نهب اموال عامة. وسيمنع مبارك ومساعديه من بيع او التصرف في ممتلكاته وبصفة خاصة العقارات. وفي السنوات القليلة الماضية سعت سويسرا جاهدة لتحسين الصورة المعروفة عنها كملاذ امان للاموال المشبوهة. وفي اطار هذا المسعي جمدت سويسرا ايضا اصول الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي اطاحت به انتفاضة شعبية الشهر الماضي واصولا مملوكة لرئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران جباجبو الذي يرفض التنحي بعد انتخابات يقول العالم الخارجي انه خسرها. الدكتور عمر كامل الباحث في العلوم السياسية في جامعة لايبزغ الألمانية يتذكر، في حديث مع دويتشة فيله، صورا بثها التلفزيون المصري تعود لسنوات الحكم الأولي لحسني مبارك، كانت قد أخذت له وهو عائد إلي القاهرة بعد سفرية إلي الخارج، حيث اشتري جهاز تلفاز جديد، وأصر علي دفع الرسوم الجمركية رغم كونه يحصل علي راتب ضعيف لا يسمح بدفع مثل هذه المبالغ العالية من الضرائب، حسب ما نقلته الصور وما يتذكره الدكتور عمر كامل. لكن مع مرور السنوات أسدل مبارك وعائلته الستار علي ممتلكاتهم. فهم يعيشون حسب المصادر الرسمية في القصر الرئاسي، كما أنه لا توجد معطيات رسمية دقيقة حول ثروة الرئيس المصري وزوجته سوزان مبارك وإبنيهما جمال وعلاء خلال سنوات حكم مبارك الثلاثين. ويعود ذلك حسب تقدير الخبير المصري أحمد النجار لكون جزء كبير من ثروة عائلة مبارك تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة. وحسب نظره يمكن قياس هذه الثروة من خلال حجم الصفقات والعمليات التي يشارك فيها مبارك وعائلته، مثل شراء ديون مصر والأمور المتعلقة بشراء الأراضي وبعض الأمور الأخري المتعلقة ببرنامج الخصخصة، "لكن يبقي من الصعب تقديم تقديرات دقيقة لحجم ثروة العائلة"، كما يقول النجار. لكن رقم 40 مليار دولار قد يكون صحيحا، كما يتوقع دانييل تيليسكلاف مدير معهد بازل السويسري للحوكمة، وعضو مجلس إدارة منظمة الشفافية الدولية. دانييل تيليسكلاف يبني تقديراته لحجم ثروة عائلة مبارك من خلال الإستدلال بحجم ثروة الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا الذي استطاع خلال فترة حكمه القصيرة من 1993 إلي عام 1998 "من جمع ثروة بلغت ما بين خمسة إلي ستة مليارات دولار. لذا لا استبعد أن يكون في مقدرة رئيس ما أن يجمع مليار دولار في السنة أو أكثر". من أسهل الطرق التي حصل من خلالها أبناء مبارك علي الثروة هو شراء الأراضي التي كانت مخصصة للجيش بأثمان رخيصة للغاية، كما يقول الدكتور عمر كامل. وخير مثال علي ذلك هي المنطقة القريبة من مدينة الإسماعيلية، "والتي كان يعرفها المصريون كصحراء قاحلة، تحولت الآن إلي منطقة اقتصادية مهمة، كما أن أسعار الأراضي في هذه المنطقة ارتفعت بشكل مهول للغاية"، كما يوضح كامل في حديثه لموقعنا. ومن جهة أخري يؤكد الخبير الإقتصادي أحمد النجار، في حديث صحفي خلال تواجده مع المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة، أن ثروة جمال مبارك جمعت من خلال شراء لسندات من ديون مصر في ثمانينيات القرن الماضي. الصفقة التي قدمها الرئيس مبارك آنذاك وكأنها تضحية للوطن، لكون مصر لم يكن في مقدورها دفع مديونيتها، حسب قول أحمد النجار. فديون مصر كانت تباع آنذاك في الأسواق الدولية ب 35% من قيمتها الأصلية، وفقا للنجار؛ "حينها اشتري جمال مبارك هذه القيم المالية لأنه كان متأكدا من الحصول علي 100% من الحكومة، مستغلا في ذلك النفوذ السياسي لوالده. هذه القيم وحدها تخلق جبال من الثروات". وحسب تقارير إعلامية يوجد الجزء الأكبر من ثروة عائلة مبارك خارج البلاد. ويتوقع الخبراء أن تكون سويسرا البلد الذي أدخل إليه أفراد عائلة مبارك أكبر حصة من المبالغ المالية التي يملكونها، خاصة في بنكي يو بس إس وكريديت سويس. لكن هذه المبالغ لا تتجاوزمبلغ 3.8 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يملكه أشخاص مصريي الجنسية في مصارف سويسرية، حسبما نشره البنك المركزي السويسري نهاية العام 2009. وقد رفضت كل من المؤسستين المالييتين يو بس إس وكريديت سويس إعطاء أي معلومات حول حجم الحسابات الخاصة بعائلة مبارك لديها. من جهة أخري يتوقع مراقبون أن يكون أبناء مبارك وزوجته سوزان يملكون ثروات هائلة في بريطانيا لكونهم يحملون جوازات سفر بريطانية. ويكاد يجمع الخبراء علي أن مصير ثروة الرئيس المصري حسني مبارك مرتبط بشكل مباشر بمدي بقائه في السلطة من عدمه. فمادام مبارك رئيسا فإنه لا توجد إمكانية لتجميد ممتلكاته الموجودة خارج مصر أو مصادرة الموجود منها داخل البلاد. الإمكانية الوحيدة المتاحة وفقا دانييل تيليسكلاف مدير معهد بازل السويسري للحوكمة هي أن البنوك الخاصة يمكنها تجميد حساب ما "إذا توفرت لديها شكوك في عدم شرعية اكتساب هذه المبالغ". لكن والكلام مازال تيليسكلاف فإن هذا الأمر يبقي صعبا بالنسبة للحكومات، ما دام مبارك في الحكم، لكون حكومته لم تفقد الإعتراف الدولي بها بعد. ويؤكد الخبير الألماني أن ثروة عائلة مبارك لا يمكن مصادرتها بشكل رسمي إلا إذا قامت حكومة مصرية جديدة بفتح تحقيق قضائي وتقديم أدلة علي كون هذه الثروة قد تم الحصول عليها بطرق غير شرعية.