دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان من جنيف إلي الإستماع لصوت الشعب المصري، وحثت علي ضرورة القيام بتحقيق "شفاف ومحايد" بخصوص من تسبب في أعمال العنف في مصر. في المقابل، يبقي المقترح االداعي إلي عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان "مجرد طلب لمنظمات المجتمع المدني بدعم من المفوضة السامية لحقوق الإنسان". للمرة الثانية في غضون أسبوع، تطرقت المفوضة السامية للتطورات التي تشهدها مصر والمطالبة الشعبية المتصاعدة برحيل نظام الرئيس المصري حسني مبارك وإقرار إصلاحات جذرية لإقامة نظام ديمقراطي واحترام الحقوق والحريات. فقد ذكّرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي في ندوة صحفية عقدتها ظهر الجمعة 4 فبراير في قصر الأمم في جنيف أنها "حذرت الحكومات من ضرورة الاستماع لأصوات شعوبها وان تعمل علي تطبيق التزاماتها في مجال حقوق الإنسان". وقالت السيدة نافي بيلاي: "إن الأنظمة التي تمنع المواطنين من التمتع بحقوقهم الأساسية، والتي تعتمد علي أجهزة الأمن من أجل فرض إرادتها، محكوم عليها بالفشل علي المدي الطويل لأن الإستقرار يقوم علي أساس تطوير احترام حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي". أما عن الوضع في مصر بالخصوص وما آلت إليه المواجهات بعد أعمال العنف التي شهدتها ليلة الخميس 3 فبراير، فقد استخدمت المفوضة السامية لغة غير معهودة للتوضيح بأن "من بين المحرضين علي أعمال العنف التي شهدها قلب القاهرة، اجهزة الأمن المصرية وجهاز المخابرات". وفي نداء "عاجل وواضح وبدون لبس" موجه إلي أجهزة الأمن، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان: "إن علي هذه الأجهزة التي دافعت عن النظام المستبد في مصر لأكثر من 30 سنة أن تتوقف عن تهديد أمن الدولة التي من المفروض أن تدافع عنها". ومع أن المفوضة السامية رحبت باعتذار رئيس الوزراء الجديد وقالت:"إنه الأول من نوعه في تاريخ مصر المعاصر الذي يتم فيه اعتراف السلطات بأنها فشلت في القيام بمهامها المتمثلة في حماية الشعب"، فإنها طالبت بضرورة التحقيق في التجاوزات التي وقعت وأشارت إلي "ضرورة القيام بتحقيق فيما إذا كانت أعمال العنف هذه كان مخططا لها. وإذا كان كذلك فمن قبل من؟"، وشددت المفوضة السامية علي ضرورة أن يتم التحقيق "بطريقة شفافة ومستقلة". في سياق متصل، قالت المفوضة السامية في ندوتها الصحفية: "لقد عشنا في اليومين الماضيين تطورات مخيفة، شملت الهجمات الجسدية، وعمليات التخويف والتهديد، وحالات الإعتقال التعسفي لعشرات الصحفيين في محاولة لعرقلتهم من القيام بمهمتهم في مصر. كما سمعنا عن مضايقات طالت نشطاء حقوق الإنسان ومدافعين دوليين عن حقوق الإنسان... من بينهم أعضاء في منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش..." وطالبت المفوضة السامية "بضرورة الإفراج الفوري واللامشروط عن النشطاء والصحفيين الذين تم إلقاء القبض عليهم أثناء أداء مهامهم". كما طالبت السلطات المصرية "بإرغام أجهزة المخابرات علي وقف هذه المضايقات". ولم تغفل المفوضة السامية موضوع التضييق علي استخدام شبكة الإنترنت ووسائط الإتصال الإجتماعية والهاتف النقال التي لجأت إليها السلطات المصرية للحد من تواصل المحتجين فيما بينهم. فقد حثت السلطات المصرية علي "الإبقاء علي الإستخدام المفتوح لشبكة الإنترنت، وحماية مكاتب وسائل الإعلام، ووضع حد لكل ما من شأنه الحد من وصول المواطن إلي المعلومات بطريقة حرة، مثلما وقع عبر شبكة فودافون من إرسال لدعاية 'لفائدة السلطات' عبر رسائل قصيرة". وانتهت المفوضة السامية الي أن "علي مصر أن تطبق ما تعهدت به في المواثيق الدولية، والعمل علي منع حدوث مزيد من العنف، وحماية المحتجين، حتي من بعضهم البعض". أما فيما يخص أجهزة الأمن، فتري نافي بيلاي أنه "يجب محاسبتها". وفي تدخلها أمام الصحافة الدولية قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان: "إن التغيير قادم لامحالة لمصر مثلما وقع في تونس"، وهذا قبل أن تحذر من لم يرغب في استباق الأحداث ويدخل الإصلاحات بدون تدمير أو عنف. إذ قالت السيدة نافي بيلاي "إن علي الدول أن تستمع لشعوبها وأن تشرع علي الفور في إصلاح ما يجب إصلاحه في مجال احترام حقوق الإنسان". وبالنسبة لمن لا يرغب في التحرك قبل فوات الأوان، قالت المفوضة السامية "لقد استقينا من المثل التونسي والمصري.. بأن الدول لا ترغب في التحرك لإدخال الإصلاحات بالسرعة المطلوبة وبالقدر المطلوب. وها نحن نري اليوم كيف أن سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبالطبع مناطق أخري من العالم، يبدون تعطشا كبيرا لحقوق الإنسان". واختتمت بالتأكيد علي أن "الدول التي لا تعير اهتماما لهذه الإشارات الواضحة إنما تعرض نفسها للخطر" في نهاية المطاف.